ما حكم الدين في الانتحار الانتحار هو قتل النفس و هو فعل حرام بالكتاب و السنة و قتل النفس من اكبر الجرائم فهو من الموبقات إلى جانب عقوق الوالدين و أكل الربا و شهادة الزور و السحر و اكبر من ذلك الإشراك بالله و الانتحار هو اكبر جرما من قتل نفس إنسان آخر لأنه كلما كان الاعتداء على القريب كلما عظم الإثم فالاعتداء على الجار أكثر إثما من الاعتداء على الأبعد منه و الاعتداء على الأرحام أكثر وزرا منه ثم على الوالدين و أكبرها جميعا الاعتداء على النفس كما أن الإثم يكون اكبر من الأقرب إلى الأقرب قال تعالى " الأقربون أولى بالمعروف " وقد ثبت في السنة انه من يقتل نفسه بأي طريقة يأتي يوم القيامة و يعذب بنفس الطريقة التي عذب بها نفسه فالذي يقتل نفسه بحديد يأتي يوم القيامة و يعذب بنفس الفعل و الذي يرمي نفسه من شاهق يحصل له يوم القيامة نفس الأمر ، و الذي يحرق نفسه بالنار فقد استعجل جهنم و لكن لا مقارنة بين نار الدنيا و الآخرة. إن الانتحار فعل خطير جدا لان فيه اعتداء على خيار الله عزوجل و على قضائه و قدره فالذي ينتحر يرفض اختيار الله و يرفض نعمته و الممثلة في نعمة الإيجاد لان النعمة كلها تنقسم إلى قسمين نعمة الإيجاد أي كونك موجودا على هيئة أفضل المخلوقات كانسان مكرم لم يوجدك الله عزوجل لا حيوان و لا تراب و لكن أوجدك كانسان مكرما " و لقدر كرمنا بني أدام "فبغض النظر عن كل النعم الأخرى التمعن في نعمة الإيجاد ينبهنا إلى عظمة هذه النعمة فالذي ينتحر فهو بفعله يرد نعمة الله عزوجل و في نفس الوقت يعترض على قدر الله . هل الظروف الاجتماعية و الاقتصادية الصعبة تعد سببا كافيا للانتحار لقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم نهيه عن تمني الموت مهما كانت الظروف صعبة بل مهما كان الم المرض الذي يعانيه صاحبه حتى لو اشتد به الألم لا ينبغي أن يطلب الموت و أن يدعو الله عزوجل بان يميته فضلا على أن يقوم هو بنفسه بذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح " لا يتمنيين الموت لضر أصابه فان كان و لابد فليقل : اللهم أحييني ما كانت الحياة خيرا لي و توفني ما كانت الوفاة خيرا لي " إذن فعسر المعيشة أو قلة المال أو تفاقم المشاكل لا يكون مبررا لتمني الموت أو للانتحار لان المؤمن الأصل فيه انه قادر و له الاستطاعة في أن يتجاوز كل المشاكل . كيف يكون على المؤمن تجاوز هذه المشاكل المؤمن الذي يؤمن بالله وفق التوحيد الصحيح توحيد الربوبية و توحيد الالوهية و توحيد الأسماء و الصفات يدرك أن الله عزوجل المتصف بكمال صفات الجمال و الجلال قادر على أن يخرجه من أي ضيق يعيشه و ما عليه إلا أن يجيد الاتصال به و يدعوه بأدب يليق بالوهيته فبالتأكيد سيجد الفرج و الله عزوجل يقول " ادعوني استجب لكم " هذا أولا أما ثانيا المؤمن يعيش وسط جماعة المؤمنين فهو بالتأكيد بين أهله و أرحامه و جيرانه و بين بني وطنه و يعيش مواطنا في بلده فكل هذه الدوائر يتمكن من خلالها المؤمن النبه من يستفيد منها في إطار الإمكان المتاح حتى يتجاوز مشكلته و ضعفه و عجزه و قصره أما ثالثا يفترض في المؤمن قوي الإيمان أن عزيمته قوية جدا و أمله كبير جدا و اندفاعه نحو الخير اكبر إذا حس بضيق يرجع إلى الله و إلى الاستعانة به فانه بالتأكيد سينصلح حاله الباطني الذي ينعكس صلاحا على حاله الظاهري و قد نصح النبي صلى الله عليه وسلم احد الذي يشكون من وطأة الدين بان يدعو الله بالدعاء التالي " اللهم إني أعوذ بك من الهم و الحزن و العجز و الكسل و الجبن و البخل و غلبة الدين و قهر الرجال " إن الخروج من أي أزمة يعتمد بالأساس على الحافز الذاتي و هو ما ينبغي أن يتحلى شبابنا به اليوم فالسماء لا تمطر ذهبا و لا فضة و إنما جعل الله عزوجل الحياة مبنية على الأسباب فالعلم بالتعلم