بالرغم دخول فلسطين مجلس الأمم شارفت التحقيقات الميدانية وجمع الأدلة وعملية التوثيق الكاملة لجرائم الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوان الأيام الثمانية على الانتهاء، تمهيداً للاستفادة منها في المحافل الدولية الممكنة لتجريم المسؤولين الإسرائيليين.وأعلنت وزارة الصحة أن حصيلة الحرب الإسرائيلية على غزة بلغت 174 شهيد بينهم 34 طفلا ونحو 1400 جريح. ورغم الصعوبات الكبيرة التي تعترض عمل منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية وقدرتها على ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، إلا أنها اجتهدت لتوثيق كل ما جرى في غزة وجمع الأدلة والقرائن والدلائل على الجرائم الإسرائيلية. ويقدر حقوقيون في غزة أن منح فلسطين صفة "دولة مراقب غير عضو"، سيمكن السلطة الفلسطينية -ومن خلفها منظمات حقوق الإنسان المحلية- من تقديم شكاوى ضد إسرائيل في المحكمة الجنائية الدولية. وتعد الحصانة السياسية والقانونية الممنوحة دولياً لإسرائيل العائق الأبرز أمام تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للمحاكم الدولية، لكن ذلك لا يعني وقف محاولات التقاضي وإخضاع المجرمين للمحاكمة. وقال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان راجي الصوراني إن عمليات توثيق ما ارتكبته قوات الاحتلال الإسرائيلي من جرائم في غزة على وشك الانتهاء، وإن الملف القانوني شارف على الاكتمال. وأوضح أن مركزه شرع باتخاذ عدة خطوات على الصعيد الدولي، معتبراً أن التطور الدراماتيكي بقبول فلسطين دولة غير عضو سيفتح الباب أمام قدرتنا على استخدام وتوظيف المحكمة الجنائية الدولية. وذكر الصوراني أن على السلطة الفلسطينية تقديم طلب للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية لقبول فلسطين دولة موقعة ومصدقة على المعاهدة، وبالتالي تفتح الباب أمام تحقيق أولي فيما ارتكب من جرائم خلال الحرب. وأشار إلى أن مركزه خلال الفترة القريبة القادمة سوف يعمل على إيداع الملفات والتوثيقات لدى المحكمة الجنائية الدولية، موضحاً أنه جرت العادة في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وفق العادلة الدولية استنفاد كل الخطوات. وبينّ الصوراني أن هناك مواقف عنيدة و"وقحة" واضحة للجهات ذات العلاقة بالتحقيقات في إسرائيل، ومنها المدعي العام العسكري والمحاكم ومحكمة العدل العليا، وهو ما يجعل الاستفادة من القضاء الإسرائيلي شبه معدومة. ونبه إلى أن القضاء الإسرائيلي في عملية الرصاص المصبوب قبِل أربع حالات من 1176 شكوى قدمها المركز ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين، مؤكداً أن هناك استهتارا بالغا من قبل إسرائيل التي تدرك أن لديها حصانة سياسية وقانونية من الملاحقة توفرها لها أمريكا وأوروبا. من جانبه أكد منسق وحدة البحث الميداني في مركز الميزان لحقوق الإنسان سمير زقوت، أن التوثيق ضروري لخدمة التقاضي والمساعدة في إنصاف الضحايا ووصولهم إلى العدالة وملاحقة مرتكبي الجرائم. ويعتقد زقوت في حديث للجزيرة نت أن هامش تحقيق النجاح على المدى المنظور في ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وتقديمهم للعدالة لن يحظى بنجاح كبير، مشيراً إلى أن إسرائيل تتلاعب بالقانون. وذكر أن ما لا يتحقق اليوم يمكن تحقيقه في المستقبل، وأن المهم الآن هو تكوين المعلومات وتوثيقها للاستفادة منها وإيداعها للرأي العام والمؤسسات المعنية بملاحقة مجرمي الحرب على ما ارتكبوه. وأشار إلى أن المحاكم الإسرائيلية منذ الانتفاضة الثانية عملت على رفض كل الدعاوى، ولكنها قدمت تعويضاً لعدد محدود من الضحايا دون الاعتراف بالجريمة المرتكبة بحقهم ودون حتى التقاضي. وبينّ زقوت أن النصر الحاسم على إسرائيل قانونياً يعتمد على موقف فلسطيني موحد، ومن ثم موقف عربي قوي وفاعل لتقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للمحاكم الدولية، مشيراً إلى أنه سيجري الاستفادة من بعض المحاكم في الدول التي تقبل بهذه القضايا. وخلص أن الحماية والحصانة التي يمنحها المجتمع الدولي لإسرائيل يجب ألا توقف الضحايا عن سعيهم الدائم لملاحقة مجرمي الحرب ومساءلتهم أمام المحاكم الدولية، واستخدام آليات الأممالمتحدة لمعاقبتهم.