طغى ملف مراجعة الحد الأدنى للأجر الوطني المضمون على كل مداخلات ممثلي الحكومة والمركزية النقابية ومنظمة أرباب العمل، خلال الجلسة الافتتاحية للقاء الثلاثية الذي انعقد أمس ويستمر اليوم بإقامة الميثاق في جلسات مغلقة.وتشير كل المؤشرات والاصداء التي استقيناها من كبار ممثلي الجهاز التنفيذي والمركزية النقابية، ممثلة في شخص أمينها العام سيدي السعيد والباترونا على لسان مراكشي ويوسفي، أن الحكومة ستعلن اليوم الخميس عن رفع الأجر القاعدي المضمون من 12 ألف دج إلى 15 ألف دج، فيما رجحت دوائر أخرى مقربة من الحكومة و"الباترونا" أن لا تكون الزيادة بأكثر من 2000 دج في الأجر القاعدي الذي أعلن عن رفع مستواه من طرف رئيس الجمهورية بأرزيو في فيفري 2009، من يومها تداخلت التحليلات وكثرت التخمينات بشأن سقفه الذي تريده نقابة سيدي السعيد أن لا يكون أقل من 15 ألف دج، فيما أبدت بعض منظمات الباترونا حياله تحفظات بمبرر أنه سيؤثر على تنافسية المؤسسات الاقتصادية. ومهما يكن من أمر، فإن أي اتفاق بشأنه لا بد أن يحظى بموافقة رئيس الجمهورية حتى يدخل حيز التنفيذ. واستنادا إلى تصريحات الوزير الأول أحمد أويحيى خلال افتتاحه للقاء، فإن أهم الملفات المبرمجة في جدول اعمال الاجتماع علاوة على ملف مراجعة الحد الأدنى للأجر القاعدي المضمون، نجد أيضا ملف المنح العائلية وتقييم العقد الاقتصادي والاجتماعي الموقع عليه في 2006 وتحديدا خلال لقاء الثلاثية 2006 كما ستتم مناقشة وتباحث البدائل الممكنة لمعالجة ملف التعويضات الاجتماعية ومنح التقاعد الذي تأخر كثيرا. وحسب مصادر عليمة بملفات الثلاثية، فان المركزية النقابية تكون برفع الجر القاعدي الى سقف 15 ألف دج قد ربحت معركة تشتم منها رائحة الرهانات السياسية بعدما أصابها الوهن خلال الاعوام الثلاثة الماضية وتمرد النقابات المستقلة على سيدي السعيد التي تتهمه بادارة ظهره لمصالح العمال والموظفين. وحسب ذات المصادر، فان الدولة رصدت غلافا ماليا يربو عن 1000 مليار دج لنفقات الاجور و230 مليار دج لتبعات مراجعة الاجر الوطني الادنى المضمون. وكان وزير المالية قد صرح في اوقات سابقة، بان هذا الغلاف من الممكن أن يشهد زيادة او تقليص. وقد أبدى الامين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين تفاؤلا منقطع النظير بشأن المكسب الذي حققته المركزية النقابية وسلسلة المكاسب التي افتكها منذ اعلان رئيس الجمهورية عن اعتماد استراتيجية اجتماعية جديدة، تهدف بالاساس الى تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، استهلها بالافراج عن قانون الوظيف العمومي واقرار زيادات في اجور عمال القطاع وكذا القطاع الاقتصادي. على صعيد متصل، دعم ممثلو منظمات "الباترونا" مقترح مراجعة الاجر الادنى، حيث انتهزوا فرصة لقاء الثلاثية لافتكاك بعض المكاسب، لاسيما وانهم اعتبروا القرارات التي تضمنها قانون المالية التكميلي 2009 غير منطقية ومجحفة في الكثير من النواحي، خصوصا في قطاع التجارة والاستثمارات الاجنبية المباشرة. من جانب آخر، التقت "الامة العربية" بخبراء اقتصاديين على هامش اللقاء، حيث اجمعوا على ضرورة استدراك التأخر المسجل في ترتيب القدرة الشرائية التي انحدرت الى مستويات مفجعة خلال السنوات الخمس الاخيرة، مؤكدين أن الزيادة المرتقب الاعلان عنها اليوم ليست "صدقة"، بل هي إجراء يفترض أن يكون مستمرا لتعديل الأجر الوطني الأدنى المضمون وفقا لنسب التضخم بهدف المحافظة على القدرة الشرائية. في نفس السياق، قال مراكشي إن "الباترونا" سبق أن قدمت مقترحات للحكومة من أجل "ردم هوة" القدرة الشرائية في محيط اقتصادي غير مستقر، مثل إعادة تصنيف العمال وتحديد سلم جديد ووضع مؤشرات لزيادة الأجور.