محلات "الفاست الفود"..أو ذلك الخطر الذي يفتك بالمواطنين غير أن عامل النظافة أحد أهم العوامل المساهمة في نجاح أو فشل أي محل من محلات الأكل السريع أو تلك المعروفة ب"الفاست فود"، وهو كذلك الشرط الأساسي الذي يركز عليه أغلب المترددين على هاته المحلات على كثرتها، إذ لا يخلو حي ولا شارع في العاصمة منها. ويكثر تردد المواطنين من الجنسين ومن جميع الأعمار رجالا ونساء وأطفالا عليها، المتمدرسون منهم والموظفون وحتى الذين لا شغل لهم في الشارع غير التجول والتسوق ليبقى تناول وجبة الغذاء وحتى العشاء أحيانا أمرا إلزاميا عليهم. ففي حدود الساعة العاشرة صباحا يبدأ الزبائن بالتوافد على محلات "الفاست فود"، التي استحوذت مأكولاتها المعروضة على عقول وبطون الجزائريين وبخاصة الشباب، فالعاملون فيها يسابقون الزمن لتلبية هذه الطلبات التي تتزايد بقوة وأمام القلق الذي يميِّز المستهلكين، فإن هؤلاء مطالبون بالسرعة في تحضير الوجبات وتقديمها، وهذا ما لاحظناه على مختلف محلات الأكل السريع التي زرناها للإطلاع على مدى إقبال المواطن وبخاصة الشباب عليها. ورغم الإقبال الشديد من طرف المواطنين على هاته المحلات، يبقى الكثير منها يفتقد إلى شروط النظافة الأساسية، هذه التي يحاول أغلب أصحاب هذه المحلات إنكارها ويؤكدون مرارا أن محلاتهم تحترم كل شروط النظافة المعمول بها. وبالنظر إلى أننا على أبواب فصل حار فلا يأمن أحد على نفسه من التسممات الغذائية المختلفة أو من الأمراض التي قد تسببها الوجبات السريعة، ولذلك فإنه من الواجب على المواطنين وعلى أصحاب محلات الأكل السريع على حد سواء احترام جميع الشروط المتعلقة بالنظافة وطريقة إعداد الوجبات وكذا طريقة تقديمها. ونظرا لما شهدته هذه المحلات من شهرة واسعة وتردد كبير للجزائريين عليها، فإن بعضها يحاول قدر الإمكان تقديم خدمات ذات نوعية متميزة وكذا نظافة عالية، ومع ذلك يبقى بعضها خصوصا تلك المتواجدة في الأحياء والأسواق الشعبية عرضة لمختلف المظاهر السلبية من غياب أدنى شروط النظافة ناهيك عن ترك الأطعمة خارج الثلاجات أو إعداد بعض الوجبات كالمحاجب التي عرفت انتشارا واسعا في الهواء الطلق لتكون عرضة لمختلف أنواع الجراثيم والغبار وغيرها. ومن جانبه، أكد لنا سعيد مالك أحد "البيزيريات" إن الإقبال الرهيب على أصحاب محلات الأكل السريع يجعل بعض العاملين في أحيان كثيرة غير قادرين على تلبية كل طلبات زبائنهم، وبالتالي فإن سرعتهم في ذلك تجعلهم يتقاعسون عن بقية الأمور كاحترام شروط النظافة بل هناك من لا يكفيه وقته نظرا لعمله طيلة اليوم وإلى ساعات متأخرة جدا من تنظيف محله وهو الأمر الذي اعتبره منافيا لأخلاقيات المهنة، غير أن هناك بعض العمال يتفانون في إظهار نظافة المحل وأماكن العمل أمر يساهم في جلب المواطن الذي أصبح يقصد المحلات الأكثر نظافة واحتراما له كزبون. النساء أكثر المتهافتات على الفاست فود أما الآنسة" ليلى" فقالت إن الإقبال على الوجبات الخفيفة صار أمرا واقعا ورهيبا، فحتى النساء اللواتي كن إلى وقت قريب جدا لا يقبلن أن يأكل أزواجهن وأبناؤهن في الشارع، صرن اليوم أول المتهافتات على محلات الوجبات السريعة ينتظرن من أصحابها إعداد مختلف الأطباق لهن لتناولها متزاحمات على ذلك دون أن يعلمن طريقة تحضيرها ولا نظافة الأيادي التي حضرتها مستغنيات عن ساعة أو ساعتين لتحضيرها بأنفسهن في منازلهن. ومع كل ما سبق وجب التنبيه إلى ضرورة أخذ الاحتياطات اللازمة في محلات الأكل السريع خاصة فيما تعلق بالنظافة حتى لا يصل المواطنون إلى ما لا يحمد عقباه، فبالرغم من الأكلات الشهية التي تحضرها هذه المحلات إلا أن هناك خطراً يحدق بالمواطن فانعدام شروط النظافة قد يسبب الكثير من حالات التسمم التي تؤدي إلى الوفاة، فلهذا عليه أن يحرص على انتقاء المحل التي تتوفر فيه شروط النظافة دون أن نغفل دور أعوان الرقابة في الحدِّ من هذه الأخطار.