نجح المنتخب الجزائري بتغلبه على الأوروغواي الأربعاء الماضي (1-0) في أن يبقي حالة النشوة التي نعيشها منذ فوزنا على المنتخب المصري الذي أدخلنا عصرا جديدا، قبلتأكيد هذا الإنتصار بآخر أمام المنتخب الزامبي القوي على أرضية ميدانه فتح أمامنا أبواب المونديال، صحوة أكدتها نتيجة مقابلةالأوروغواي المنتخب العالمي الذي يحتل المرتبة 21 حيث استطاع "الخضر" توقيع فوز ثالث لهم على التوالي، نادرا ما حدثمنذ العشرية الذهبية للمنتخب، ولو أن هذا الفوز من المفروض ألا يضخم أكثر ما ضخم لأن الأمر يتعلق بمباراة ودية لا أكثر ولاأقل، أمام منتخب يلعب بطريقة مغايرة تماما للطريقة الإفريقية التي سيعتمدها المنتخب الزامبي، فلا زامبيا الأورغواي ولاالأورغواي زامبيا، حتى لا يعيد الزمن نفسه ونضيع الجمل بما حمل ويعاد سيناريو مباراة غينيا المشؤومة، قبل تلك المباراة كنانرتب حقائبنا للسفر إلى غانا، كل شيء كان على ما يرام، الفوز كان يكفينا للتأهل إلى كأس افريقيا دون انتظار نتيجة لقاء غامبياالأخيرة، إلا أن هذا الحلم تبخر في سهرة جميلة أحرق فيها كافالي أحلامنا وآمالنا، وحمل حقيبته وعاد إلى بلاده، ما يعيشهمنتخبنا من صحوة يبعث على التفاؤل والفخر مادام أصبح لنا منتخب منظم، تقدم في الترتيب العالمي لأول مرة منذ أكثر من عقدمن الزمن على جارينا الشرقي والغربي تونس والمغرب.. لكن حذار ثم حذار، فالقادم أخطر والتأكيد هو أصعب شيء في كرةالقدم، وإن كان الأمر يتعلق بلقاءين قادمين ينتظراننا على أرضنا أمام زامبيا ورواندا الفوز بهما سيكون كافيا للمرور إلى كأسالعالم بنسبة كبيرة جدا. فوز لا يححب النقائص على الرغم من الوجه الطيب الذي ظهر به منتخبا سهرة الأربعاء سيما في نصف الساعة الأول من المرحلة الأولى، أين أمتعنارفقاء زياني بالكثير من النسوج واللعبات القصيرة، إلا أن منتخبنا يواجه مشكلة الحفاظ على نفس النسق، حيث يتميز آداؤهبالإرتفاع والإنخفاض المفاجئين، كما أن التمريرات الكثيرة الخاطئة أمر يجب أن يعالج باعتبار أن عددها كان مبالغا فيه سيمافي الشوط الثاني، نقطة أخرى انتبه إليها الطاقم الفني وتتعلق بالإحتفاظ المفرط بالكرة من بعض اللاعبين في وقت أن قوةمنتخبنا "طبعة سعدان" تعتمد على الكرة القصيرة والسريعة، وكذا الذكية وهو ما فشل في الإلتزام به بعض اللاعبين على غرارالظهير الأيسر بلحاج الذي كان في بعض الأوقات عبئا على زملائه بإهداره كرات سهلة، وهي نقاط تحتاج إلى مراجعة دقيقةقبل موعد الحسم شهر سبتمبر، فمنتخب زامبيا وإن تجرع رباعية نكراء في إنجلترا على يد المنتخب الغاني، إلا أنه لن يأتيللسياحة ولن يبقى متموقعا وسيلعب مبكرا ورقة المغامرة من منطلق أنه لا يخسر أي شيء، كما أنه واجه منتخبا إفريقيا وسيأخذمنه العبرة، في وقت أننا وقبل هذا الموعد الحاسم أعدنا نفس سيناريو العام الماضي بتفضيلنا منتخبا من أمريكا الجنوبية هوالأرجنتين قبل مباراة غينيا المشؤومة، ومن غرائب الصدف أن المنتخب