بعد سقوط الطفلين هيثم و ووائل بالبئر تباعا ادى مباشرة الى وفاتهما بعين المكان. النهار كانت سباقة الى تغطية الحدث من خلال تنقلنا الى عائلة بوخاري بعد قطع مسافة جبلية معقدة حيث تفاجانا بالوضعية الاتماعية المزرية التي تعيشها العائلة و ما تعانيه من بؤس و حرمان و كان المشهد اكثر درامية نتيجة الصدمة العنيفة لاسرتين مرة واحدة في فلذتي كبدهماو من هول الحادثة عجز الابوين عن التعبير عن تفاصيل الحادثة ليحدثنا عم الابوين عن مجرياتها.. هيثم يبلغ من العمر سنتين و نصف ابن زهاني و ووائل ثلاث سنوات ابن كمال بوخاري (ابناء العم) لم يعلما بان زيارتهما الى بيت جدهما بعد اسبوع من اقامة فرح خالتهما بمشتى محمد الطيب ان القدر بانتظارهما لتكون اخر زيارة في مقتبل العمر ..و في منتصف النهار من يوم الخميس خرجا الاثنان في جولة مرح بمحاذاة البيت الذي تتواجد على مقربته البئر اللعينة و دون حذر لصغر سنهما يلتقطهما جوف الئر المغمور بالمياه بعد سقوط الامطار الاخيرة بالمنطقة و بعد ساعتين من الزمن ونظرا لعدم عودة الولدين الى البيت بدات جدتهما تبحث عنهما بمحيط البيت لتكون المفاجاة الاليمة عندما اكتشفت جثتيهما تطفو على سطح البئر ..حينها التف سكان المشتى بعد سماع العويل ليتم نقل جثتي هيثم ووائل بواسطة سيارة خاصة لعدم وجود وسائل نقل و عزلة المنطقة كونها جبلية مباشرة نحو مستشفى محمد بوضياف ببلدية بوحجار وثم الى المستشفى الجامعي بعنابة للقيام باجراءات الطب الشرعي و يتاكد سبب الوفاة بحالة الغرق في البئر و يجهل دوافع اقدام الطفلين على الغوص في قاع البئر لكن دون شك فان الحالة التي عايناها للبئر لا يمكن الا ان تكون النهاية الحقيقية لحياة وائل وهيثم حيث يفتقد تماما الى ادنى شروط الحماية و لا تحيط به اسوار و تمتد حفرته مباشرة على مستوى الارض و غير مغطى كما ان عمقه لا يتجاوز خمسة امتار رغم انه لا يبعد عن البيت العائلي الا ب 60 متر .و حسب شهود عيان فان هذا البئر غير مستغل كون العائلة تتمون من الماء مباشرة من البيت .و قد كان هيثم قبيل ساعات من وفاته يلح على والدته بالعودة الى البيت لكن شاء القدر ان يرافق ابن عمه وائل الذي كان يمثل له التوام الحقيقي و يقضي وقته معه في المرح و اللعب في البراري المحيطة بالبيت.. لقد كان المشهد اكثر حزنا عندما اكتشفنابان الابوين الاخوين اللذين فقدا ابنيهما في يوم واحد يعيشان في كوخ قصديري يتكون من غرفتين و كلاهما بطالين لا دخل لهما زهاني فقد ابنه الوحيد هيثم و كمال كان يحتضن الابن الوحيد الذي بقي له نصرالدين الذي فقد اخاه الوحيد دون سابق انذار و الغريب ان الطفلين دفنا يوم الجمعة بحضور حشد كبير من السكان و السلطات المحلية المدنية و العسكرية في المقبرة التي لا تفصل البيت الا بامتار معدودات ثم ان عائلة الفقيدين معظم افرادها معوقين و يعيشون في فقر مدقع .ودعنا العائلة المصابة في اعز ما تملك و هي تناشد النهار ان يسمع صوتها من خلال روح البراءة المدفونة بالقرب من البيت لعل هناك تباشير الامل في استعادة ما تبقى من ابتسامة تزيل الجرح العميق الذي خلفه رحيل وائل و هيثم.