نريمان سعدوني فنانة بارعة صاحبة ريشة ساحرة ، تعرض أعمالها في أروقة باريسية وأخرى ألمانية منذ ,1996 هي منتجة ومقدمة إذاعية وتليفزيونية ، تدير المواضيع والحوارات بشكل متميز، التقت ''المستقبل '' في هذا الشهر الكريم بها و اجرت هذا الحوار: - إستطعتِ صناعة اسم لكِ من خلال ما تقدمينه من برامج على غرار حصتكِ دخول حر (آكسي ليبر) ، فما هو السر؟ ❊❊السر كما قلت لك قبل قليل، هو أن نُحب عملنا ونكون في منتهى الصراحة مع أنفسنا و مع الآخرين ولا نستعمل أي شكل من أشكال الخداع أو النفاق، وأن نقتسم عواطفنا النبيلة مع الآخرين، يجب أن نكون طبيعيين وفي منتهى حب الآخر والتسامح معه، أنا ضد من يريد توريط الآخرين في مشاكله الخاصة، لأن كل الناس في اعتقادي لهم مشاكلهم، لذلك يجب أن تبدو الإبتسامة على الجميع وأنا ضد من لا يقول صباح الخير وضد من يقول أنّ لديه مشاكل شغلته عن هذه التقاليد السمحة التي تُبنى من خلالها العلاقات الإنسانية، ومن دونها لا أعتقد أنه يمكن إنشاء علاقات بين بني البشر وبين المجتمعات، وحين نشعر بأننا غير طبيعيين أو غير واضحين مع الناس، أو أننا سنخطئ في حق الآخرين،علينا أن نمكث في غرفنا الخاصة حتى لا نؤذي أحداً، لأن الإساءة والظلم جنون وخروج عن الإطار الإنساني الذي خُلقنا لأجله. - كيف تقضين شهر رمضان، ماذا تحب نريمان أن تحضّر من أطباق وماذا تشاهد على الشاشات ؟ ❊❊أقضي شهر رمضان رفقة أمي الغالية، أنا طباخة ماهرة، أطبخ الشوربة بشكل جيد، المتوّم، اللحم بالقرعة، اللحم الحلو، وكل الأطباق التقليدية التي تتلاءم مع الشهر الفضيل، أنا لا أحب التقليد في مجال الطبخ ولا سيّما ما يُعرض على الشاشات فذلك لا يهمني إطلاقاً، ولا أخفيك أنني تعلّمت الكثير من الأطباق عن جدتي البليدية، وعلى كل حال أنا أحترم كل الأطباق الجزائرية وأحبها، أما بشأن المسلسلات فالذي أراحني بشكل جيّد هو ذلك التوتر الذي حصل من قبل بين مصر والجزائر، حيث أنه أوقف المسلسلات المصرية التي كانت تُقتنى بأسعار باهضة وخيالية، وهذا عامل مشجّع للإنتاج الجزائري في المجال ولدينا مسلسلات جزائرية رائعة تبث على قنواتنا فهي الأفضل، وأظن أنه سيتوقف استيراد المسلسلات البرازيلية نتيجة التوتر الأخير وهذا أفضل، لأنه عامل مشجع للإنتاج الجزائري أيضا، إضافة إلى أننا نتوفر على ممثلين في القمة، لكن نصيحتي لمخرجينا ومنتجينا أن يُنوّعوا في شخصيات الفنانين، لأن الإبقاء على الشخصيات نفسها في عديد الأعمال يُخلط الأمور على المشاهد ويجعله ينسى ما شاهده، فلدينا الكثير من الشباب الموهوب ويبقى فقط على المخرجين أن يفسحوا لهم المجال وأن ويمنحوهم الأجر الكافي. ------------------------------------------------------------------------ ❊❊ لا احب التقليد لكن أُحضر الأطباق التقليدية في رمضان ------------------------------------------------------------------------ - حدّثينا عن نريمان المثقفة، وهي التي تدير مواضيع حساسة من حيث أهميتها الثقافية والإجتماعية؟ ❊❊نعم كل هذه الأشياء مجسّدة في شخصيّتي، من كل الجوانب من رسم وإبداع وفن بلاستيكي عموماً، وهذه الأشياء مجسّدة أيضا في الماضي وفي التركيبة الحياتية وفي الثقافة الجزائرية ومستقبلها، لكنني غاضبة لأن كل هذه التحديات والجهود واجهتها لوحدي كطفلة يتيمة، أو كتلك الطفلة التي تخلّت عنها أمها، وهنا لا أقصد أمي لأنها مازالت معي لحسن الحظ، وأتكلم عن هذه الجزائر التي تختار الذين يذهبون ثم يعودون والذين يحترفون التقليد ولا علاقة لهم بالإبداع، لكن من يبدعون ويقدّمون لها أشياء، أعتقد أنهم لا يجدون أي بديل عن ذلك الجهد والتفاني، ورغم أن الجزائر لم تعطني البديل في مجال الفن والفن البلاستيكي والإبداع عموماً فإنني لن أفارقها، فهي نبض حياتي. - ماذا خلّف نبأ وفاة أديبنا الجزائري الطاهر وطار على نفسيتك؟ ❊❊ كلنا عبرنا عن الحدث وغابت الكلمات، عمي الطاهر توفي ووزارة الثقافة عبّرت عنه، كما عبّرت عن آخرين مثل جمال عمراني، عائشة حداد، وربما سيكون هناك مركز ثقافي يحمل إسم '' الطاهر وطار ''، لكن كان يجب الإهتمام بمثل هؤلاء حينما كانوا على قيد الحياة وأصحاء، وهنا لا أريد أن أردد المثل القائل '' مات مشتاق تمرة مات '' ، لكن الآن يجب إحياء مؤلّفاته لا يجب وضعها في أدراج، يجب أن يظل عمي الطاهر حيا، ويوجد آخرون أيضا ذهبوا سُدى بعد أن ذاقوا مر الحياة وعذاباتها، أقول يجب تقديم الإلتفاتة لمثل هؤلاء عندما يكونون على قيد الحياة، فعندما يذهبون لا نُفيد شيئا بذكرهم. - حدّثينا عن سفرياتكٍ عبر العالم وآثارها الجميلة على شخصيتك؟ ❊❊ نعم فمن الدول التي زرتها الدول الأوروبية، فهي جميلة حقاً من حيث هندستها المعمارية وتاريخها الحضاري، وأعجبتني المدن الألمانية والفرنسية، لكن المدن التي سحرتني وأخذت مني كل مأخذ ليست في النيجر ولا في مالي، وإنما في السينغال، تلك المدن الصغيرة العتيقة الأخاذة وهذه ليست ديماغوجية مني، ولكنني أقصد الطبيعة الساحرة لتلك المدن وما تحتويه من أراضٍ عذراء، فهناك نشعر بمعنى الأرض العذراء التي لم تتعرض لاعتداءات البشر، وكذا العقليات التي تقطن تلك المدن والقرى الصغيرة من ليبيريين في إفريقيا الشرقية، فهم اللذين يقطنون على الشواطئ الطبيعية، والإنسان هناك منسجم تماماً مع الطبيعة ومع البحر، لقد سحرتني إفريقيا، وعلى الرغم من أنني أعلم منذ زمن بأنني إفريقية، فقد سحرتني تلك المدن بجمالها حين سافرت 7 مرات إلى داكار، وكانت رحلاتي الثلاث الأخيرة إليها بتذاكر تليفزيونية من القطاع الخاص وبعدها من أجل تغطيات إعلامية من داكار للإذاعة.. وكررت بعدها العودة مجددا حبا في داكار، حيث أجّرت سكناً صغيرا على الشاطئ، وكنت قد تنفّست، ووحدتي كانت قد غذّت موهبتي وأنجزت أعمالاً تشكيلية رائعة. - وماذا كنتِ تطهين في تلك الوحدة المسلية والمريحة ؟ ❊❊ تضحك نريمان بشيء من الحنين إلى داكار التي سحرتها ورقّصت ريشتها الفنية، وهي تقول، السمك لأن اليود ينقصني، طهوت كل أنواع السمك هناك، لدينا سمك متنوّع ولذيذ في البحر المتوسط، لكن سمك داكار رائعٌ حقاً.