في ظل الأحداث المتسارعة التي تشهدها الساحة التونسية والحصار الإعلامي الذي تعرفه تونس اختلف تعامل وسائل الإعلام العربية والعالمية مع تغطية هذا الحدث التاريخ والمفصلي لتونس والمنطقة. الفايسبوك واليوتيب مصدر إعلامي حديث خلال تغطية أحداث تونس حيث فرضت عدة مصادر للخبر نفسها على المشهد بعيدا عن المصادر التقليدية المعروفة من وكالات للأنباء ومراسلين في قلب الحدث، واتفق الخبراء أن موقع الانترنت الاجتماعي "فايسبوك" عرف إقبال غير مشهود من المواطن العربي الذي أصبح يعتمد عليه لإبداء رأيه وتكوين مواقف وهبات اجتماعية على غرار ما حصل في تونس ومناطق أخرى.كما ان كبرى وسائل الإعلام والفضائيات وفي ظل غياب المصادر المعتمدة لجأ الى شهادات مواطنين ومعارضين ونشطاء سياسيين نشروها عبر الفايسبوك، تويتر ويوتيب. إضافة الى هذا اعتمد على المكالمات الهاتفية المباشرة عبر القنوات الفضائية بشكل كبير خلال أحداث تونس عوض عن النقل عبر الساتل وما شابه... المواقع الالكترونية وغياب المصادر المحترفة فتحت الباب أمام الإشاعة وما لوحظ خلال تغطية أحداث تونس الأخيرة ونظرا لانعدام مصادر أخبار رسمية ومحترفة هو التضارب في الأخبار وتأويل للأحداث كتلك الهجمات وعمليات السطو المنظمة والتي اتهم البعض بضلوع الحزب الحاكم فيها وأنها ملشيات أمن انتهجت سياسة الأرض المحروقة، واستبعد آخرون علاقة الحزب الحاكم فيها كونه ونظرا لتقهقره مؤخرا يستحيل عليه تنظيم مثل هذه الأفعال، نفس الحال والتضارب عرفه خبر وجهة الرئيس السابق التونسي ووجهته بعد تخليه عن منصبه ففي القناة الواحدة وخلال أقل من ربع ساعة كشفت عدة وجهات لزين العابدين، بعد ما قيل انه توجه لمالطا ثم باريس وفي الاخير الإمارات والسعودية... هذه التأويلات المتضاربة تناقلتها وسائل الإعلام بسرعة وتركت المشاهد في حيرة من أمره في ظل التسابق على السبق الصحفي والحصرية. من جهة أخرى اعتمدت القنوات الفضائية ووسائل الإعلام على الاتصالات الهاتفية كمصدر للخبر ونقلت شهادات حية للمواطنين، سياسيين ومعارضين.... كما تم الاتصال بمواطنين عاديين هاتفيا خلال النشرات الإخبارية، لكن ما أثار الاستغراب لدى العديد من الأطراف هو طلب رأي هؤلاء الشهود حول نظرتهم السياسية وتحليلهم للاوظاع إضافة الى نقل مشهد الشارع . ما يؤكد الدور الفعال الذي لعبته مواقع الانترنت خلال أحداث تونس هو تناقل الأخبار بشكل واسع وسريع على صفحاتها فاقت حتى أقوى وسائل الإعلام الثقيلة حيث انتشر على الموقع الاجتماعي "فايسبوك" رسالة استقالة من وزير الخارجية كمال مرجان تقدم بها للشعب التونسي منقولة من موقعه الخاص على الانترنت يقر فيها بعجزه عن مواصلة مهامه ضمن الحكومة الحالية وصرح بأنه غير مسؤول عن المجازر المرتكبة بحق المدنيين وهذا ما فنده مرجان حسب إحدى وسائل الإعلام المحلية وأكد أن الموقع لا يخصه و "خبر الاستقالة مغلوط". وأكد المختصون أنه في مثل هذه المواقف تبرز حرفية الصحافي بالاستقصاء والتثبت من مدى صحة الأخبار التي تنشر على الشبكات الاجتماعية خاصة المكتوبة قبل نقلها للرأي العام أما بالنسبة لتسجيلات الفيديو فهي تبرهن عن مصداقيتها بنفسها".