توافدت جموع من الأسرة الفنية، ومحبي الفقيد مصطفى تومي، صبيحة أمس الأول، إلى قصر الثقافة، لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان الفنان الملتزم، الذي وافته المنية ليلة الثلاثاء إلى الأربعاء بالجزائر، قبل أن يوارى الثرى بمقبرة القطار. وتم عرض جثمان الفقيد الذي كانت في استقباله وزيرة الثقافة خليدة تومي، بقصر الثقافة مفدي زكريا، حيث تلقت أسرته تعازي المواطنين الذين جاؤوا لإلقاء النظرة الأخيرة على جثمان كاتب رائعة "سبحان الله يا لطيف". ففي جو مهيب ساده التأثر العميق أحاط بنعش الفقيد عدد كبير من الفنانين أمثال طه العامري، سلوى، مصطفى سحنون، فوزي صايشي، ومحمد لعماري، ومواطنين ومسؤولين بوزارتي الثقافة والاتصال، يتقدمهم وزير الاتصال محمد السعيد. وفي كلمة لسليمان حاشي، مدير المركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا، ألقاها نيابة عن وزيرة الثقافة، وصف الفقيد ب"المجاهد الحقيقي"، الذي أدى أناشيد للحرية وللآمال، على إيقاعات الكرامة ونداءات لاحترام لحقوق الإنسان"، وأضاف أن "الجزائر اليوم حزينة، لفقدان مصطفى تومي، حيث ودعنا مجاهدا وشاعرا ومفكرا"، مشيرا إلى أنه عرف الفقيد خلال المحاضرات والملتقيات العلمية، للمركز الوطني للبحث في عصور ما قبل التاريخ والأنثروبولوجيا، "حيث كان يشارك بأفكاره البناءة، حول مواضيع التصوف والشعر والموسيقى". من جهته قال أمين الزاوي، المدير السابق للمكتبة الوطنية، "أن مصطفى تومي كان مثقفا موسوعيا، وهو من أواخر المثقفين الموسوعيين، إذ لمس الأدب، البحث العلمي، السينما، المسرح، والسيناريو، وجمع بين الثقافة العالمة والثقافة الشعبية، كما كان ينتمي أيضا إلى خميرة الشعب، ولم يكن يعيش في الأبراج العالية، بل كان مثقفا يعيش في الحياة اليومية وبتفاصيلها "، مضيفا أنه "على جيل المثقفين اليوم أن يقرأ شخصيته في أخلاقه العالية، حيث كان من المثقفين الذين جسدوا حب الجزائر". وأعرب الفنان، وعضو الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني، مصطفى سحنون، عن حزنه العميق لرحيل مصطفى تومي، معتبرا أن الجزائر "فقدت جوهرة وفنانا خارقا للعادة .. طيب القلب ولا يشتكي"، كما عاد سحنون بذاكرته إلى الوراء، مذكرا بأنه التقى الفقيد أواخر الخمسينات بباريس، حيث كان الراحل منشطا في التلفزيون الفرنسي، قبل أن يصبح من أوائل من لبوا نداء جبهة التحرير، لتكوين فرقة فنية تناضل من تونس، رفقة مصطفى كاتب، بوعلام رايس، وسيد علي كويرات وآخرين"، وتابع المتحدث قوله بأن الراحل وبعد الاستقلال واصل فنه بخطى ثابتة، وخصوصا مع أغنية "سبحان الله يا لطيف"، التي أداها الشيخ محمد العنقا، والتي "تجادل فيها معه كثيرا"، مشددا على أن "صعوبة التعامل معه في الفن، كانت دليل عبقريته"، وعلى أن "حبه للقصبة كان لا يضاهى". وأشاد من جهته الممثل فوزي سايشي بالإرث الفني والإنساني للفنان الذي وصفه ب"العملاق، الطيب، وعزيز النفس"، مذكرا بأنه قد تعرف عليه في السبعينيات، والثمانينيات، وكان دائم الالتقاء به رفقة الروائي الطاهر وطار. أما مدير الديوان الوطني للثقافة والإعلام، لخضر بن تركي، فقد أشار إلى أن الراحل كان "أحد الرجال المجاهدين، وأحد رموز الثقافة الذين فقدتهم الجزائر، رغم أنه كان دائما يعيش وراء الستار" مشيدا بتواضع مصطفى تومي الكبير.