توقعت منظمة التجارة العالمية بالقاهرة تراجع حجم التجارة العالمية في سنة 2009 بنسبة 2ر8 بالمائة بعد انخفاضها بنسبة 1ر4 في المائة خلال 2008 بسبب تداعيات الأزمة المالية العالمية. وحذر مسئول بقطاع البحوث الاقتصادية بمنظمة التجارة العالمية كولمان ني في تدخله في اجتماع خبراء دول الحوار الآسيوي الشرق أوسطى حول الأزمة المالية العالمية من توجه بعض الدول نحو فرض بعض التدابير الوقائية في تعاملها مع الأزمة المالية مما سيدخلها كما قال في منافسات مع دول أخرى لديها نفس المنتجات. وقال أن تدابير فرض تعريفات قد تشكل إجراءات انتقامية بين الدول مثلما حدث وقت الكساد العظيم حيث كانت تلك الإجراءات سببا في رسوخه. وذكر أن الأقاليم التي حققت أعلى معدلات تصدير خلال العام الماضي كانت الدول المنتجة للنفط رغم هبوط الأسعار بنسبة 70 في المائة خلال النصف الأخير من 2008 مدعومة بتغيرات أسعار صرف الدولار الأمريكي الذي مني بحالة من الضعف في نهاية العام. ودعا كولمان ني دول الحوار الآسيوي الشرق أوسطي الى مساندة بعضها البعض في الدفع لنهاية ناجحة لمفاوضات جولة الدوحة مع رغبة عدد أكبر من الدول في الدخول في اتفاقيات أوسع نطاقا التي قد تكون جيدة أو مضرة حسب طبيعتها. وأشار في هذا الصدد إلى أن الدول بشكل عام تميل إلى الدخول في اتفاقيات متعددة الأطراف بدلا من الثنائية أو الثلاثية الأطراف وهو ما وصفه بالأمر " السلبي " في الجانب التجاري بسبب اختلاف القواعد من دولة لأخر. وتميزت الجلسة الثانية في اجتماع خبراء دول الحوار الآسيوي الشرق أوسطى حول الأزمة المالية العالمية تحت عنوان "إمكانية التنسيق بين دول الحوار للحد من الآثار السلبية للأزمة بهدف الإسراع بوتيرة عملية الانتعاش الاقتصادى وحماية الشرائح الفقيرة" بتدخل ممثلي الدول المشاركة واستعراض التدابير المتخذة لمواجهة اثار الأزمة المالية العالمية وقصد تحقيق استقرار في الأوضاع المالية كتقديم ضمانات على إيداعات العملاء في البنوك وتوفير الاموال السائلة والقضاء على الديون الرديئة وتشجيع البنوك على الإقراض المحلي وغيرها . وفي هذا السياق أوضح المدير المساعد لمكتب التكامل الاقتصادية فى أمانة الآسيان علاء الدين دريلو أهمية تعزيز التعاون الإقليمي لمواجهة الأزمة المالية العالمية لأن تبنى سياسة في بلد سيكون له تداعياته على الدول الأخرى مشيرا الى أن دول الآسيان تعانى من تباطؤ في النمو الاقتصادي نتيجة لهذه الأزمة حيث من المتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي هذا العام 6ر5 فى المائة. وقال ان دول الآسيان قد تأثرت بالأزمة حيث نتج عنها ضعف فى الاستثمارات والصادرات بسبب الاعتماد المتبادل على دول الإقليم مشيرا إلى أن آسيا وأفريقيا والشرق الأوسط أقاليم تلعب أدوار هامة على الساحة العالمية حيث بلغ النمو الاقتصادي فى الشرق الأوسط 5ر3 فى المائة العام الماضي والدول الآسيوية 5ر5 فى المائة و5ر3 فى المائة فى الدول الأفريقية وعن تداعيات الأزمة المالية العالمية على دول الخليج توقع مدير إدارة البحوث والدراسات بالأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي نجيب عبد الله الشمسي أن تكون دول المجلس "الأسرع" في تجاوز تداعيات الأزمة المالية العالمية من دول أخرى في ظل وجود سيولة كبيرة لديها وعدم معاناتها من عجز في الميزانية أو مديونيات داخلية أو خارجية, علاوة على توقعات ارتفاع الطلب على النفط من دول مثل الصين والهند. وقال الشمسي إن الأزمة المالية كان لها تأثير على القطاع الحكومي مع اعتماد الميزانيات في دول المجلس على الصادرات النفطية الى جانب تأثر الاستثمارات الخارجية لهذه الدول بسبب مشاركة صناديقها السيادية التي تعد الأكبر في العالم -في عدد من الأسواق الأوروبية وارتباط عملاتها بالدولار الأمريكي. وأضاف أن القطاع الخاص في دول المجلس تأثر أيضا سواء في القطاع المصرفي حيث تكبدت المصارف التجارية الكثير من الخسائر أو على صعيد الأسواق المالية موضحا أن دول مجلس التعاون الخليجي تشكل" طرفا مهما" في صياغة إستراتيجية مع التزامها بمساعدتها في الاقتصاد العالمي ليس فقط باعتبارها مصدرا للنفط ولكن بمساعدة دول آسيا والشرق الأوسط باحتضان أعداد كبيرة من العمالة هذه الدول التي تساهم بدورها في الاقتصاد العالمي من خلال تحويل الأموال للدول المتلقية. و تطرق الباحث الخليجي إلى الآليات العديدة التي وضعتها دول الخليج لمواجهة الأزمة كمحاولات دمج المصارف والشركات العقارية في كيانات كبرى والحد من ثقافة المضاربات سواء في العقارات أو أسواق المال داعيا إلى تبني استراتيجيات تنموية دون الاضطرار لتصدير أموال المنطقة للخارج وسياسات تحفيزية مالية وزيادة الإنفاق الحكومي ووضع برامج تأمين على الودائع وتعزيز المراقبة المالية والإدارية والتسريع بتوقيع اتفاقيات تجارة حرة لتعزيز جسور التعاون. وعكف خبراء حوالي 50 دولة من بينها الجزائر في طار الحوار الآسيوي الشرق أوسطى (أميد) على بحث أسباب الأزمة المالية العالمية وتداعياتها على اقتصادياتهم وكيفية مواجهتها . وناقش الخبراء خلال الاجتماع الذي يدوم يومين مختلف جوانب الأزمة المالية واستعرضوا تجارب وخبرات الدول المختلفة لمواجهتها وكذا سبل توثيق التعاون بين دول الحوار على المستويات المالية والمصرفية والاقتصادية من أجل الحد من تداعيات هذه الأزمة وحماية الشرائح الأكثر تأثرا بالأزمة. واستطلع ممثلو الدول المشاركة الآفاق الجديدة والفرص الممكنة للتعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري فيما بين دول الحوار وتعظيم الاستفادة من الإمكانيات الضخمة المتاحة بينها وبخاصة الاستفادة من التقدم المحرز في العديد من المجالات بالمنطقة. و بحثوا سبل التنسيق بين دول الحوار الأسيوي الشرق أوسطي ليس في كيفية التعامل مع تداعيات الأزمة المالية العالمية فحسب بل أيضا في وضع الأسس لمرحلة جديدة للتعاون الاقتصادي والتجاري التي يمكن أن ترتقي إلى الإمكانيات البشرية والمادية الهائلة وتجارب الإصلاح والتنمية والتي من شأنها أن تفتح الباب أمام مرحلة مختلفة تماما للتعاون بين دول المنطقتين.