و الحلم بالتحلم و الكسب بالتكسب و هكذا . ما رأيك في الذين يبتهجون و يفرحون لهذه الانتحار ظنا منهم أن فيها الخلاص مساكين هؤلاء الذين انقلبت في عقولهم المفاهيم و الذين تمكنت الكراهية و الحقد من قلوبهم فبالنسبة للذي انتحر فقد خسر حياته الدنيا و خسر حياته الأخروية إلا إذا تداركته رحمة الله عزوجل و قام بعمله و هو فاقد لعقله أما بالنسبة للآخرين فان حال كل واحد منهم لا يتغير نحو الأحسن إلا بما عملت يداه من خير و إنتاج و إبداع فموت شخص لا ينفع الآخرين إلا إذا اعتبروا هذه الدنيا فانية و أن الإنسان لا محال سيقف بين أيدي الله و سيحاسبه فمتى كان الفعل العدمي و هو الانتحار فعلا ايجابيا مفرحا . ما تقول في الذين يدعون الشباب إلى مثل هذه السلوكيات. إنهم في الثم سواء ذلك أن الدال على الخير كفاعله و الدال على الشر كذلك و الرسول صلى الله عليه و سلم يقول " من سن سنة حسنة فله أجرها و اجر من عمل بها إلى يوم القيامة و من سن سنة سيئة فله وزرها و وزر من عمل بها إلى يوم القيامة " أن مثل هذا السلوك يعبر عن التخلف الذي تمكن من نفوس أبناء امتنا و أصبح يتشكل في كل مرة على شكل سلوكيات غريبة لا يمكنها أن تشكل أسبابا حقيقية للخروج من هذا التخلف فبدل الدعوة إلى الانتحار و إلى الشغب ينبغي أن تكون الدعوة إلى التعلم و العمل و الإنتاج و الإبداع و التعاون على البر و التقوى و مساعدة بعضنا البعض و تقديم النصيحة و التواصل المثمر و غيرها من السلوكيات الايجابية التي تندفع بنا إلى الأمام نحو الرقي . هناك من يدعي إلى مسيرات للشغب ، ما رأيك الأصل أن الوصول إلى الهدف المشروع لا يمكن أن يكون إلا بالوسيلة المشروعة و نحن لا نقول بالمذهب الميكيافلي الذي يقول "الغاية تبرر الوسيلة" و إنما يجب أن تكون الوسيلة مشروعة مثلما هي الغاية كذلك و ليس من المعقول أن يكون الاعتداء على ممتلكات الغير سواء كانت عامة ملكا للشعب أو خاصة سببا في الوصول إلى خير فمتى كانت جريمة الاعتداء وسيلة مشروعة فالإسلام شدد على تحريم كل صور الاعتداء على النفس بالجرح و القتل و على العرض بالقذف و الشتم و السب و على الأموال بالسرقة و التخريب و غيرها من الأعمال و النبي صلى الله عليه و سلم حسم هذا الأمر في قوله الصحيح " انه لا ينال ما عند الله إلا بطاعته " و ما تقول في الدعوة إلى المسيرات السلمية إن الحكم على الشئ هو الحكم على المالات فاستغلال عواطف بعض ما لا فهم لهم من الدهماء و العوام و الذين قد يغلب عليهم الطيش فيزيرون و ينحرفون نحو أعمال التخريب و الاعتداء و ما يؤدي إلى الفساد في نهايته فهو بالضرورة فاسد في البداية و العبرة بالخواتيم و لقد برز في الفقه الإسلامي أصل كبير سماه الفقهاء سد الذرائع أو فقه المالات فإذا غلب على سلوك ما مباح قد يؤول بنا إلى حرام فسيصبح هذا السلوك محرما و ممنوعا. هل خطب أئمة المساجد كافية لتوعية الشباب و ما الحلول الممكن للحد من مثل هذه الظواهر إن عملية إيصال الوعي القوي و الفهم الصحيح لكل أبناء المجتمع خصوصا الشباب و بصورة اخص فئة المراهقين المندفعة بالطبيعة عملا واجب شرعا و رائد حضارة فينبغي أن تتكاثف كل جهود العقلاء و على كل المستويات لتنبه شبابنا إلى مخاطر ما يحاك ضد بلادنا بصورة خاصة و ضد العالم العربي بصورة عامة و كذلك إيصال الأفكار الصحيحة التي تبعد شبابنا عن الياس و تشكل مناعة ضد حملات التيئيس التي تمطرنا بها الفضائيات و مواقع الانترنيت لأهداف خبيثة تعمل على إعاقة النمو و التطور الحضاري الهادئ لامتنا و من ثمة فجهود الأئمة في المساجد و من خلال المنابر الإعلامية أمر في غاية الأهمية و هو عمل مأجور يدخل في إطار قول النبي صلى الله عليه و سلم " الدين النصيحة قلنا لمن : قال لله و لكتابه و لرسوله و لائمة المسلمين و عامتهم " .