وسط ازدياد المخاوف من هزات ارتدادية تهدد النظام المصرفي الأوروبي، والضغط الشديد المتواصل إزاء اليونان وأسبانيا، ناقشت القمة الأوروبية مقترحات تعزيز تنسيق السياسات الاقتصادية وإجراءات تشديد مراقبة إنفاق الموازنات العامة. و اتخذت كل من إسبانيا والبرتغال إجراءات حازمة لخفض الإنفاق العام وتقليص عجز الموازنات والعودة في ظرف عامين إلى معدل العجز الذي حددته معاهدة الاتحاد النقدي (3%)، فقد تعهدت إسبانيا بتقليص عجز الميزانية لديها والمصنف كثالث أكبر عجز على مستوى الاتحاد الأوروبي وذلك إلى 9.3 % كنسبة من الناتج المحلى الإجمالي خلال العام الحالي وخفض العجز إلى 6 % في العام القادم وتعدت أيضًا البرتغال بتقليص عجز الميزانية لديها إلى 7.3% العام الحالي وإلى 4.6% في العام القادم. و في نهاية لقائها مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قالت المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل أن "أسبانيا وأي دولة غيرها تعلم إمكان تحريك الآلية المالية الأوروبية عند الضرورة". ويذكر أن الآلية التي أقرها الاتحاد الأوروبي في العاشر من الشهر الماضي لإرساء حزمة مساعدات مالية تصل إلى 750 مليار يورو يمكن لدول منطقة اليورو تعبئتها بمشاركة صندوق النقد الدولي لمساعدة الدول الأوروبية على مواجهة أزمة ديون سيادية. وذكر مصدر دبلوماسي بأن الاتحاد "لن يجر خطاه هذه المرة مثلما فعل إزاء اليونان ولن يتردد عن إسعاف أسبانيا إذا مدت يدها وطلبت مساعدة الآلية الأوروبية"، وتمثل أسبانيا 12% من الناتج المحلي الأوروبي مقارنة مع 2% تمثلها اليونان. وتدرس القمة أيضاً الخيارات الممكنة، والتي شكلت نقاط الخلاف بين فرنساوألمانيا في الأيام الماضية، فبينما خيرت فرنسا إنشاء "حكومة اقتصادية" تجمع حكومات الدول ال 16 الأعضاء في منطقة اليورو لتنسيق السياسات الاقتصادية، من دون تدخل المفوضية الأوروبية، أكدت ألمانيا تمسكها بالتوازنات المؤسساتية القائمة، لأنها تضمن استقلال البنك المركزي الأوروبي، مشددة على وجوب تنفيذ التزامات ميثاق الاستقرار المالي وتسليط عقوبات مالية على الدول التي تتسيب في إنفاق الموازنة. وكانت المفوضية الأوروبية قد أشارت في مسودة بيان لها،أوردته شبكة "بلومبرج" الإخبارية، إلى أن اسبانيا والبرتغال في حاجة لعمليات خفض إضافية بميزانيتها وذلك للوصول بالعجز للمستويات المستهدفة التي تم الإعلان عنها منذ شهر وذلك على الرغم من أن المساعي المبذولة من قبل البلدين قد تؤول إلى إعاقة النمو الاقتصادي. وأشار البيان أن إجراءات تقليص عجز الميزانية المعلن عنها من قبل إسبانيا والبرتغال في إطار الاتفاق الذي أقره الاتحاد الأوروبي ماي الماضي لإرساء حزمة مساعدات مالية ما زالت غير كافية. ووفقا لمسودة البيان فإنه في الوقت الذي تم فيه الإعلان عن إجراءات جديدة ملموسة وتحديد عمليات جديرة بالتقدير لتقليص الميزانية إلا انه ما زال مطلوب المزيد من الإجراءات للوصول للمستويات المستهدفة خاصة في 2011. وأشار البيان إلى أن البرتغال ستحتاج لإجراءات إضافية تعادل نحو 0.3 % من الناتج المحلي الإجمالي العام الحالي وحوالي 1.5 % على الأقل في العام القادم للوصول إلى المستويات المستهدف لعجز الميزانية الذي تم الإعلان عنه في 13 ماي . وأضاف التقرير أن أسبانيا يمكنها الوصول إلى المستوى المستهدف للعام الحالي وذلك من خلال تعديلات "هامشية" كما ستكون مطالبة بتقليص نحو 1.75 % على الأقل من الناتج الإجمالي في العام القادم للوصول إلى المستوى المستهدف لعجز الميزانية. وأشاد الاتحاد الأوروبي بالجهود المبذولة من قبل البرتغال واسبانيا لتقليص العجز في ميزانيتهما غير أنه حذر من أن الإجراءات التقشفية المطلوب تنفيذها لتقليص العجز تأتي في إطار سلبي يتمثل في انخفاض وتيرة نمو الناتج المحلى الإجمالي وتراجع مستوى التنافسية مع حدوث ثبات أو تراجع في الأسعار والأجور مع وجود مستويات مرتفعة لأسعار الفائدة وأضاف أن تلك الظروف ستكون لها تأثيرات "كرة الثلج" على مستويات الدين الحكومي.