سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البحر يبتلع العوامة ووهران تبتلع أصحاب الشكارة! تحترق ليلا نهارا على جمار الكحول والاعتداءات الدرك يضرب بيد من حديد لتأمين سلامة 3 ملايين سائح يدخلون ''الباهية''
''رقص حتى الصباح، سيارات تجوب الشوارع بدون هوادة، عائلات تؤم الشواطئ في كل وقت وشباب مندفع ومنطلق يجسد مكبوتاته على رمالها ''رقص حتى الصباح، سيارات تجوب الشوارع بدون هوادة، عائلات تؤم الشواطئ في كل وقت وشباب مندفع ومنطلق يجسد مكبوتاته على رمالها ويرتمي بين أحضان هذه المدينة التي سلبت العقول ماضيا وحاضرا، بفضل مساحة الحرية الكبيرة التي تمنحها لمصطافيها وزوارها النهمين الباحثين عن الراحة والسكينة في مدينة كل شيء فيها مسموح، ولكن ولأنه لا وجود لسعادة مطلقة، فهناك بعض الأيادي الخفية التي تتقن اصطيادهم ولا تفرق بين هذا وذاك، فتجد فيهم فريسة سهلة وصفقة مربحة للظفر ببعض الملايين التي تستهلك عادة في اقتناء الكحول وكميات من المخدرات لتستمتع هي بدورها بجانب مما تجود به مدينة سيدي الهواري الآسرة. الوجهة هذه المرة كانت بلوغ مدينة عين الترك وطبعا لا توجد هناك طريق أخرى غير طريق المسمكة، هذه الطريق التي تتوفر على نفق أرضي يصدر ضوضاء كبيرة بفعل أبواق السيارات التي تطلق فيه والتي تعتبر تقليدا لدى الوهرانيين لدى مرورهم تحته منذ سنوات تقديرا لسائق الحافلة الوحيد الذي كان يسلك هذه الطريق القرن الماضي. وهرانالمدينة التي لا تنام لا يختلف نهار هذه الولاية الساحلية عن ليلها كثيرا. فالمشاهد ذاتها تتكرر، فالعائلات تتجول في شوارعها ليلا نهارا وحتى فئة الأطفال الذين يضطرون لمرافقة عائلاتهم في جولاتهم التي تنتهي إما أمام قاعة للمثلجات أو أمام مطعم يقدم ألذ وأطيب ما جاد به البحر، أو أمام فضاء للاستمتاع بما يقدمه ''الديجي''، فعلى طول 19 شاطئا هناك أكثر من لوحة فنية وأكثر من جمهور، ولعل أجملها على الإطلاق هي الشواطئ التي تقع في بلديات: العنصر، المرسى الكبير، بوسفر وعين الترك، هذه الأخيرة التي استقطبت وحدها الملايين من المصطافين الذين يفضلون فنادق العيون منها مركب الأندلس وإقامة ''بيتش فاميلي'' و''مزغنة''. البحر يبتلع العوامة ووهران تبتلع أصحاب الشكارة يعرف الجميع أن البحر يهوى مداعبة السباحين المهرة ومصارعتهم حتى يثبت لهم أنه لا يقهر وحتى ينهي التحدي الذي يدخلون فيه معه، بينما التحدي الذي يجده المصطافون في انتظارهم هو نهم هذه المدينة الخلابة لجيوبهم ولأموالهم، فالداخل لوهران لابد له أن يعد العدة لها كونه أمام حرب من نوع آخر، حرب مصاريف، إما أن تصرعه أو أن يصرعها ولو أنها الفائزة في أغلب الأحيان، وفي الموضوع تقربنا من صاحب إقامة ''بيتش فاميلي'' الذي قال لنا بأن تكلفة حجز غرفة واحدة مجهزة بشرفة وبحمام يصل إلى 4 آلاف دينار وهكذا، أما في مركب الأندلس فغرفة عادية تكلف صاحبها 6 آلاف دينار وسويت ب9 آلاف دينار، أما الأكل والشرب فتدفع في الكافيتيريا، أما في فندق الشاطئ الجميل''البوغيفاج'' فغرفة عادية تكلف صاحبها مبلغ 45 ألف دينار، غرفة مطلة على البحر ب5 آلاف دينار، سويت ب85 ألف دينار والأكل طبعا بحسب الرغبة، ولا تنتهي المصاريف هنا، فهذه الفنادق لا توفر لنزلائها أدوات التنظيف من صابون وشامبو مما يعني أن كل هذا يكون من حساب المصطاف الخاص، ومما يعني أن أي مصطاف عادي لن يصمد طويلا وحتما سيعود بجيوب فارغة بعد قضاء 10 أيام لا أكثر. وفي هذا الموضوع، تقربنا من عائلة سدراتي التي تنقلت إلى وهران من عاصمة الحماديين بجاية ''اخترنا وهران كونها مدينة سياحية جميلة، لكن مصاريفها كبيرة جدا، كما ترون نحن سبعة أشخاص ونحن هنا منذ 6 أيام، وقد استهلكنا حتى اليوم مبلغ 5 ملايين بين حجز، وأكل وشرب ووقود وسهرات، كل شيء غال، ولتستمتع لابد لك أن تدفع''. أما رضا وحياة، فقد قصدا عيون الترك لقضاء شهر العسل ولكنهما تفاجآ بنار تلتهم الجيوب ''اخترنا وهران كونها باريس الثانية وهذا ما لمسناه حقيقة، لكن نقود السفرية قاربت على الانتهاء ولن أخفي عليكم فقد لن أتمكن من اقتناء تذكارات للعائلة''. ''الكوالى''يعكرون صفو راحتنا بهذه العبارة استهل ''زكرياء'' حديثه معنا، وهو الشاب القادم من ولاية باتنة، والذي نزل ضيفا لدى بعض الأصدقاء هناك، والذي أشار إلى تنامي ظاهرة الإجرام وكثرة اللصوص الذين يتحينون الفرص التي غالبا ما تكون بعد الظهيرة أو في الليل للانقضاض على ضحاياهم والذين غالبا ما يكونون عزلا أو عائلات صغيرة أو أزواج، فالداخل لوهران لابد له أن يحذر مما قد يصيبه وعليه أن يتجنب الاختلاط بالأجانب خصوصا الشباب المرابطين على طول الكورنيش، والذين يتخذون من الأماكن صعبة المرور مراكز لتنفيذ هجماتهم التي يكسبون من ورائها هواتف نقالة، حلي ذهبية ونقود، وفي الموضوع تحدث إلينا العقيد عيسى بيدل عن حادثة مماثلة بطلها شاب يعترض طريق ضحاياه على مستوى جبل غير بعيد يخرج منه إلى الطريق العام، فيسرق ويفر عبر ممر وعر مستخدما الجبل، بحيث يصعب إلقاء القبض عليه إلى أن ربط الأعوان خطة محكمة لتوقيفه بعد أن رابطوا بالزي المدني أسفل الجبل المقصود، حيث أمسكوا به لدى نزوله وقدموه أمام وكيل الجمهورية الذي أودعه الحبس الاحتياطي، وأضاف العقيد أن أغلبهم من أبناء الأحياء الفقيرة في وهران والبعض الآخر يأتون من ولايات مجاورة، والذين غالبا ما ينفقون ما يسرقونه على الكحول أو''تبراح''في الكباريهات والمراقص الليلية. الدرك يحكم قبضته على وهران ويؤمن مصطافيها جندت وحدات الدرك الوطني في إطار مخطط دلفين لموسم الاصطياف الحالي 127 فرقة إقليمية مع 102 وحدة متكاملة لأمن الطرقات بها 7 مراكز للمراقبة تعمل ليلا نهارا، إضافة إلى الدورات المترجلة التي تضمن احتلال الأماكن في المجال والزمان، خاصة وقت توافد المصطافين لفرض النظام في الأماكن غير الآمنة، زيادة على دوريات إضافية في حالة تأهب لتدعيم الدوريات الراجلة وطلبة مدارس الدرك الوطني و90 ضابط صف و120 دراجة نارية والذين جندوا جميعا لتوفير الحماية والأمن ل19410 كلم مربع بأزيد من 79221 نسمة، موزعين على خمس بلديات، وقد وزعت هذه الطاقة البشرية الكبيرة على 19 نقطة مراقبة من المسمكة إلى شاطئ مداغ 1 سعيا منها لحماية الممتلكات والأشخاص وتنفيذ المراقبة المستمرة عن طريق تنفيذ مخطط دلفين الذي وضع -حسب الرائد قبائلي محمد رضا قائد كتيبة عين الترك- لضمان استمرارية مهام السلطة الإدارية والقضائية، وهذا حتى يستمتع المصطافون ال3 ملايين بوقتهم وسط أمن تام والذين يتركزون خصوصا في عين الترك وفي شواطئ: رأس فلكون، الكثبان الرملية، بيليطو، بوسفر، المرجان، الكبير، نجمة، بوموا، كوراليس، العنصر، مركب الأندلس واحد واثنان، مداغ 1 والبرج الأبيض. المشروبات الكحولية أول ما يطلبه ضيوف وهران تحتل ولاية وهران مركزا مهما في قائمة الولايات المعروفة بكثرة الحانات والمقاهي التي تعرض المشروبات الكحولية على زبائنها تحت الطاولة كما يقولون، فضلا عن بعض الباعة الفوضويين الذين يبيعونها علنا وهذا ما جعلها كذلك الوجهة المفضلة للعديد من الشباب، نساء ورجال يقصدونها لتناول المشروبات الكحولية التي تباع بمبالغ بخسة في الخارج على عكس الحانات، وهذا دون خوف من العواقب وطبعا بعيدا عن الأهل وأعين الفضوليين في مدينة شعارها ''الزهو وإلى الأمام''، هذه الممارسات التي جعلت قوات الدرك الوطني منها أولوية خصوصا مع هذه الصائفة الحارة جدا والتي سجلت فيها توقيف 335 شخص من بينهم 229 شخص أودعوا الحبس المؤقت، تورطوا في قضايا مختلفة أغلبها مخلة بالنظام العام وبعضها تطور إلى حد الشروع في القتل، حيث أحصت ثلاث جنايات متعلقة بالقتل استعملت فيها أسلحة بيضاء، و13 حالة متعلقة بالضرب والجرح العمدي ثلاثة منها ضد الأصول، و12 جريمة تكوين جمعية أشرار ب38 شخصا موقوفا و28 قضية سرقة وثماني قضايا خاصة بالمساس بالآداب العامة و28 قضية مخدرات وثلاث محاولات للحرڤة ب57 شخصا موقوفا أودعوا الحبس المؤقت و14 قضية تتعلق بقانون المرور، إلى جانب إصدار 20 أمرا بالقبض، أودع أربعة من الأشخاص الصادرة في حقهم الحبس المؤقت، بينما استفاد البقية من الإفراج المشروط، إضافة إلى قضيتين تتعلقان بإقامة محلات للدعارة أوقف على إثرها 9 أشخاص، أودع 4 منهم الحبس، واستفاد البقية من الإفراج المشروط. وكانت لنا الفرصة لمرافقة أعوان الدرك لكتيبة عيون الترك في مداهمة ليلية قادتنا إلى حي الكثبان المشهور بكثرة الاعتداءات فيه، والذي يعد نقطة ساخنة ويضم على ترابه 14 كشكا مهملا استعملتها بعض العائلات في وقت مضى للسكن، وبعد طردهم منها استغلها المنحرفون كبيوت للدعارة على طول الكورنيش، ولكن ولأن الشواطئ موجودة ومملوءة بالمصطافين فقد نقل هؤلاء نشاطهم إلى نقاط أخرى أمام تضييق الخناق عليهم من قبل رجال الدرك، الوجهة الموالية كانت منطقة''بوزفيل'' أو ما يعرف بحي''دبي''حي كل قاطنيه منحلون أخلاقيا إلا من رحم ربي، وهناك تم ضبط مجموعة مكونة من ثلاث شبان وجهت إلى أحدهم مخالفة السكر العلني كونه كان جالسا تحت شرفات عمارة هناك وهذا بعد مصادرة قارورة الجعة، أما مرافقيه فقد وجهت إليهما تهمة تعاطي المخدرات بعد أن ضبطت بحوزتهما أوراق لإعداد السجائر وسيجارتين عاديتين ومبلغ من المال في جيب أحدهم قدر ب16 ألف دينار جزائري، والذي قال بشأنها أنه يجهل قيمته وأنه حصل عليه من عمله، إلا أن الرائد الذي رافقنا في العملية قال أنه من عائدات بيع المخدرات والكحول كون الحي مشهور بهذه الأعمال غير المشروعة، والذي تشارك فيه عادة بعض النساء اللواتي نزلت بعضهن إلينا لاستطلاع ما يحدث. لينتقل الفريق بعدها إلى المقاهي والمناطق المحاذية للشواطئ والطريق السريع، أين تم ضبط شخصين لا بأس بهما ماديا أحدهما يملك شاحنة بمقطورة واللذان كانا يشربان ''الروج'' في الخلاء مما يجعلهما لقمة صائغة في حلق المعتدين بعد أن تناولا قارورتين كاملتين، والغريب في الأمر أن بعضهم نبه البعض الآخر ب''الصفير'' مما جعل المهمة تنتهي مبكرا جدا بعد أن فر الجميع في وجهات مختلفة.