أمر أمس الأول، قاضي التحقيق لدى محكمة عين التوتة الإبتدائية بولاية باتنة، بإيداع 11 إطارا ومقاولا الحبس المؤقت، ووضع 33 آخرين تحت الرقابة القضائية، كما تم الإفراج عن 3 متهمين آخرين، في وقت اعتبر فيه 19 متهما آخر في حالة فرار لعدم مثولهم أمام قاضي التحقيق. وذلك بعد أن وجهت لهم تهم إبرام صفقات مشبوهة ومنح امتيازات للغير والتزوير واستعمال المزور وتقليد أختام الدولة والنصب والإحتيال، في قضية تعود أطوارها إلى أسابيع مضت عندما شرعت فصيلة الأبحاث في تحقيقات معمقة في معظم ولايات شرق الوطن التي تحتوي على مصانع الإسمنت للوقوف عند حقيقة وأسباب الالتهاب غير المسبوق في أسعار هذه المادة التي وصل سعر الكيس الواحد منها خلال الصائفة الماضية إلى 1000 دج في السوق السوداء، رغم أن سعراستخراجها من المصانع المنتجة لها لا يتعدى 400 دج للكيس الواحد في أسوء الحالات، وهي التحقيقات التي امتدت إلى عدة ولايات جنوبية بعد أن مست معظم إطارات مصنع عين التوتة بولاية باتنة المعروف وطنيا، ويصل عدد المتهمين في القضية 22 متهما، منهم نائب مدير الدائرة التجارية بمصنع عين التوتة وموظفة أخرى في نفس المصنع، ومدير وكالة بنكية وأمين صندوقها في إحدى الولايات الجنوبية وهم من بين المتواجدين حاليا رهن الحبس المؤقت، إلى جانب مدير التسويق والمبيعات بمصنع عين التوتة دائما المتواجد تحت الرقابة القضائية رفقة عدد من المقاولين الكبار، أما عن طبيعة هذه القضية الضخمة فتعود إلى لجوء عدد من المقاولين المتهمين المنحدرين من عدة ولايات شرقية كتبسة وسوق أهراس وقسنطينة وورڤلة إلى إيداع ملفات لمشاريع -بينت التحقيقات أنها وهمية- لدى المصالح المختصة على مستوى مصانع الإسمنت للتمكن من استخراج كميات من مادة الإسمنت على أن تباع تلك الكميات في السوق السوداء بأسعار مرتفعة بدلا من توجيهها إلى ورشات الإنجاز التي كان من المفروض أنها وجهت إليها، وأكثر من ذلك فقد بينت التحقيقات إمكانية تواطؤ بعض الموظفين على مستوى مصالح الضرائب في ولاية جنوبية عن طريق تقديم معلومات شخصية خاصة بشباب يملكون سجلات تجارية غير مستغلة للمقاولين المتهمين، الذين يتصلون بأصحابها ويعرضون عليهم فكرة استئجار سجلاتهم ليتم بواسطتها تكوين ملفات لمشاريع وهمية يستخرج من أجلها كميات كبيرة من مادة الإسمنت لتباع في السوق السوداء، قبل أن يقوموا باستنساخ تلك السجلات بجهاز ''السكانير''، للتمكن من معاودة العملية مرات عديدة دون علم أصحابها الحقيقيين، لدرجة أن أصبح بعض البطالين من ملاك سجلات تجارية غير مستغلة متابعين من قبل مصالح الضرائب بغرامات قدرت بالملايير، وهو ما أدى إلى إيقاع سوق الإسمنت في شرق البلاد بين أيدي هذه الشبكة التي تمكنت في الأخير مصالح الدرك من تفكيكها وتخليص السوق والمواطنين منها، طبعا يبقى كل ذلك متوقفا على ما سيسفرعنه نهاية التحقيق القضائي للنظر في الأخير في صحة ما وجه لهذه الشبكة من اتهامات.