خصصت جريدة لوموند الفرنسية إفتتاحيتها ، لمسألة زحف آلاف المهاجرين غير النظاميين من شمال المغرب نحو سبتة الإسبانية بإيعاز من السلطات المغربية وشددت على أنه قد حان الوقت للخروج من نظرة السذاجة للمغرب وتجاهل حقيقته كنظام متسلط ومقلق. وأشارت جريدة لوموند الفرنسية, إلى أن ما يحدث يعد "أزمة هجرة جديدة على الطرف الجنوبي من أوروبا" بعد ان تعمدت السلطات المغربية إلى ذلك بغرض إبتزاز إسبانيا في إطار الحملة التي شنتها منذ قرابة شهر بسبب إستقبال مدريد على أراضيها للرئيس الصحراوي إبراهيم غالي قصد العلاج. واعتبر كاتب الافتتاحية أن "تصاعد التوتر في سبتة يدعو للقلق, سيما وأنه يقع أمام الأعين السلبية للشرطة المغربية, التي سمحت لقرابة 8000 مغربي غالبيتهم من الشباب للتسلل إلى داخل الجيب الإسباني من الساحل الشمالي بشمال غرب افريقيا منذ بداية الأسبوع". وأشارت لوموند أن الضغط المغربي هذا تلاشى يوم الخميس 20 مايو, بعد طرد السلطات الإسبانية ل 6500 من هؤلاء المهاجرين إلى المغرب, موضحة بأن هذه الحلقة الجديدة من الضغط المغربي سيكون لها تأثير على العلاقات بين الرباطومدريد وأيضا الإتحاد الأوروبي. وتحدث المقال ايضا على أن هذه الأزمة قد تسببت فيها السلطات المغربية التي مهدت الطريق إلى سبتة لشباب يعاني من ضائقة إجتماعية, وهو ما وصفته إسبانيا على لسان وزيرة الدفاع ب "عدوان" و "إبتزاز" من قبل الرباط ضد مدريد. وبحسب الجريدة الفرنسية الذائعة الصيت, فقد شكل موقف الرباط هذا "سابقة مؤسفة" كون أوروبا لم تكن تتوقع من النظام المغربي أن يذهب الى إستخدام سلاح الهجرة للضغط على أوروبا وإبتزازها. كما أوضحت بأن أصل الأزمة معروف جيدا, حيث ترى الرباط أن نقل إبراهيم غالي, زعيم جبهة البوليساريو التي تناضل من أجل إستقلال الصحراء الغربية إلى التراب الإسباني "خطوة معادية غير مقبولة" وبأن الدواعي الإنسانية التي قدمتها مدريد إعتبرت "غير مقبولة في الرباط" التي وعدت أن يكون لهذا القرار عواقب وخيمة وقد جاء في شكل موجة الهجرة الموجهة نحو سبتة الإسبانية. وإلى ذلك كشفت لوموند أن الإستفزازات المغربية "تصاعدت" مؤخرا منذ صفقة دونالد ترامب بين المغرب والكيان الصهيوني وهو ما وصفته ب "الرهان المحفوف بالمخاطر". واشارت الجريدة "إلى أن مشاهد المراهقين وحتى الأطفال الذين يخاطرون بحياتهم في مياه سبتة بتواطؤ الشرطة المغربية زادت من تدهور سمعة المغرب دوليا, كيف لا وهي مستعدة للتضحية ببرودة بشبابها على مذبح مصالحها الدبلوماسية, كما عرت الهشاشة الإجتماعية التي تعيش فيها فئات كبيرة من السكان في الوقت يتباهى به البعض في باريس وأماكن أخرى بالمغرب". ووصفت لوموند الفرنسية ما قام به المغرب ب "التصرف الإستبدادي" الذي حان الوقت للخروج من بعض السذاجة في النظرة المستقبلية للمغرب, ك "بوابة إلى غرب إفريقيا, وبلد الإسلام المستنير والتعاون الأمني والهجرة". ودعت في السياق الى "النظر إلى الواقع الذي يعكس حقيقة وجود نظام سلطوي مقلق كما يتضح من خلال سجن الصحفيين والمثقفين الناقدين والمخاطرة والإستهزاء بحياتهم, على غرار حالة الصحفي سليمان الريسوني الذي يخوض الآن إضرابا عن الطعام". هذا وخلصت الصحيفة الفرنسية في ختام إفتتاحيتها بعبارة "بإسم الصداقة حان الوقت لكي يرسل الأوروبيون إشارة إلى المغرب بأن قروضه في الخارج قد تضررت وأن الدفاع عن مصالحه يجب ألا يعفيه من معاملة مواطنيه وجيرانه معاملة لائقة". المغرب يستخدم الهجرة