الأورغواياني والأرجنتيني يلعبان بطريقة متشابهة،حتى أنهما أكثر منتخبين تقابلا وجها لوجه في العالم بما أن ذلك تكرر بينهما 161 مرة منذ 1901. ضغط رهيب جدا و"حليلك" يا سعدان ضغط كبير جدا يعيشه منتخبنا وبالأخص الناخب الوطني سعدان، فالجزائر كلها رجالا، نساء، أطفالا وشيوخا لم يعد لها كلامسوى كأس العالم، حتى أن الحديث عن الكرة غلب على كل شيء، حتى على الأحاديث الإجتماعية الروتينية، المنتخب تحول منلا شيء" إلى "كل شيء" في ظرف قصير، ففي جوان 2008 كان ترتيبنا على لوائح "الفيفا" 103، واليوم هو 47 بمعنى أنناربحنا 56 مرتبة في ظرف 14 شهرا فقط، قبل عامين كان الوصول إلى كأس إفريقيا حلما صعب المنال، واستمر كذلك حتىجوان الماضي، وقتها كنا نطرح السؤال عن الوقت الذي يلزمنا حتى نرى منتخبنا في كأس الأمم الإفريقية، واليوم المنتخب علىبعد 6 نقاط للمرور إلى كأس العالم، وهو ما يكفي للتأكيد أننا مررنا من النقيض إلى النقيض بفعل بعض المباريات التي رسمتديكورا وواقعا جديدين، لكن ما المطلوب لتسيير هذه المرحلة الجديدة، بل والخطيرة في الآن نفسه، حيث تفصلنا 180 دقيقة عنحلم جميل انتظرنا 27 سنة لتحقيقه، أكيد أن الحذر مطلوب أمام حالة النشوة التي نحن عليها، حيث ضخم المنتخب كثيرا في نظرالصحف ووسائل الإعلام وكأن لا شائبة به، دون التقليل بطبيعة الحال مما يقدمه "الخضر" في الآونة الأخيرة، ووصل التفاؤلبمناصرينا، حد انتظار نتائج الترتيب الشهري ل "الفيفا" مثلما ينتظر الواحد منا نتيجة إمتحان هام، طمعا في الإلتحاق بمنتخباتعالمية في أعلى الهرم الكروي تملك نجوما في كل دوريات الأضواء العالمية، سعدان فهم جيدا مسألة الضغط بعد أن تأكد أنالفندق العسكري أصبح بمثابة فندق للعائلات والسواح قبل لقاء الأورغواي، لهذا لم يخف انزعاجه من المسألة، وكان قد أكد قبلذلك أنه يعرف أن المنتخب ملك للجميع لكننا "شعب مجنون في كامل قواه العقلية" بما أن هناك من طالبه (والكلام لسعدان فيندوة صحفية) بالتتويج بكأس العالم، وهو أمر من شأنه أن يكشف حجم الضغط الذي يبقى جمهورنا مطالبا بأن لا يسهم فيه أكثر،وهو دور أيضا من المفروض أن تلعبه مثلما يقول ملاحظون الصحافة والإعلام من خلال تفادي "نفخ" مستوى منتخبنا أكثر،بتثبيت أقدام اللاعبين في الأرض، لأن المنطق لا يقبل مهما كانت الحالات بعد الفوز في لقاء ودي أن نتحدث عن التأهل لكأسالعالم مادامت المباريات الودية والمنافسات الرسمية خطان لا يلتقيان، وقد كنت استمع لبرنماج "شوبير" على قناة "الحياة" المصرية، الذي أجرى فيها استفاء رشح فيه المصريون منتخبنا للتأهل لكأس العالم ولنا في ذلك عبرة، كما تدخل بورسعيديووصف آداء منتخبنا الجزائري أمام الأورغواي ب "العصري"، ورغم هذا الإعتراف إلا أننا لم نتأهل بعد، فالكأس العالمية التييرى بعضنا أن منتخبنا حجز فيها مكانة له تفصلنا عنها 10 أشهر، وزامبيا ورواندا، وربما مصر، والكثير من التواضعوالصبر.. أفلا تعلقون!! "