تدرس وزارة العدل السعودية تنظيما جديدا يقنن زواج القاصرات في السعودية، بعدما رفضت إحدى المحاكم إبطال زواج فتاة في الثامنة من عمرها من رجل يكبرها ب50 عاما.يأتي هذا التنظيم انطلاقا من قاعدة "لا تلازم بين الحكم التكليفي والحكم الوضعي"، بغرض حفظ الحقوق ودرء المفاسد، بما يقضي على المظاهر السلبية ويتضمن آلية واضحة لتزويج القاصرات، بحسب ما جاء في تصريحات د. محمد بن عبد الكريم العيسى وزير العدل لصحيفة الوطن السعودية. مطالبات بالتصدي من جهة أخرى طالب حقوقيون وعلماء سعوديون السلطات السعودية بالتصدي لزواج القاصرات في السعودية أو إجبارهن على الزواج محذرين من التداعيات الاجتماعية لهذه المشكلة، وشددوا على ضرورة سن قوانين تضع حدا أدنى للسن المناسبة للزواج.كما طالب د. سعود الفنيسان (العميد السابق في كلية الشريعة بجامعة الإمام) بسن قوانين تحدد عمر 18 سنة كحد أدنى لزواج الفتيات، وأشار في تصريحات سابقة إلى أن مثل هذه الخطوة جائزة شرعا ولا حرج فيها، موضحا أن "زواج الفتاة في عمر 18 سنة يتوافق مع المذهب الحنفي المعمول به في أغلب القوانين الوضعية".وفيما يتعلق باعتبار البعض البلوغ مقياسا للزواج قال الفنيسان: "إن مجرد حصول البلوغ غير كافٍ لتزويج الفتاة"، مشددا على وجوب أن يكون الزواج مرهونا بالوصول إلى سن الرشد، وأضح أن قضية الرشد تقتضي معرفة الفتاة للضار والنافع؛ وهو ما يتعذر في زماننا هذا إلا بعد عمر 15 سنة على الأقل نظرة لكثرة الفتن والشبهات، لافتا إلى أن الزيجات التي حدثت بين كبار سن وفتيات صغيرات ليست من الدين ولا العقل في شيء.في تصريحه ل"إسلام أون لاين.نت" قال د. عمر السليماني (المتخصص في شئون الأسرة): هذا النظام سيحد من الأضرار الكثيرة التي تقع على المرأة؛ خاصة إذا تزوجت من يكبرها في السنّ؛ مثل ازدياد حالات الطلاق، ووقوع الانحرافات الأخلاقية، وتحول الفتاة الصغيرة إلى أرملة في سن صغيرة؛ مما يسبب الكثير من المشاكل.من جانبه أكد خالد الشهراني (المحامي والمستشار القانوني) أن إقرار هذا النظام سيدفع الضرر لصالح الأطفال من البنات؛ مشيرا إلى أنه يأتي تطبيقا للقاعدة الشرعية "درء المفاسد مقدم على جلب المنافع"، إلى جانب توافقه مع تطبيق المملكة للاتفاقيات الدولية التي وقعتها لحفظ حقوق المرأة والطفل. تأييد ومعارضة الكثير من أولياء الأمور رأوا في الدراسة الجديدة رأيا حكيما جاء متأخرا نوعا ما، إلا أن ثلة قليلة منهم انزعجوا من تنفيذ هذا الإجراء وقالوا في تصريحات ل"إسلام أون لاين.نت" إن التنظيم الجديد لا يخدم عملية الزواج المبكر الذي دعا إليه الإسلام، كما أن فيه تعسفا على بعض الأسر التي تعتبر مسألة الزواج حقا من حقوقها الشخصية.يقول نبيل عامر (ولي أمر): هذا القرار لا يصب في مصلحة الفتاة، فعندما يصل عمرها إلى 14 عاما تكون قادرة على الزواج ويكتمل بناء جسمها لتصبح امرأة، فكيف يمنعونها من الزواج في هذا السن؟وأضاف أنه لن يتقيد بهذا النظام إذا تم تطبيقه، لأن من له حق الزواج أو منعه هي الفتاة نفسها، موضحا أنه سيستشير ابنته عند الزواج فإذا وافقت أتم الزواج، مشيرا إلى أن هذا يدل على نضجها العقلي.ومخالفا له في الرأي أشاد أحمد سلطان (رب أسرة) بهذه الخطوة قائلا: إنها تحسب لوزير العدل، وإنها ستحفظ حقوق الفتيات الصغيرات اللاتي يجبرن أحيانا من قبل الأهل على الزواج من كبار السن، معتبرا زواج الفتاة في سن مبكرة جدا لا يتناسب مع واقعنا المعاصر.وأشار أحمد إلى أن كثيرا من الأهالي يرغمون بناتهم على الزواج المبكر من غير حاجة الفتاة إلى ذلك، وهو ما يجعل الزوج في حرج مع زوجته الصغيرة، وبالتالي تحدث المشاكل الاجتماعية والطلاق وغيرها.من جهتها أكدت أم أحمد أن هذا النظام الجديد سينقذ ابنتها الصغيرة التي تزوجت حديثا من رجل طاعن في السن، وقالت: كنت أتمنى أن يصدر هذا القرار قبل أن تدخل ابنتي دوامة الزواج من رجل لا تريده، لكني سأحرص بعد إقراره أن أطبق النظام الجديد على باقي بناتي وأولادي. قاصرات للبيع أثارت هذه القضية جدلا اجتماعيا واسعا في السعودية من حيث آثارها الاجتماعية، وذلك بعد أن رصدت الصحف المحلية على مدى أشهر زيجات تم فيها زفاف فتيات صغيرات لرجال في أعمار آبائهن أو أجدادهن، اعتبرها البعض صفقات تم فيها بيع القاصرات لكبار السن من الميسورين تحت مسمى الزواج، فيما رأى طرف آخر أن زواج الكبار بالصغيرات يقلل من نسبة عنوسة الفتيات، في حين استبشر البعض بالتنظيم الجديد الذي يقنن زواج القاصرات، واعتبروه يصب في مصلحة الفتاة والحفاظ على المجتمع من مخاطر الطلاق وغيرها.ولفت تقرير صحفي إلى حجم المصالح التي ستتحقق بعد إقرار التنظيم الجديد، من خلال الحد من ازدياد حالات الطلاق وقضايا الأحوال الشخصية، كما أنه سيحد من عملية المغالاة في المهور لدى 90% من حالات زواج القاصرات؛ اللاتي يتم تزويجهن برجال كبار في السن، طمعا في المال، بحسب التقرير الصادر عن صحيفة الوطن.وأشار استطلاع رأي أجرته إحدى الصحف السعودية أن 66.16 في المائة يؤيدون سن قانون يحدد حدا أدنى للعمر الذي تزوج فيه الفتيات، فيما يرى 27.27 في المائة بعدم سن القانون موضحين أن الإسلام لم يحدد عمرا معينا، إلا أن 6.57 لا يهتمون بأمور زواج القاصرات ولا يعني لهم شيئا.