وهو طلب المغفرة، والمغفرة: هي وقاية شر الذنوب مع سترها وقد كثر ذكر الاستغفار في القرآن، فتارة يؤمر به كقوله سبحانه وتعالى: (وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (المزمل: 20). وتارة يمدح أهله كقوله تعالى: (وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ) (آل عمران: 17). وتارة يذكر أن الله يغفر لمن استغفره كقوله تعالى: (وَمَن يَعْمَلْ سُوءًا أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللّهَ يَجِدِ اللّهَ غَفُورًا رَّحِيمًا) (النساء: 110). وكثيراً ما يقرن الاستغفار بذكر التوبة، فيكون الاستغفار حينئذ عبارة عن طلب المغفرة باللسان. والتوبة عبارة عن: الإقلاع عن الذنوب بالقلب والجوارح، وحكم الاستغفار كحكم الداء، فإن شاء الله أجابه وغفر لصاحبه، لاسيما إذا خرج عن قلب منكسر بالذنوب أو صدف ساعة من ساعات الإجابة كالأسحار وإدبار الصلوات. ويروى عن لقمان أنه قال لابنه: يا بني عوّد لسانك: "اللهم اغفر لي" فإن لله ساعات لا يرد فيها سائلاً،وقال الحسن: أكثروا من الاستغفار في بيوتكم، وعلى موائدكم، وفي طرقكم، وفي أسواقكم، وفي مجالسكم، وأينما كنتم، فإنكم ما تدرون متى تنزل المغفرة. وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: إن كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المجلس الواحد مائة مرة يقول: (رب اغفر لي وتب علىّ إنك أنت التواب الغفور) رواه أحمد. وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة) رواه البخاري. وعنه صلى الله عليه وسلم قال: (إنه ليُغان على قلبي وإني لأسغفر الله في اليوم مائة مرة) رواه مسلم. وبيّن الله عز وجل في الحديث القدسي ثلاثة أسباب من أعظم أسباب المغفرة، عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله تعالى: (يا ابن آدم؛ إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك ما كان منك ولا أبالى، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك، يا ابن آدم لو أتيتنى بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئاً لأتيتك بقرابها مغفرة). وبالجملة فدواء الذنوب الاستغفار، قال قتادة: إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودواءكم فأما داؤكم فالذنوب، وأما دواؤكم بالاستغفار، وقال علىّ رضي الله عنه: ما ألهم الله سبحانه عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه.