كشف مصدر "الوطني" أمس، أن مصالح الأمن أعادت فتح ملف القضية المسماة "أنشطة ميناء الجزائر دون رخصة " بعد أن تم رفع الملف أمام غرفة الإتهام سابقا، وسيحال هذه المرة على القطب القضائي المتخصص في قضايا الفساد، في حالة ثبوت التهم المنسوبة ل 8 شركات، ومدير الميناء، إضافة إلى المدير السابق وعدد من أعوان الأمن . القضية إنفجرت مباشرة بعد تعاقد موانئ دبي مع ميناء الجزائر، حيث قامت مؤسسة دبي العالمية للرافعات، بانتداب 8 شركات، ونصّت الاتفاقيات المبرمة معها، على منح المشروع المشترك - المساهمة المملوكة مناصفة بين موانئ دبي العالمية وسلطتي الميناءين الجزائريين- عقد امتياز مدته 30 عاماً، في كل من الميناءين، اللذين ستتولى موانئ دبي العالمية مهمة تشغيلهما، وخصصت موانئ دبي العالمية، استثماراً أولياً لهذا المشروع بلغ 84 مليون يورو، على مدى يتراوح ما بين ثلاث إلى أربع سنوات، لكن الأمور لم تسر بالنحو الذي كان مخططا لها، بعد أن طفت فضائح الفساد بأكبر ميناء بالجزائر. الوطني تتحصل على وثيقة في دفتر الشروط تؤكد إستغلال ميناء الجزائر دون رخص أثارت الشروط التي حددتها موانئ دبي، على رأسها قوة الشركة من حيث الوسائل وخبرتها حسب المصدر في الشركات الثمانية، إلا أن مسيري ثلاث شركات احتجوا على هذا الإختيار خلال اجتماع دعا إليه مدير الإستغلال والتنظيم بمؤسسة تسير ميناء الجزائر، وتشير الوثيقة التي تحصلت "الوطني" على نسخة منها، أن الشركات الجزائرية الثمانية، إنطلقت في العمل بالشراكة مع مؤسسة دبي للموانئ العالمية، دون الحصول على رخصة إستغلال، بالتواطؤ مع إدارة ميناء الجزائر، ففي مراسلة حررت في 24/03/2009 وبعد التحقيقات التي باشرتها مصالح الأمن، سارعت إدارة ميناء الجزائر إلى تقديم طلب للشركات الثمانية، التي عملت مدة 72 ساعة، تلزمها فيه بالتقدم إلى إدارة ميناء الجزائر، مصحوبة بمجموعة من الوثائق، حتى تقدم لها رخص الإستغلال، وهو الأمر الذي رفضته مؤسسة دبي على إعتبار أن أصحاب هذه الشركات، يعملون في إطارها، وأنها هي المخولة بتقديم الرخص لهم، وكشفت التحقيقات، أن الطلب كان بهدف تغطية الثغرة القانونية، ومواجهة المساءلة القانونية من طرف بعض إداريي موانئ دبي، الذين رفض مصدر "الوطني" ذكر أسمائهم، على إعتبار أن القضية مازالت في التحقيق. الحديث عن رشاوى بالملايير وما خفي أعظم لا تزال مصالح الأمن تحقق في القضية التي ازاددت إثارة، بعد أن تلقى جهازها معلومات من ملاك ثلاث شركات، مختصة في رفع الحاويات، مفادها أن الشركات الثمانية، التي تشتغل بالميناء، ليست لها رخصة قانونية، متهمين المسؤول الأول بالميناء بشكل صريح، بتلقي رشاوى مقابل السماح لمنافسيهم بإدخال رافعات البضائع إلى الميناء، لاستغلال نشاط نقل السلع والحاويات من البواخر، وبعد رفع التقرير إلى قاضي التحقيق بمحكمة سيدي أمحمد، قام بإيداع رهن الحبس المؤقت، كل من، المدير العام لمؤسسة ميناء الجزائر، والمدير العام الذي سبقه، والمدير المركزي، ووضع سبع إطارات آخرين من الميناء، وخمس متعاملين خواص، تحت الرقابة القضائية. حيث وجهت لهم تهمة ''تبديد أموال عمومية وخرق التشريع المعمول به في مجال الصفقات، وتكوين جمعية أشرار"، وخلص التحقيق إلى أن الخزينة العمومية تعرضت لخسائر كبيرة، بسبب حرمان شركة عمومية من مداخيل نشاط رفع البضائع. أحد أطراف القضية يرفض الحديث ويؤكد أن القضية مدبرة الوطني حاولت الإتصال بأحد المعنيين، وهو ممثل الشركات الثمانية التي انتدبتها دبي للموانئ، والتي وجهت لمسؤوليها التهم السالفة الذكر، حيث أشار محدثنا أن الحالة الصحية لبعض المتهمين في هذه القضية، ومنهم مسيرو بعض هذه الشركات، ومدراء وإطارات في شركة تسيير ميناء الجزائر، تتدهور يوما بعد يوم، خاصة وأن منهم كبار السن، خاصة وأن القضية اليوم توجد على مكتب قاضي التحقيق، معتبرا أن العدالة الجزائرية محل ثقة الجميع، خاصة وان الجميع متيقنين أن الشركات بريئة، وأن الأمر لا يعدو سوى كونه مكيدة دبرتها بعض الأطراف، محدثنا رفض أن يدلي بأي تصريح بخصوص القضية، على إعتبار أنها لا تزال بين يدي قاضي التحقيق. حرب الرافعات كلفت الخزينة العمومية خسائر بالملايير وأتلفت العديد من المواد كبدت حرب الرافعات منذ أفريل 2009، خزينة الدولة الملايير، بسب الشلل الذي مس عشرات البواخر التي بقيت بعيدة عن الميناء تنتظر إذن الدخول، حيث انخفضت وتيرة العمل بنسبة قاربت 40 بالمائة، ونشير هنا إلى أن التأخر في إفراغ الحاويات من البواخر يكلف ما بين 8 آلاف إلى 15 ألف دولار يوميا، تتحمّلها الخزينة العمومية، ناهيك عن تضاعف سعر نقل البضائع على خلفية تأخر تفريغ البواخر، مما جعل المستوردين يدفعون 25 ألف دولار، عن تأخر يصل إلى 21 يوما، إضافة إلى رسوم الجمركة التي تكون غير ملزمة لو خرجت الحاوية في وقتها المحدد، كما يدفع المستورد أيضا مصاريف إضافية تدخل في الضريبة، تصل ما بين 30 إلى 50 دولار يوميا على الحاوية الواحدة. وفي هذا السياق، كشف أحد المستوردين، تعرض العديد من السلع للتلف، وعلى رأسها المواد الصيدلانية، وبعض المواد الغذائية التي لا تحتمل التأخر، والتي لا يمكن أن تبقى طويلا دون احترام شروط التخزين، بعيدا عن الرطوبة والحرارة، وهو ما لا يتوفر في الميناء، ضف إلى ذلك، أن هذا الأمر، اثر سلبا على بعض مؤسسات الإنتاج، التي تفتقد إلى المواد الأولية في تركيبتها الصناعية، خاصة على مستوى المواد الغذائية، وهو ما أدى إلى ارتفاع أسعار بعض السلع، في حين اختفت سلع أخرى .