صدر عن محافظة المهرجان الوطني للمسرح المحترف، كتاب "الثورة الجزائرية في المسرح العربي : الجزائر نموذجا" لمؤلفه حفناوي بعلي، تناول في فصله الأول جدلية الثورة والمسرح تنظير وتنوير، ركز فيه على التعريف المتجانس للمسرح الثوري، الذي يستطيع من خلاله المسرحي أن يصوغ تجربته المسرحية في إطار العصر كله، ليحاول شرح العلاقة بين المسرح السياسي والتسجيلي وإبراز أهم من حاولوا توظيفه أمثال كاتب ياسين في العديد من المسرحيات أهمها "الرجل ذو النعل المطاطي"، ليعتبر المسرح السياسي علامة من علامات المسرح الحديث الملائم لروح العصر والمتلائم مع المتغيرات، بل مع إيقاع الحياة الجديدة التي شهدتها الشعوب في كل مكان. أما المسرح التسجيلي فهو بالنسبة له عرض جدلي لوثائق تاريخية وله رسالة إنسانية محددة، تستهدف بعث العالم من جديد وبشكل أفضل وتناول أيضا المسرح الثوري وتجربة التعذيب والقمع والسجون ثم تطرق في نهاية الفصل إلى الشخصية والبطل في المسرح الثوري. وبالإضافة إلى ذلك، فقد تناول في فصل "الثورة الجزائرية في المسرح العربي / الجزائري" مواضيع جاءت كلها قراءة لمسرحيات رواد المسرح الجزائري على سبيل التمثيل لا الحصر، مسرحية "الحاجز الأخير" لمصطفى الأشرف، مسرحية محمد شرشالي "بيت النار" وقد جاءت هاته المسرحيات مواكبة للثورة كانت تستعملها الأمة الجزائرية قصد تحطيم قيود الاستدمار وسلاحا لتغيير الواقع المر، ليحدد أدب المسرح النضال بثلاث خصائص، كونه مسرح تعبئة وتوعية وهو يسبق اندلاع الالتحام الحربي، ومسرح الثورة المسلحة ضد العدو المحتل، مسرح التجربة النضالية، الذي يستخلص نتائج المعركة ويعرض عوامل ضعفها وقوتها ليركز في الفصل الثالث على الثورة الجزائرية في المسرح العربي، الثورة التي أحدثت تفاعلا بينها وبين المثقف العربي، تفاعل خلق وتأثير، ولهذا كانت هذه الثورة بنّاءة متطورة لأن المثقفين، بما لهم من تأثير وثقل في التوعية الشعبية، كانوا يرعون هذه الثورة ويبعثونها على التطور ويبرز أهم الأقلام العربية العملاقة التي احتفت بالثورة الجزائرية أمثال أحمد بهاء الدين، رئيف خوري، فاطمة سعيدة وعميد الفكر العربي طه حسين، ليخلص إلى أن الفنان المسرحي العربي حاول أن يتجاوز باللغة المسرحية قاموسها، وفي بعض المسرحيات قدمها لها وهي تنبض بالحياة، وعالج أهم القضايا الساخنة في الثورة.