تنظم الوكالة الجزائرية للإشعاع الثقافي بعد غد الخميس بقاعة ”ابن زيدون”، عرض ”سماع الندى” المفعم بالأحلام والأحاسيس الوجدانية الصافية. سيكون التراث سيد العرض، حيث ستوظف كنوزه بالحكاية والغناء لتمتد الجسور إلى الخلف نحو زمن جميل وأصيل ومشترك بين أبناء منطقتنا المغاربية. ”سماع الندى” ومضات من حكايات وأغاني المغرب العربي الكبير، حيث تجتمع عل منصة العرض الكثير من الطاقات الفنية التي تملك قدرات هائلة لتقديم هذا التراث العريق، ومن المشاركين الحكواتية سهام كنوش التي سترافقها كوكبة من الموسيقيين والمغنيين، إذ سيصدح هؤلاء بالقصائد والأشعار والحكايا ومختلف الأساطير، تسمح بإعطاء فسحة أخرى من السماع والإصغاء ليعاد اكتشاف ”حيزية”، ”أبابا ينوفا”وغيرها من الروائع، هكذا ستحكي سهام القصيدة ليرددها المغني غناء. من الصاعدين إلى الخشبة؛ سهام كنوش الحكواتية التي برزت في سماء مسرحنا وتحديدا في الحكاية الشعبية من خلال ”القوال”، ستقف بجوار فنانين ذوو طبوع غنائية مختلفة، منهم المختصون في السماع الصوفي والموسيقى الروحية من الجزائر، تونس والمغرب، في قيادة المايسترو كمال معطي الذي سيتكفل بإدارة الأصوات والموسيقى في تناغم وتكامل، علما أن الكوكبة تضم الكثير، وهم الفنان التونسي محمد جبالي، حياة بوخرص من مكناس المغربية، جلول مرقة من أدرار، سالم إدير من تيزي وزو، عباس ريغي من قسنطينة ومهدي طماش من العاصمة. يؤدي الجميع أغان من التراث ويمنحونها الصدارة من خلال تقديم أشعار مشتركة تمثل مكنونات التراث المغاربي الممتد دون حواجز. يحمل العرض وراء هذا القصيد المتناغم والمفتوح أسطورة تستوجب الإصغاء، تحيا من خلالها الراحلة ”حيزية” ويعود بها ”ينوفا” من أدغال غابته الموحشة. للفنانة سهام قدراتها الخاصة في الحكاية، ورثتها من جدتيها اللتان أجادتا رواية التراث وتصويره بالكلمة، حيث تعلمت ذلك بفضل حاسة الإصغاء. سهام كنوش عرفت بالحكايا عبر أثير محطة قسنطينة الإذاعية، وباجتهادها في جمع القصص الشفوية المنتشرة هنا وهناك بمختلف أرجاء الجزائر، نفس الإهتمام توليه للقصائد من باب قناعتها أن وراء كل قصيدة قصة حقيقية أوخيالية لابد أن تتوارثها الأجيال المتعاقبة ليس فقط في الجزائر بل في كل منطقتنا المغاربية. ستكون قصة ”حيزية” من شواهد تراثنا الحاضرة في هذه المناسبة، هذه القصة العاطفية البدوية من القرن ال 19 التي حكاها أبناء سيدي خالد، تشبه قصص العذريين في التراث العربي القديم، لها نواتها التاريخية الحقيقية، سردها الرواة بأشكال مختلفة، مما جعل القصة تتأرجح بين حد الواقع والخيال، لكن أهم سردين للقصة كان أولهما للشاعرين بن قيطون باللهجة العامية سنة 1878، حيث دخل الذاكرة الشعبية الجزائرية، ثم المغاربية والثانية للشاعر الفلسطيني عز الدين المناصرة سنة 1986 التي دخل بها الفضاء العربي والعالمي. الحكاية الأخرى المتوغلة في الذاكرة عبر قرون وقرون هي ”فافا ينوفا” التي تحكي قصة ”ينوفا” الرجل الذي نفاه أهل قريته إلى غابة الوحوش والغول الكبير استطاع فيها أن يحصن نفسه في بيت كانت ابنته ”غريبا” تتردد عليه كي تحمل له الزاد، مستغلة حليها الفضية وصوتها الجميل كي تعرف نفسها لأبيها في كل مرة تأتي إلى أن استعانت بالثعبان كي تتخلص من الغول. هذا التراث الجميل ستؤديه أصوات جميلة منه الضيفان الفنان التونسي المعروف محمد جبالي صاحب السبع ألبومات، سبق له أن أدى التراث المغاربي وتغنى به في الجزائر، كذلك الحال مع الفنانة المغربية حياة بوخرص التي تسمى في مكناس ب ”شادية التراث”، ظلت ملتزمة بهذا التراث بمختلف مشاربه دون سواه من الطبوع والأنواع الغنائية.