قررت موريتانيا استدعاء سفيرها من مالي احتجاجا على إطلاق هذه الأخيرة لإرهابيين خطيرين في محاكمة صورية، لعبت باريس فيها الدور القذر. ويأتي احتجاج نواكشوط متناغما مع الجزائر، التي احتجت باستدعاء سفيرها من مالي بسبب الصفقة التي عقدتها مع باريس، بعد ضغط هذه الأخيرة عليها. ويأتي رد الفعل الموريتاني ضد حكومة باماكو، كتنسيق بينها وبين الجزائر وتطبيقا للمعاهدات المبرمة بين الطرفين في ما يخص مكافحة الإرهاب، ما يؤكد تطابق وجهات النظر بين الجزائر وموريتانيا وأغلب دول الساحل في ما يخص مكافحة الإرهاب والتنسيق الأمني وحتى السّياسي، والظّاهر أن موريتانيا ليست سوى حلقة في سلسلة الاحتجاج على الحكومة المالية التي خرقت الاتفاقيّات المبرمة بين دول المنطقة القاضية بمكافحة الإرهاب، والأكيد أن حكومة باماكو بعد رضوخها للضغط الفرنسي، قد ورطت نفسها مع جيرانها في المنطقة وهي التي كان يعول عليها كثيرا في مكافحة الإرهاب في الساحل الصحراوي، وهذا ما سيؤثر سلبا على العلاقات بينها وبين دول الجوار، وخاصة الجزائر، حيث بدأت تظهر بوادره بعدما تسربت معلومات لوسائل إعلام جزائرية، تفيد بأن الجزائر ستعمل على تقليص بعثتها الدبلوماسية في باماكو.. وحسب ما صرح به محمد لعقاب حول هذا الدور القذر الذي تلعبه مالي، فقد أكد الدكتور المختص في العلاقات الدولية أن مالي تعتبر راعيا رسميا للإرهاب وحليفا له. وكلام الدكتور وتحليله ليس غريبا، بما أن الكثير من نشطاء الإرهاب اتخذوا من مالي مركزا لانطلاق عملياتهم وغض الطرف من طرف حكومة مالي هو محاولة منها لخلق توازن داخلها، خوفا من انفلات الأمور من يدها. لكن السؤال المهم، ما هو الثمن الذي قبضته مالي من فرنسا وما هي الضمانات التي قدمتها باريس لباماكو؟ وهل صارت فرنسا عنصرا آخر متحالفا مع الإرهاب بوساطة مالية؟ القضية لا تتعلق بمواطن فرنسي تحاول باريس إطلاق سراحه بكل ما أوتيت من قوة، ولكنه يدخل في قضية استراتيجية، وهي تشجيع الإرهاب في الساحل للتأثير على الجزائر، فبريطانيا رفضت تقديم فدية لإنقاذ رقبة مواطنها في فترة ما، وهذا ما أدى بالجماعات الإرهابية إلى اغتيال الرهينة البريطاني. وكان على فرنسا أن تنصح رعاياها بعدم التوجه إلى المناطق الخطرة بالساحل، كما فعلت عدة دول أوروبية بعد عمليات الاختطاف التي وقعت، إلا أنها تغاضت عن الأمر وكأنها كانت تبحث عن ذريعة، وهو ما تحقق لها فعلا باختطاف رعيتها الفرنسي، وتقديم فدية للإرهابيين يعني تشجيعهم على مواصلة العمل المسلح ومساعدتهم بالعتاد والسلاح، فهل تحاول فرنسا زعزعة استقرار الجزائر مع إعطاء دور البطولة لمالي؟ كل شيء وارد مادامت العلاقات بين البلدين وصلت من ناحية البرودة إلى درجة الصفر.