إن العبد إذا تعلق قلبه بكتاب ربه فتيقن أن نجاحه، ونجاته، وسعادته، وقوته في قراءته وتدبره تكون هذه البداية للانطلاق في مراقي النجاح، وسلم الفلاح في الدنيا والآخرة. قال سهل بن عبد الله التستري: لو أعطي العبد بكل حرف من القرآن ألف فهم لم يبلغ نهاية ما أودع الله عز وجل في آية من كتابه، لأنه كلام الله وكلامه صفته، وكما أنه ليس لله نهاية فكذلك لا نهاية لفهم كلامه، وإنما يفهم كل بمقدار ما يفتح الله على قلبه، وكلام الله غير مخلوق، ولا يبلغ إلى نهاية فهمه فهوم محدثة مخلوقة. إن فهم القرآن وتدبره مواهب من الكريم الوهاب، يعطيها لمن صدق في طلبها، وسلك الأسباب الموصلة إليها بجد واجتهاد. أنزل الله تعالى كتابه القرآن ليكون الكتاب المهيمن، والرسالة الخاتمة، والشريعة الباقية، مما يتطلب رعايته عن عبث العابثين، وتحريف الغالين، وانتحال المبطلين. وقد اتفق له ذلك منذ اللحظة الأولى لنزوله وحتى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، لا زيادة فيه ولا نقصان، وقد ورد إلينا متواتراً بنقل كافة الجمع الكبير من الناس، ولم يختلف في عصر من العصور في سورة، ولا آية، ولا في كلمة. إن القرآن هو طوق النجاة في هذه الحياة، وهو حبل طرفه بيد الله تعالى، وطرفه بيدك، يقول الله تعالى: ﴿فَأَمَّا الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا﴾ (سورة النساء الآية رقم: 75). وقوله تعالى: ﴿وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ﴾ (التوبة 124).