ما تزال مقاربات الخبرة بين حجم الأضرار المادية المترتبة عن حوادث المرور وتعويضات شركات التامين تثير استياء مستخدمي السيارات والعربات الصناعية، حيث يعتبرون التعويضات التي يحصلونها لا تعكس إطلاقا حجم الضرر الذي يتعرضون له، في وقت تلقي شركات التامين الكرة دوما إلى مكاتب الخبرة ومراكز المعاينة التقنية على اعتبار أنها تتصرف دوما استنادا إلى تقارير الضرر التي تصلها من ذات المكاتب والمراكز ودورها يكمن فقط في استصدار الشيكات بالمبالغ التي يحددها خبير المناجم العمومي أوالخاص المعتمد لدى وزارة النقل . علاقة خبير المناجم وبشركات التامين كان لا يزال أحد الملفات الكبرى الذي طرح للتباحث والإثراء في العديد من الملتقيات المهنية المتخصصة التي نظمها المجلس الوطني للتأمينات بالنظر إلى حجم التظلمات والطعون التي يرفعها المواطن للجهات المختصة بخصوص تقارير الخبرة التي يعدها خبير المناجم والتي لا تعكس إلا نادرا حجم الضرر الذي لحق بمركبة الشخص المؤمن، أو من ينوب عنه في المسؤولية المدنية للسيارة وقال العديد من المواطنين الذين تحدثنا إليهم، التقينا بهم سواء في طوابير مراكز الخبرة والمعاينة التقنية أو في شركات التامين بصدد انتظار شيكات التعويض أن المقاربات المالية أي التقييم المالي لاضرار المركبة هي اقل بما يتراوح ما بين 30 إلى 50 بالمائة من المبلغ الحقيقي للضرر.
تعويضات لا تعكس إطلاقا حجم الضرر
ويستند المواطنون الذين تحدثنا إليهم في تبرير هذا الإجحاف الذي طالهم على حجم المصاريف التي ينفقونها لتصليح الضرر، وفي هذا الصدد قال لنا "فريد وس" وهو صاحب مركبة تعرض لحادث قبل حوالي شهرين "تصوروا أن تقرير الخبرة أشار إلى مبلغ تعويضات يقدر ب 4700 دج، في حين أنفقت أكثر من 10 آلاف دج لإصلاح الضرر الذي لحق بي جراء عملية تصادم، والأكثر أنني انتظرت 60 يوما كاملة لتحصيل هذا المبلغ الزهيد". أما "زهية.ك"، فقد أوضحت: "تعرضت لحادث مرور خطير، من حسن حظي أنني لم أصب بأذى سوى بعض الخدوش الطفيفة، لكن السيارة أصيبت بأضرار بليغة على مستوى الجهة الأمامية قمت على التو باستيفاء الإجراءات القانونية، وبعد أكثر من 3 أشهر علمت لدى الخبير أن التعويض المادي الذي منح لي كان في حدود 18 ألف دج، في حين قمت أنا بإصلاح السيارة "مطالة وميكانيكا" بأكثر من 40 ألف دج، هذا فارق كبير ولا أدري على أي أساس يقوم خبير المناجم بتقييم الضرر". أما "منير.ب"، فقد طرح قضية أخرى لما تحدث عن تباين تقارير الخبرة في حد ذاتها من خبير عمومي إلى خبير خاص معتمد فقد أكد لنا أن نفس الحادث قام خبير عمومي في الشركة الجزائرية للتأمينات بتقييم ضرر مركبته ب 3400 دج، في حين أعد خبير خاص معتمد تقييم ب 5700 دج وتساءل منير قائلا "لا أدري اين يكمن الخلل؟".
شركات التأمين: سلوكنا لا يخرج عن نطاق تقرير خبير المناجم
وقد تزامن إجراء هذا الاستطلاع ببث حصة إذاعية حول ذات الموضوع نهاية الأسبوع الماضي وقد تم استضافة العديد من المسؤولين عن أقسام تعويضات السيارات في شركات تأمين عمومية وممثلين عن مكاتب الخبرة، حيث طرح الموضوع للتباحث لكن لم يشرك فيه المواطن المؤمن وهوالمفصل المحوري في هذا الموضوع الحساس. وقد أوضح مسؤول قسم تأمينات السيارات في شركة "لاكات" برمان يوسف أن شركات التامين ليست معنية بالمرة بالتظلمات التي يرفعها المواطن المتضرر وهي توجهه دوما إلى المسؤولين المباشرين الدين قاموا بإعداد تقارير الخبرة التي تتضمن التقييم المالي للضرر ومهمة شركات التامين هوتحرير شبكات بالمبالغ التي يحددها خبير المناجم والحقيقة أن دفاتر الشكاوي التي اطلعنا عليها في مختلف وكالات التأمين تحمل استياء وسخط كبيرين من طرف المواطنين الذين يصرون على رفع الطعون من أجل معاودة التقييم من جديد إلى درجة ان رفض العديد منهم استلام الشيكات التي تمنح لهم.
تحديد سقف تعويض الأضرار ب 20 ألف دج هز ثقة المؤمّنين بشركات التأمين
وقد أعاب العديد من المواطنين آلية تحديد سقف الضرر ب 20 ألف دج والباقي يستلمه الزبون المتضرر إن كان الضرر أكثر من هذا السقف بعد استيفاء الشروط اللازمة مع شركة التامين المؤمن لها الطرف الثاني في الحادث . ويقول العديد من المواطنين أن هذه الآلية هي التي خلقت أجواء عدم القثة بين المواطن المؤمن وشركات التأمين إلى درجة أن قال بعضهم انه لولم يكن التأمين إجباري لما أنتوا يوما سياراتهم .وفي هذا الصدد قال لنا "عبد الله.ي" وهو صاحب سيارة سياحية " أنا لم ولن أثق يوما في شركات التامين ولدي تجارب مريرة معها وأيضا مع خبراء مراكز الخبرة الذين يعملون وكأنهم قادمون من كوكب آخر، لذلك اعمد دوما إلى تامين سيارتي بالصيفغة الأرخص التي لا تتعدى 3000 دج للثلاثي الواحد. من جهتهم، يؤكد خبراء الناجم أنهم يراعون العديد من المعطيات التي يجهلها المواطن وتدخل في صميم اختصاصهم، مؤكدين أن تقارير الخبرة التي يعدونها تراعي السلم المعتمد، معترفين أن هذا السلم يعود إلى سنوات طويلة ولم يعدل أو يغير وفقا للأسعار الجديدة لقطع الغيار، لكن هذا التغيير هو من اختصاص الجهات المختصة. وفي انتظار أن تراجع السلطات القائمة على هذا الملف الإجراءات المعمول بها في مجال التعويضات، يبقى المواطن المغلوب على أمره الخاسر الأكبر في هذه الحلقة.