تفصل المادة 102 من الدستور، في الترتيبات التي تلي إثبات المانع الذي يحول دون ممارسة رئيس الجمهورية لمهامه. و تنص هذه المادة على أنه في حالة استحال على رئيس الجمهورية ممارسة مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا وبعد أن يتثبت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الملائمة يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. و في هذا السياق، يقوم البرلمان المنعقد بغرفتيه المجتمعتين معا بالإعلان عن ثبوت المانع لرئيس الجمهورية و ذلك بأغلبية ثلثي (2/3) أعضائه, ليكلف بعدها رئيس مجلس الأمة بتولي رئاسة الدولة بالنيابة لمدة أقصاها 45 يوما. و في حالة استمرار المانع بعد انقضاء هذه المدة، يتم الإعلان عن شغور منصب رئيس الجمهورية بالاستقالة وجوبا. وفي حالة استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته، يجتمع المجلس الدستوري وجوبا و يثبت الشغور النهائي لرئاسة الجمهورية، حيث يتولى رئيس مجلس الأمة مهام رئيس الدولة لمدة أقصاها 90 يوما, يتم خلالها تنظيم انتخابات رئاسية. علما أنه لا يحق لرئيس الدولة المعين بهذه الطّريقة الترشح لهذه الاستحقاقات. كما لم تغفل المادة المذكورة، التطرق إلى حالة اقتران استقالة رئيس الجمهورية أو وفاته بشغور رئاسة مجلس الأمة لأي سبب كان, و هي الحالة التي يتولى فيها رئيس المجلس الدستوري مهام رئيس الدولة. و في سياق ذي صلة، تشير المادة 104 من الدستور هي الأخرى، إلى بعض الجوانب المتعلقة بحالة المانع، حيث تؤكد على استمرار الحكومة القائمة إبان حصول المانع لرئيس الجمهورية أو وفاته او استقالته بحيث “لا يمكن أن تقال أو تعدل” و ذلك حتى يشرع رئيس الجمهورية الجديد في ممارسة مهامه. كما تؤكد أيضا على أنه لا يمكن في الفترتين المنصوص عليهما أعلاه، تطبيق عدد من الأحكام الخاصة بالسلطات والصلاحيات المخولة لرئيس الجمهورية. و تتعلق هذه الأحكام بحق إصدار العفو وحق تخفيض العقوبات او استبدالها واستشارة الشعب في كل قضية ذات أهمية وطنية عن طريق الاستفتاء، المنصوص عليها في الفقرتين 7 و8 من المادة 91 من الدستور. كما تشمل هذه الأحكام تعيين أعضاء الحكومة “المادة 93” و التشريع بأوامر في مسائل عاجلة في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني أو خلال العطل البرلمانية “المادة 142” و حل المجلس الشعبي الوطني أو إجراء انتخابات تشريعية قبل أوانها “المادة 147”. وكذا الموافقة على ملتمس الرقابة بتصويت أغلبية ثلثي النواب “المادة 154” وتلقي استقالة الحكومة في حالة مصادقة المجلس الشعبي الوطني على ملتمس الرقابة “المادة 155” والمبادرة بالتعديل الدستوري “المادة208”. و تتضمن هذه الأحكام كذلك إمكانية إصدار القانون المتضمن التعديل الدستوري مباشرة دون أن يعرضه على الاستفتاء الشعبي متى أحرز ثلاثة أرباع أصوات أعضاء غرفتي البرلمان, إذا ارتأى المجلس الدستوري أن مشروع أي تعديل دستوري لا يمس البتة المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري و حقوق الانسان والمواطن وحرياتهما ولا يمس بأي كيفية التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية “المادة 210” و تلقي اقتراح تعديل الدستور من طرف ثلاثة أرباع غرفتي البرلمان و الذي يمكنه عرضه على استفتاء شعبي و يصدره في حالة الموافقة عليه “المادة211”. كما لا يمكن خلال هاتين الفترتين أيضا إقرار حالة الطوارئ أو الحصار لمدة معينة واتخاذ كل التدابير اللازمة لاستتباب الوضع “المادة 105” و إقرار الحالة الاستثنائية إذا كانت البلاد مهددة بخطر داهم يوشك أن يصيب مؤسساتها الدستورية او استقلالها أو سلامة ترابها “المادة 107” و إقرار التعبئة العامة في مجلس الوزراء “المادة 108” و إعلان حالة الحرب إذا وقع عدوان فعلي على البلاد أو يوشك أن يقع “المادة 109” و التوقيع على اتفاقيات الهدنة و معاهدات السلم “المادة 111”. و بهذا الخصوص, دعا أستاذ القانون العام بجامعة الجزائر1 وليد العقون, إلى ضرورة تفعيل المادة 102 من الدستور قبل فوات الأوان و ذلك “من أجل التمكن من الرجوع إلى المنطق الدستوري. مؤكدا على أن الدستور ينطوي على كل الحلول اللازمة لمعالجة الوضع الراهن. و حذر في ذات الصدد من مغبة الوقوع في متاهات إذا ما بقى الوضع على حاله مع حلول تاريخ انتهاء العهدة الرئاسية الحالية “28 أفريل المقبل”. وهو ما يعني “السقوط في فراغ دستوري”, لكون تولي منصب رئيس الدولة بالنيابة مقترن -حسب ما تنص عليه المادة المذكورة آنفا- بثلاث حالات محددة و هو ما سيدفع بالفاعلين إلى اللجوء إلى تصور هيئات قد تكون محل نقاش أو اعتراض. وبعد أن شدد على أن الدستور يجب أن يحترم من قبل الجميع، ذكر العقون بأن وضعه بين قوسين يؤدي في كل الحالات إلى حدوث أزمة. وهو “الوضع الذي نعيشه اليوم نتيجة قرار رئيس الجمهورية بتأجيل الانتخابات”، مثلما قال. ليؤكد على إلزامية احترام الإرادة الشعبية و استحالة الوصول إلى حل مرضي بعيدا عنها.