المتتبع لصناعة الإسمنت بالجزائر، يلاحظ تطورا ملحوظا في هذا المجال، فإذا رجعنا إلى سنة 2003 فإن كمية الإسمنت المنتجة من طرف الإثني عشر مصنعا عموميا قد قدرت ب 8.2 ملايين طن، لترتفع إلى حوالي 9.5 ملايين طن سنة 2004، و10.4مليون طن سنة 2005 ، 10.8 ملايين طن سنة 2006، ليصل حجم الإنتاج نهاية سنة 2007 إلى 11.6 مليون طن. وتعتمد شركات الإسمنت الوطنية على رفع مستوى طاقتها الإنتاجية بتحديث وعصرنة وسائل الإنتاج وتكوين كفاءاتها البشرية لمباشرة استثمارات ضخمة في قطاع الإسمنت خاصة أن الطلب متزايد باستمرار على هذه المادة نظرا للمشاريع الكبرى قيد الإنجاز على المستوى الوطني. ومن المؤكد أن قرار مجلس مساهمات الدولة، بفتح الرأسمال الاجتماعي لشركات الإسمنت العمومية بالتنازل الجزئي عن نسبة 35 للشركاء الأجانب، له الفضل في تثمين الشراكة الأجنبية في صناعة الإسمنت، هذا القطاع الإستراتيجي الذي سيستفيد حتما من خبرة الشركات العالمية. وفي هذا الإطار، فقد أبرمت شركة تسيير المساهمات "صناعة الإسمنت" يوم 21 جوان 2008 عقد إدارة وفتح رأسمال مصنع الإسمنت للمتيحة (مفتاح) لمجمع الإسمنت ومشتقاته للوسط(ERCC) لفائدة المجمع الفرنسي "لافارج" المصنف عالميا في مقدمة الشركات العملاقة لمواد البناء. وتخص هذه العملية التنازل عن نسبة 35 من الرأسمال الاجتماعي للمصنع للشريك الفرنسي مقابل 43.5 مليون أورووفق اتفاق تسيير مدته 10 سنوات ويمكن أن يمتد إلى 15 سنة، ومن المنتظر أن يصل إنتاج المصنع حوالي 1.1 مليون طن سنة 2010 ، إذ يتركز مشروع الاستثمار على وضع وسائل تقنية وتكنولوجية مناسبة لإعادة تأهيل المصنع ، المحافظة على اليد العاملة وتكوينها في المجال التقني، احترام المعايير البيئية المعمول بها عالميا والحرص على تزويد السوق الوطنية للإنتاج بالدرجة الأولى، للإشارة فإن المجمع الفرنسي "لافارج" الأول عالميا ينتج حوالي 280 مليون طن سنويا وهو متمركز في 76 دولة، هذا الأخير يدخل السوق الجزائري بقوة بعد شرائه كل من مصنع أوراسكوم بالمسيلة الذي ينتج لوحده 4 ملايين طن سنويا وكذا مصنع السيق الذي ينتج 02 مليون طن ونصف مليون طن من الإسمنت الأبيض. وقد سبق وأن عقدت "شركة تسيير المساهمات لصناعة الإسمنت" اتفاقيات شراكة مع شركات عالمية للإسمنت، بفتح رأسمال مصنعي مجمع الغرب للإسمنت(ERCO) ،"بني صاف " لفائدة شركة فرعون للاستثمار" و"زهانة" لفائدة "الشركة المصرية أسيك" التي فازت أيضا بمشروع بناء مصنع الإسمنت للجلفة، حيث انطلقت رسميا في إنجازه شهر جانفي الماضي وسيعمل المصنع بطاقة إنتاج تصل إلى 3 ملايين طن سنويا وسيوفر 2000 منصب شغل في فترة إنجازه وحوالي 1500 منصب شغل عندما يتم الشروع في تشغيله في ديسمبر 2010 وقد أوكلت مهمة إنجاز مصنع "عين البل" بالجلفة لشركة "أف. أل.أس" الدانماركية. أما مصنع الإسمنت "حجار السود" لمجمع الإسمنت للشرق ((ERCE ومصنع سور الغزلان لمجمع الإسمنت للوسط (ERCC) فقد تم التنازل عن 35 من رأسمالهما للشركة الإيطالية "بوزي يونيسم" والمصنفة في المرتبة السابعة عالميا كما سيفتح مستقبلا رأسمال شركات مجمع الإسمنت للشرق ERCE والمتمثلة في مصانع عين توتة ، تبسة وحامة بوزيان. ومن المتوقع أن الشراكة الجزائرية الأجنبية في مجال صناعة الإسمنت، تعتبر خطوة إيجابية وتجربة ناجحة دون شك ستسمح بتحقيق الاكتفاء في السوق الوطنية وفتح مجال التصدير إلى الخارج، ليصبح هذا القطاع الإستراتيجي أقوى عمود للإقتصاد الوطني بعد قطاع المحروقات.