ومثلت المواقع الاجتماعية وخاصة "الفايسبوك" منذ اندلاع الاحتجاجات الاجتماعية في تونس فضاء لتقاسم المستجدات الآنية للاحتجاجات في مختلف جهات البلاد، وأنشأ المبحرون التونسيون صفحات مخصصة للتغطية الفورية لآخر الأحداث ذات الصلة بالاحتجاجات مثل"وكالة أنباء تحرك الشارع التونسي".وتحول هذا الفضاء الافتراضي أقرب لوكالة أنباء منه إلى موقع للتعارف والدردشة و مصدرا رئيسيا للأخبار والصور التي تستند إليها القنوات الفضائية وبعض وكالات الأنباء العالمية والمواقع الالكترونية لإعداد تقاريرها بخصوص مستجدات الاحتجاجات في تونس وتبث مقاطع من تسجيلات محملة على "فايسبوك". كما أن اندلاع الاحتجاجات في نفس الوقت في تونس وبصفة مفاجئة مما يجعل متابعتها بصفة حينية صعبا وهذا ما يفسح المجال للمشاركين فيها بتقمص دور "المراسل الهاوي " الذي يعتمد على هاتفه الجوال للتوثيق ثم يحمّلها على الشبكات الاجتماعية لتصبح في ما بعد مصدرا لوسائل الإعلام الدولية. وحسب موقع "بيكريرز الاجتماعي" الذي يقدم إحصائيات حول عدد مستعملي "فايسبوك" في العالم، فإن عدد التونسيين الذين استعملوا "فايسبوك" خلال الفترة ما بين 18 و 26 ديسمبر 2010 (خلال الاحتجاجات) لم ينزل عن مليون و820 ألف مستعمل يوميا. اعتقال للمدونين وناشطي الانترنت في تونس الرقابة الإعلامية التونسية فرضت الفيسبوك كشبه وكالة للإنباء وشنت الحكومة التونسية في وقت سابق حملة اعتقالات شملت مدونين وناشطين على الانترنت بالإضافة لمغني راب اشتهر بأغنية "رايس لبلاد" وأطلق سراحهم في ما بعد ماعدا المدوّنين سليم عمامو و عزيز عمامي رغم قرار بن علي الإفراج عن جميع المعتقلين. وفي سياق متصل اشتكى الكثير من مستخدمي الإنترنت في تونس من بطئ التدفق ومن الأساليب المستحدثة لحجب المواقع الإلكترونية خلال الأيام الأخيرة ، حيث تعذر عليهم استخدام البريد الإلكتروني ونشر مواد وأشرطة فيديو على "فايسبوك" ، كما تعذر عليهم الدخول إلى المواقع الإخبارية الإلكترونية رغم استخدام البرامج المعتادة لتجاوز الحجب إضافة إلى زرع روابط مفخخة لقرصنة حساباتهم. وأكدت الطرابلسي "النظام القامع الذي لا يتأخر في محق كل سبيل للتعبير عن الرأي و النقد وراء عمليات القرصنة و لكن يصعب تحديد الهيكل المكلف بذلك" وحسب مصادر إعلامية محلية تعرضت مواقع حكومية في تونس للقرصنة مثل بوّابة الحكومة التونسية والوكالة التونسية للاتصال الخارجي وغيرها من المواقع الرسمية و أعلن قراصنة يحملون اسم "أنونيموس" (المجهولون) مسؤوليتهم عن الهجمة مشيرين الى أن هذه العملية هي ردّة فعل على توسيع تقنيات الحجب التي لجأت لها الحكومة مؤخّرا.