تحدث الشيخ بوعمران، رئيس المجلس الإسلامي، أنه ''لا يمكن إلغاء عقوبة الإعدام في كل الظروف'' ملحا على ضرورة أن نكون أذكياء في تطبيق الإعدام من خلال المحاكم التي تشرف على إصدار هذه العقوبة، قائلا ''نحن لا نقبل إلغاء مادة في الشريعة، لكن يجب أن نكون أذكياء في العمل بها''. وقد أوضح رئيس المجلس الإسلامي الأعلى خلال ندوة صحفية، أمس، أن موضوع إلغاء عقوبة الإعدام الذي تدعو إليه العديد من الهيئات الدولية بما فيها الأممالمتحدة أثار ولا يزال يثير نقاشا داخل اللجان الاستشارية في المجلس، وقد تباينت الآراء بخصوصه غير أن الرأي الراجح هو أنه ''لا يمكننا إلغاء عقوبة الإعدام في كل الحالات لأن القصاص من صميم الدين الإسلامي'' وأن تطبيقها من عدمه يعد من ''صلاحيات المحاكم التي تقدر ظروف وملابسات وقوع الجريمة''. وأضاف بوعمران أن العقوبة من جنس الجريمة حيث أن ''المجرم الذي يقتل طفلا ويبيع أعضاءه مثلا لا يمكن أن نلغي تطبيق حكم الإعدام عليه'' لذلك ''وجب ترك الأمر للقضاء ليقدر ما إذا كانت الجريمة مع سبق الإصرار والترصد أم لا غير وأنه بكل الأحوال لا يمكن قبول إلغاء مادة من الشريعة''. وللتذكير فقد سبق للحكومة أن فصلت نهائيا في الجدل القائم، منذ عام، بين العديد من السياسيين والحقوقيين وعلماء الدين، حول إلغاء عقوبة الإعدام. وأعلنت رفضها لمقترح قانون في البرلمان يلغي عقوبة الإعدام، مبررة موقفها باعتبارات اجتماعية وأخرى ذات علاقة بمكافحة الإرهاب والجريمة. وردت الحكومة رسميا وكتابيا برفض إلغاء عقوبة الإعدام، وقالت الحكومة إن موقفها الرافض لإلغاء عقوبة الإعدام تمليه ثلاثة اعتبارات أساسية وردت في الرسالة، أولها أرجعته إلى موقف الرأي العام ''الرافض'' للفكرة، حيث قالت ''إن الرأي الغالب لدى مجتمعنا لا يمكن أن يقبل في الوقت الراهن إلغاء عقوبة الإعدام'' دون أن تحدد على أي أساس تم قياس هذا الرأي. وأضافت ''إن تعزيز مكافحة الإرهاب يقضي بضرورة الإبقاء على هذه العقوبة، كما أن إلغاءها في وقت التزمت فيه الدولة بمحاربة كل أشكال الجريمة قد يفسر على أنه تهاون إزاء الجريمة''، في إشارة إلى أن الحكومة تنظر لعقوبة الإعدام كأداة ردعية أساسية في حربها على الإرهاب والجريمة. وجاء في رد الحكومة في نقطة ثالثة إن التعديلات المتتالية لقانون العقوبات التي صادق عليها المجلس الشعبي الوطني، خلال هذه السنوات الأخيرة، ''قد نصت على إلغاء عقوبة الإعدام بالنسبة لعدد من الجرائم واستبدالها بعقوبة السجن المؤبد. وفي مختلف هذه المناسبات أبقى المشروع على عقوبة الإعدام بالنسبة للجرائم الأكثر خطورة''، وهو ذات المبرر الذي قدمه العديد من معارضي الفكرة، حيث سبق للحكومة في عدة محطات أن أسقطت عقوبة الإعدام عن جرائم مختلفة مثل ما تعلق منها بالفساد المالي والإداري لمسؤولي الدولة. واختتمت الحكومة ردها الذي حمل توقيع الوزير الأول، أحمد أويحيى، بترك الباب مفتوحا لمناقشة أكثر للموضوع في المستقبل، مشيرة إلى أن ''جهد الحكومة لتكييف قانون العقوبات مع تطور المجتمع سيتواصل في إطار إصلاح العدالة''، موحية بأن الاعتبارات التي أملت رفضها الإلغاء هي ذات طابع ظرفي وقد تزول مستقبلا. وتطابق موقف الحكومة مع موقف علماء المسلمين الجزائريين والمجلس الإسلامي الأعلى، والذين لم يترددو في مراسلة رئيس الجمهورية نفسه في الموضوع، في اتجاه مخالف تماما للموقف الذي تبناه عدد كبير آخر من الحقوقيين منهم رئيس اللجنة الاستشارية لحقوق الإنسان، فاروق قسنطيني، والمستشار الحالي برئاسة الجمهورية، عبد الرزاق بارة. وفي معرض إجابته عن أسئلة الصحفيين، أكّد الشيخ بوعمران أنّ موضوع تعيين مفتي الجمهورية يوجد بيد رئاسة الجمهورية، معلنا أنّ المجلس تقرّب من التجربة التونسية في هذا المجال وأعجب بها لأنّها على عكس التجربة المصرية التي تنطوي على بذور التصادم بين مفتي الجمهورية وشيخ الأزهر، والسبب يعود لكون التجربة التونسية قامت على تعيين مفتي الجمهورية الذي يجمع بين هذا المنصب وعضوية المجلس الإسلامي الأعلى في تونس، كاشفا أنّ المجلس قدّم تقريرا بهذا الخصوص لرئاسة الجمهورية. و من جهة أخرى، أكد رئيس المجلس الإسلامي الأعلى في رده عن عدم قيام المجلس بالإفتاء في بعض القضايا الدينية التي تطرح في المجتمع الجزائري، فقال إن المجلس الإسلامي الأعلى يعتبر ''مجلس علمي أكاديمي يفتي في المسائل المتعلقة بالمستجدات العلمية كزرع الأعضاء مثلا'' غير أن مهمته الأساسية ''لا تنحصر في هذا المجال فقط بل تتعداه إلى النشاط الفكري والعلمي'' نافيا أن يكون المجلس هيئة إفتاء، وإنما اعتبره مجلسا علميا، وأنّ الفتوى هي من اختصاص وزارة الشؤون الدينية، غير أنّه أوضح أنّ للمجلس جانبا في الإفتاء يقتصر على المستجدات كزراعة الأعضاء مثلا، وذكر أنّ المجلس أصدر فتوى بتحريم إعطاء الأطفال غير الشرعيين ألقاب العائلات التي تقوم بعمليات تبنّي هؤلاء، وهذا لمّا تقرّبت وزارة التضامن الوطني من المجلس وطلبت فتوى في هذا الموضوع. من جهة أخرى أعلن الدكتور أبوعمران عن موضوع الملتقى السنوي الذي ينظمه المجلس والذي من المنتظر أن يعالج ''العلوم العقلية في الإسلام'' دون أن يعلن عن تاريخ تنظيمه، كما قدّم الشيخ مجموعة من الإصدارات التي كانت حصيلة عام ,2010 والتي ركّز فيها على التعريف بشخصيات تاريخية جزائرية مغمورة، إضافة إلى أعداد جديدة من دورية المجلس التي تصدر كلّ ستة أشهر وتحمل عنوان "الدراسات الإسلامية''.