إنطلقت أشغال الإجتماع الثاني للجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية امس الاثنين بوهران في جلسة مغلقة بحضور وفدي البلدين اللذين يقودهما وزراء الشؤون الخارجية والصناعة. وسيكون انعقاد اجتماع اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية والاجتماع المقبل للجنة الحكومية العالية المستوى فرصتين مواتيتين لإعطاء "دفع إضافي" للتعاون الجزائري الفرنسي حسبما ذكره الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في الرسالة التي وجهها لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة إحياء الذكرى الستين لاندلاع ثورة الفاتح من نوفمبر 1954. يذكر أن اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية واللجنة الحكومية العالية المستوى تم إنشاؤهما تبعا لإرادة الرئيسين عبد العزيز بوتفليقة وفرانسوا هولاند المعبر عنها في تصريح الجزائر ل 19 ديسمبر 2012 الذي توج بزيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي للجزائر. وقد تم تنصيب اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية في 28 مايو 2013 عقب زيارة الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند في سنة 2012. وهي أداة تسمح بتعزيز العلاقات الاقتصادية والصناعية و التجارية الجزائرية الفرنسية. وتسمح هذه اللجنة أيضا بتقييم تقدم المشاريع المنفذة في إطار التعاون بين البلدين كما تمثل هيئة جديدة للحوار العالي المستوى بين البلدين حول مختلف جوانب العلاقات الاقتصادية الثنائية. وتهدف اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية إلى دفع العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال خلق شراكة صناعية جديدة. وقد كلفت اللجنة الاقتصادية المشتركة الجزائرية-الفرنسية مباشرة بعد إنشائها بالتدخل لتسهيل الشراكة الاقتصادية بين المتعاملين الجزائريين والفرنسيين. وتقوم أيضا بدور تسوية النزاعات وذلك قصد السماح بتقدم المشاريع المنجزة في إطار هذه الشراكة. وتمثل هذه اللجنة أيضا فضاء للقاء والمحادثات لإعداد أولويات واحتياجات الاستثمارات التي يعتزم انجازها معا المتعاملون الجزائريون والفرنسيون. أضحت مسالة إعطاء دينامكية الاستثمار وتطويرالشراكة في صلب العلاقات الجزائرية الفرنسية . فمع تطهير مناخ الأعمال أصبحت الجزائر بلدا جد جذاب للشركات الفرنسية كما أشارت إليه السلطات العمومية في عدة مناسبات. وأكد سفير فرنسا في الجزائر السيد برنارد إيميي خلال زيارته الأخيرة إلى وهران أن التنمية الاقتصادية توجد في صميم مهمته بالجزائر وأن تعزيز الشراكة يعد"أولوية إستراتيجية". وأبدى الدبلوماسي الفرنسي رغبة بلاده في "استعادة مكانتها كأول شريك" معتبرابأن الشراكة الاقتصادية الجزائرية الفرنسية هي دون مستوى التطلعات والبلدين يعملان على إيجاد سبل ووسائل تعزيز التعاون وإنعاش الأعمال. وقد تم تحديد إتجاه هذه العلاقات في ديسمبر 2012 عند زيارة الدولة التي قام بها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى الجزائر. وبالنسبة للسيد برنارد ايميي فإن الأمر يتعلق بالبناء ومواصلة تثمير الشراكة الإستراتيجية القائمة بين فرنساوالجزائر. وبلغت التبادلات بين البلدين 10 مليار يورو في العام المنصرم. وتعد فرنسا أول مستثمر أجنبي خارج المحروقات وتتموقع كأول مستحدث أجنبي للوظائف في الجزائر. وفي هذا الإطار تتواجد 450 مؤسسة فرنسية في الجزائر وقد استحدثت زهاء 40.000 منصب شغل مباشر والآلاف من الوظائف غير المباشرة. وتعكس مشاريع عدة هذا التعاون الاقتصادي بين البلدين ولعل مصنع إنتاج سيارة "رونو" بوادي تليلات يشكل أحسن مثال لهذه الشراكة التي يود الفرنسيون تطويرها. ويتيح هذا المشروع تكثيف النسيج الصناعي. وعلاوة على ذلك أثبتت الجزائر عزمها القوي على إنعاش صناعتها. ويسمح هذا النوع من الصناعة أيضا بنقل التكنولوجيا وتطوير شبكة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إطار المناولة المتاحة حول مصنع رونو. وسيسمح المشروع بخلق حوالي 1200 منصب شغل والآلاف من المناصب غير المباشرة. كما أن أمثلة أخرى تدعم هذه الرؤية. و يتعلق الأمر بمصنع سانوفي بسيدي عبد الله (الجزائر العاصمة) وألستوم في عنابة. وتجدر الإشارة إلى التواجد في الجزائر للعديد من الشركات البارزة للصناعة الفرنسية التي تنشط في إطار الشراكة بما في ذلك مصنع لافارج بعقاز (معسكر) والفير سانت غوبان (وهران) فضلا عن العديد من اتفاقيات التعاون بين جامعة السانيا لوهران والجامعات الفرنسية. ومن جهة أخرى يجري تجسيد مشروع لتنمية شعبة الحليب بالجزائر مع مؤسسة بروتان أنترنسيونال للتجارة على مستوى ولايات سوق أهراس والبليدة وغليزان. وقد وصفت النتائج المحققة ب "المرضية" في مجال إنتاج الحليب وتطوير تربية الأبقار ونقل التكنولوجيا والتكوين. وخلال زيارته إلى باريس مؤخرا أعرب وزير الصناعة والمناجم السيد عبد السلام بوشوارب ونظيره الفرنسي السيد إيمانويل مكرون عن أملهما في العمل على تقدم مشاريع الإستثمار خصوصا في قطاعات البناء والأشغال العمومية والنقل والطاقة والصحة والصناعة الغذائية. ومن ناحية ثانية وفي إطار اللجنة الإقتصادية المشتركة الجزائرية الفرنسية ومتابعة جميع مشاريع الشراكة في مختلف قطاعات الإقتصاد والتربية والتكوين سواء التي تم الإنتهاء منها أو في طور التجسيد تم تحديد زهاء ستين مشروعا صناعيا تغطي كافة المجالات لا سيما فيما يتعلق المناولة في الصناعة الكهربائية والصناعة التحويلية وصناعة السفن والصناعة الغذائية والبناء والأشغال العمومية والإلكترونيك وغيرها. وقد أشار السيد عمار بن يونس عندما كان يشغل منصب وزير التنمية الصناعية وترقية الإستثمار في ديسمبر 2013 أن "الجزائر أصبحت بلدا جد جذاب للمؤسسات الفرنسية وهذا راجع لعدة أسباب: فالجزائر هو البلد الوحيد المستقر سياسيا بالمنطقة مع مؤشرات حسنة للإقتصاد الكلي كما أنها سددت كل ديونها الخارجية وتتوفر على قدرة شرائية وسوق هامة". كما أكد أيضا بهذه المناسبة إلتزام رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة والمسؤولين في مختلف المستويات على "تطهير مناخ الأعمال" بالبلاد. وقد عبر العديد من المسؤولين السياسيين ورجال الأعمال الفرنسيين في عدة مناسبات عن تفضيلهم للسوق الجزائرية. ويرى الشريكان ان العلاقات التجارية لا تكفي حيث يسعيان الى خلق إنسجام وديناميكية للإستثمار المنتج في عدة قطاعات. ومن بين المجالات التي تثير إهتمام المتعاملين الفرنسيين يمكن ذكر الميكانيك والكيمياء والصناعة الغذائية والصحة وإنتاج الأدوية.