* في هذه الأحاديث حثّ على إشاعة السلام بين المسلمين، وأنه ليس مقتصراً على معارفك وأصحابك فحسب؛ بل للمسلمين جميعا، وقد كان ابن عمر رضي الله عنهما يغدو إلى السوق ويقول: إنما نغدو من أجل السلام، فنسلم على من لقيناه. والسلام يدل على تواضع المسلم ومحبته لغيره، ويُنبئ عن نزاهة قلبه من الحسد والحقد والبُغض والكبر والاحتقار، وهو من حقوق المسلمين بعضهم على بعض، وهو من أسباب حصول التعارف والألفة وزيادة المودة والمحبة، وهو من أسباب تحصيل الحسنات ودخول الجنات، وفي إشاعته إحياء لسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (خمس تجب للمسلم على أخيه: رد السلام، وتشميت العاطس، وإجابة الدعوة، وعيادة المريض، وإتباع الجنائز). فبادر أنت بالسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل المسلم إذا مر بقوم فسلم عليهم فردوا عليه؛ كان له عليهم فضل درجة بتذكيره إياهم السلام، فإن لم يردوا عليه ردَّ عليه من هو خير منهم)، يشير إلى أن الله تعالى يرد إليه السلام. ومن آداب هذه التحية الطيبة أنه إذا تلاقى اثنان في طريق أن يسلم الراكب على الراجل، والقليل على الكثير، والصغير على الكبير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد، والقليل على الكثير)، وينبغي للمسلم أن تكون تحيته للمسلمين السلام، وليس "بون جور" وكلمات الترحيب الأخرى، وإنما يبدأ بالسلام ثم يرحب بعد ذلك بما شاء من الترحيب الجائز، ويُستحب إذا دخل المسلم بيته أن يسلم فإن البركة تنزل بالسلام، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا دخلت على أهلك فسلّم يكُن بركة عليك وعلى أهل بيتك) رواه الترمذي، وإنْ لم يكن فيه أحد فليقل: (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين). ثم إن السلام يُستحب إعادته وتكراره للرجل إذا فارق أخاه ولو لفترة وجيزة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا لقي أحدكم أخاه فليُسلم عليه، فإن حالت بينهما شجرة أو جدار أو حجر ثم لقيه فليسلم عليه)، كما يُستحب السلام على الصبيان، وفي هذا تبسُطٌ إليهم، وزرع للثقة في نفوسهم، وغرس لتعاليم الإسلام في قلوبهم، وتعويد لهم في كيفية استقبال الغير. وأخيرا؛ هذه توصية عملية؛ ألق السلام على من تعرف ومن لا تعرف.