غير النظامية لفرض سيادته المزعومة على الصحراء الغربية إتهم نائب رئيس كتلة حزب الاتحاد المسيحي بالبوتستانغ (حزب ميركل الحاكم) السيد ثورستن فراي، المغرب بممارسة ضغوط على إسبانيا من خلال إستغلال ورقة الهجرة غير الشرعية، لفرض الاعتراف بالسيادة المزعومة على الصحراء الغربية، في ضوء أزمة اللاجئين التي وصفتها مدريد ب "الخطيرة" إثر وصول اكثر من ثمانية آلاف مهاجر مغربي الى الجيب الاسباني بسبتة بشمال غرب افريقيا. وقال فراي في تصريح لجريدة راينيشا بوست, الالمانية, في عددها الصادر الجمعة "إننا نشهد حاليا مأساة مماثلة لتلك التي شهدناها في الربيع الماضي على الحدود التركية اليونانية: يتم نشر المهاجرين بطريقة ممنهجة لتحقيق أهداف السياسة الخارجية". وعليه يضيف ثورستن, فقد "تعمدت الرباط على ترك الحدود مفتوحة من أجل ممارسة الضغط على الاتحاد الاوروبي ومحاولة فرض الاعتراف بسيادته المزعومة على الصحراء الغربية". وتأسف فراي لهذه الخطوة قائلا إنها "تحط من قيمة البشر باعتبارهم لعبة خدمة لأهداف سياسية", معربا في الوقت ذاته عن "قلقه" من انتقال اللاجئين إلى ألمانيا. وأضاف في السياق أن "العدد المنخفض نسبيا للأشخاص الذين دخلوا ألمانيا في الأشهر الأخيرة لا ينبغي أن يجعلنا نشعر بالأمان". وحذر من ان "الأحداث حول سبتة تظهر أيضا مدى هشاشة الوضع" في المنطقة. للإشارة تشهد العلاقات الالمانية المغربية مؤخرا "توترا" بعد ان استدعت المملكة المغربية منذ أيام, سفيرتها لدى ألمانيا للتشاور, بسبب موقفها من القضية الصحراوية, و انتقادها "اللاذع" لتغريدة الرئيس الامريكي السابق, دولاند ترامب, حول اعترافه بالسيادة الوهمية للمغرب على الصحراء الغربية, و هذا بعدما قطع كل علاقاته مع السفارة الألمانية في الرباط. كما تعرف العلاقات المغربية الاسبانية, من جهتها تأزما لا سيما مع موجة المهاجرين غير الشرعيين الذين يستخدمهم المغرب لابتزاز الجارة الاوروبية بسبب مواقفها من مسألة النزاع في الصحراء الغربية. وكانت وزارة الخارجية الإسبانية قد استدعت السفيرة المغربية في مدريد كريمة بنيعيش "على وجه السرعة" على خلفية دخول آلاف المغربيين من بينهم قصر, بشكل غير قانوني الى مدينة سبتة منذ ليلة الاثنين الماضي. و أعلن وزير الداخلية الإسباني, فرناندو غراندي-مارلاسكا, أن إسبانيا أعادت للمغرب أكثر من 6500 مهاجر من بين نحو 8 آلاف دخلوا "سبتة" خلال هذا الأسبوع مضيفا بالقول إن "الوضع طبيعي الآن مقارنة بالأيام السابقة.. يصعب تصور أن بادرة إنسانية تفجر وضعا مثل الأزمة في سبتة" في إشارة لاستقبال إسبانيا للرئيس الصحراوي, إبراهيم غالي, لأجل العلاج. و في ذات السياق, شدد رئيس الوزراء الاسباني بيدرو سانشيز, على أن "الحكومة الإسبانية ستدافع عن وحدة أراضي إسبانيا, وعن حدودها التي تعتبر أيضا حدودا للاتحاد الأوروبي بالتعاون من شركائها الأوروبيين". من جهتها, اتهمت وزيرة الدفاع الإسبانية مارغريتا روبليس, المغرب ب "الاعتداء" و"الابتزاز", بعدم اجتياح مدينة سبتة من قبل سيل من المهاجرين المغاربة. و دخلت المفوضية الأوروبية على الخط, حيث اعتبرت المفوضة الأوروبية للشؤون الداخلية, اييفا جوهانسون , أن تدفق المهاجرين المغاربة الى سبتة أمر "مقلق", داعية المغرب, إلى مواصلة "منع العبور غير القانوني للمهاجرين" من أراضيه. و شددت على أن الحدود الإسبانية "هي حدود أوروبا, لذلك من اللازم إعادة الأشخاص الذين لا يحق لهم البقاء في سبتة".