تعرف مبيعات الصالون الدولي للسيارات، الذي تجري فعالياته بالعاصمة، انخفاضا مقارنة بالسنوات الأخيرة التي صُنفت كسنوات مرجعية بفضل الزيادات في الأجور، حيث أرجع الوكلاء المعتمدون لتسويق السيارات هذا الانخفاض، الذي يتراوح ما بين 30 و50 بالمائة، إلى تفضيل المواطنين توجيه مدخراتهم المالية لاقتناء سكنات بعد إقرار صيغة سكنات البيع بالإيجار وغيرها من الصيغ. وبالرغم من الحملات الترويجية والتخفيضات المغرية التي يقوم بها معظم الوكلاء المشاركين في الصالون، الذي تدوم فعالياته إلى غاية 22 من الشهر الجاري، فإن الحصيلة الأولية للمبيعات بعد خمسة أيام من انطلاق الصالون، تبقى منخفضة إذا ما قارناها بحصيلة السنة الماضية والسنوات السابقة في انتظار ما ستأتي به الأيام المقبلة. وأكد المتعاملون في سوق السيارات أن هذا الانخفاض له علاقة مباشرة بعودة صيغة بيع السكنات بالإيجار والسكنات الترقوية، التي أعلنت عنها الحكومة في الأشهر الماضية، والتي سُجل فيها الملايين من المواطنين الراغبين في الحصول على سكنات، بعد أن كان البعض ينتظرون صالون السيارات لاقتناء سيارة، غير أن الإعلان عن منح سكنات جعل العديد من هؤلاء المواطنين يتراجعون عن قرار شراء سيارات، ويفضلون توجيه ادخارهم لاقتناء سكنات كأولوية، الأمر الذي جعل مبيعات الصالون هذه المرة تنخفض مقارنة بالسنوات السابقة، التي ظل فيها المواطن ينتظر سنة كاملة لاقتناء سيارة في هذا الموعد الاقتصادي، للاستفادة من التخفيضات والعروض المغرية التي يقدمها الوكلاء المتنافسون على تسويق أكبر عدد ممكن من السيارات خلال عشرة أيام. ومن بين الأسباب الرئيسة أيضا لتراجع هذه المبيعات، القرار الذي خرج به اجتماع الثلاثية نهاية شهر فيفري، والقاضي بعودة القروض الاستهلاكية بعد صدور قانون المالية التكميلي أو قانون المالية لسنة 2015، الذي سيستفيد منه المواطنون الراغبون في اقتناء سيارات مصنعة في الجزائر بعد الشروع في تسويق سيارات مصنع "رونو"، وهو ما جعل بعض المواطنين يتريثون في شراء سيارات بالاستفادة من هذه القروض واستثمار أموالهم في أمور أخرى ذات أولوية. كما يُرجع بعض وكلاء السيارات انخفاض هذه المبيعات إلى الزيادات في الأجور وما ترتب عنها من مخلفات مالية في السنتين الأخيرتين، إذ قام معظم المستفيدين منها بشراء سيارات في سنتي 2012 و 2013 ولم يعودوا في حاجة إلى اقتناء سيارات هذه المرة؛ كون سياراتهم لاتزال جديدة. وبعد السنوات الذهبية التي انتعشت فيها سوق السيارات، التي لم تتأثر لا بتوقيف القروض الاستهلاكية، التي كانت موجهة لشراء سيارات في 2008، ولا بفرض ضريبة إجبارية على السيارات الجديدة في 2009، تعرف المبيعات هذه السنة انخفاضا ملحوظا خاصة بعد تسجيل انخفاض في واردات السيارات بنسبة 50 بالمائة خلال شهر جانفي الماضي، ليشمل 23682 وحدة مقارنة بنفس الشهر من السنة الماضية، وهي الفترة التي استوردت فيها الجزائر 47858 سيارة. ولتدارك هذا الانخفاض، وجّه الوكلاء المعتمدون سياساتهم التجارية نحو العروض المغرية لجلب الزبائن، فإلى جانب التخفيضات التي تصل أحيانا إلى 35 ألف دينار على السيارات الفخمة، يلتزم الوكلاء بتقليص آجال التسليم وتمديد مدة الضمان والتكفل بدفع ثمن الضريبة التي تُفرض على السيارات الجديدة، والتي يحتسبها عادة الوكلاء مع السعر الإجمالي للسيارة، على أن يقتطعوها فيما بعد ويدفعوها لمديرية الضرائب، حيث يلتزم بعض الوكلاء خلال الصالون لجلب الزبائن، بدفع هذه الضريبة الخاصة بالسيارات المتواضعة المسوَّقة بأسعار غير مرتفعة. وأمام كل هذا، يبقى العديد من الوكلاء متفائلين بما ستأتي به الأيام المقبلة للصالون قبل اختتامه، حيث يتوقع البعض أن تتضاعف المبيعات في الأيام الأخيرة؛ كون بعض الزوار يفضلون الشراء بعد زيارة كل أجنحة الصالون والاطلاع على كل ما يُعرض فيه، في حين يتوقع البعض الآخر توافد زوار آخرين لم يأتوا بعد لارتباطات لها علاقة بتمدرس أبنائهم؛ كون الصالون تزامن مع فترة الاختبارات، وبالتالي فهم ينتظرون مرور هذه الفترة لزيارة الصالون في راحة، ناهيك عن سوء الأحوال الجوية وتساقط كميات معتبرة من الأمطار على بعض الولايات، والتي لم تمكن بعض المواطنين الذين برمجوا عطلة نهاية الأسبوع لزيارة الصالون، من التنقل إلى العاصمة.