يبدو أن المغربيين الذين تعرضوا لشتى أنواع التعذيب على يد مدير جهاز المخابرات المغربي، عبد اللطيف حموشي، لا يريدون رمي المنشفة في منتصف معركتهم لاستعادة حقوقهم التي أهدرتها العدالة المغربية وهم يصرون على الاقتصاص منه أمام العدالة الفرنسية. ويواصل هؤلاء مسعاهم رغم التودد غير المفهوم الذي شرعت فيه السلطات الفرنسية تجاه الرباط لطي صفحة الخلاف الدبلوماسي الناشب بينهما على خلفية تداعيات هذه القضية. وحتى لا تطمس قضية المغاربة الذين انتهكت حقوقهم في سياق الحسابات السياسية بين باريس والرباط فقد ارتأى بطل العالم السابق في لعبة الملاكمة التايلاندية، زكريا مومني، في رسالة إشهاد بعث بها إلى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند على كم الانتهاكات والتعذيب الذي تعرض له في زنزانات مقر المخابرات المغربية وبمشاركة مديرها عبد اللطيف حموشي. وطالب مومني الحامل أيضا للجنسية الفرنسية في رسالته إلى الرئيس فرانسوا هولاند بفتح “تحقيق معمق ومستقل ومحايد” في هذه القضية. ويأتي تحرك المواطن المغربي الذي رفع دعوى قضائية ضد حموشي بتعذيبه بعد اتهامين مماثلين رفعهما الناشط الحقوقي الصحراوي نعمة أسفاري والمنظمة الحقوقية المسيحية غير الحكومية الفرنسية المناهضة للتعذيب بمناسبة تواجد حموشي بالعاصمة الفرنسية. وأثار ذلك سخط الرباط التي افتعلت أزمة دبلوماسية مع باريس على خلفية الاستدعاء الذي وجهه وكيل الجمهورية الفرنسي للمسؤول الأمني المغربي عن طريق السفارة المغربية في فرنسا وهو ما اعتبرته السلطات المغربية بأنه انتهاك لقواعد الممارسة الدبلوماسية. وكشف مومني في رسالته عن اتهامات خطيرة تورط الملك المغربي محمد السادس عندما أكد أن جلاديه وطيلة أربعة أيام داخل مقر المخابرات ما انفكوا يؤكدون له “أنت هنا في مذبح جلالته ونحن لا نتبع لا وزارة الداخلية ولا العدل وأننا نعمل مباشرة تحت إمرة الملك وهذه هي أوامره” في تلميح بأنه لا أحد بإمكانه مقاضاتهم أمام العدالة. وكان بطل العالم في الملاكمة التايلاندية اعتقل سنة 2010 بمطار العاصمة الرباط بتهمة الإدلاء بتصريحات مطالبة بحقوقه واتهامه للقصر الملكي”، مما جعله يدفع ثمن ذلك بثلاثين شهرا سجنا نافذا قبل أن يستفيد من عفو ملكي في قضية قال إنها حيكت ضده داخل زنزانات جهاز المخابرات. ورغم فضح تلك الممارسات التي ما انفكت السلطات المغربية تنفي وقوعها فإنه لا يستبعد أن تنتهي هذه الدعاوى القضائية إلى طي النسيان تحت طائلة مبدأ “المصلحة العليا للدولة الفرنسية” بدليل إيفاد باريس لوزيرها المنتدب للمدينة فرانسوا لامي الى الرباط في أول زيارة لمسؤول فرنسي إلى المغرب منذ بدء الضجة التي افتعلها هذا البلد بخصوص الاستدعاء الذي تلقاه مدير جهاز مخابراتها من طرف قاضي التحقيق على أيدي عناصر الشرطة واعتبرته إهانة لسيادتها.