حدد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، في رسالة تكليف لرئيس لجنة الخبراء المكلفة بصياغة مقترحات لمراجعة الدستور، أحمد لعرابة، المحاور الكبرى لهذا التعديل الذي سيطرح لاستفتاء شعبي بعد مصادقة البرلمان على نصه. وكتب رئيس الجمهورية في هذه الرسالة: “احمد لعرابة، إنني, كما تعلمون، وضعت على رأس أولويات عهدتي في رئاسة الجمهورية تعديل الدستور كحجر زاوية في تشييد الجمهورية الجديدة التي تصبو إلى تحقيق مطالب شعبنا كما عبرت عنها الحركة الشعبية, مشيرا إلى أنه “وفي هذا الصدد، أصبحت مراجعة الدستور بصفة معمقة أمرا مستحسنا بل وضروريا”. و اعتبر الرئيس تبون بأن “مراجعة الدستور مستحسنة” لكونها “ستتيح تكريس الإرادة السيدة لشعبنا وطموحاته المشروعة، من خلال تنظيم الاستفتاء الذي كنت قد تعهدت به للمصادقة على الدستور الجديد”. كما وصفها بالضرورية انطلاقا من أن “مراجعة معمقة للدستور هي السبيل الأوحد الذي من شأنه أن يمكن تجديد أنماط الحوكمة على كافة مستويات المسؤولية، لاسيما على مستوى المؤسسات العليا للجمهورية”. وقال “في هذا الإطار، تعهدت بوضوح أن أضع دستور جديدا يصون البلاد من كل أشكال الانفراد بالسلطة ويضمن الفصل بين السلطات وتوازنها ويدعم أخلقة الحياة العامة ويحفظ حقوق وحريات المواطن”. ولهذا الغرض-يضيف رئيس الجمهورية- قررت تنصيب لجنة خبراء مكلفة بصياغة مقترحات وتوصيات الغاية منها تدعيم النظام الديمقراطية القائم على التعددية السياسية والتداول على السلطة والفصل الفعلي بين السلطات وإقامة توازن أفضل بينها، و هذا من خلال “إضفاء المزيد من الانسجام على سير السلطة التنفيذية، وبإعادة الاعتبار للبرلمان خاصة في وظيفته الرقابية لنشاط الحكومة، وتحسين الضمانات التي تكفل استقلالية القضاة, فضلا عن ضمان الممارسة الفعلية لحقوق المواطنين وتعزيزها، وكذا إعادة الاعتبار للمؤسسات الرقابية والاستشارية”. وقال مخاطبا لعرابة: “قبل كل شيء، أود أن أشكركم على تفضلكم بقبول تنشيط أعمال هذه اللجنة المشكلة من كفاءات وطنية مشهود لها. والشكر هنا موصول أيضا للشخصيات التي ترافقكم ضمن هذه اللجنة”. ودعا رئيس الجمهورية إياهم إلى الإسهام بأفكارهم واقتراحاتهم وتوصياتهم حول جملة من المحاور، و ذلك “بموجب الالتزامات التي قطعتها والمنوه بها أعلاه. المحور الأول: حماية حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة المكتوبة والسمعية-البصرية وعلى الشبكات المعلوماتية دون المساس بكرامة وحريات وحقوق الغير ويتعلق المحور الأول بحقوق وحريات المواطنين، حيث أكد الرئيس تبون في هذا الصدد على أنه يجب أن ينصب التفكير على توسيع وإثراء مجالات حرية المواطن من خلال تكريس حريات فردية وجماعية جديدة، عند الاقتضاء، وتدعيم الحقوق الدستورية المكفولة. ويتعلق الأمر بإعطاء مضمون ومعنى للحقوق والحريات المكرسة، وبشكل أخص حماية حرية التظاهر السلمي وحرية التعبير وحرية الصحافة المكتوبة والسمعية-البصرية وعلى الشبكات المعلوماتية، على أن تمارس بكل حرية ولكن دون المساس بكرامة وحريات وحقوق الغير”. المحور الثاني: أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد و إبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة أما المحور الثاني فيدور حول أخلقة الحياة العامة ومكافحة الفساد, حيث أشار رئيس الجمهورية إلى أنه “يتعين على اللجنة أن تقوم بدراسة واقتراح آليات من شأنها تفادي تضارب المصالح بين ممارسة المسؤوليات العمومية وتسيير الأعمال وذلك من أجل إبعاد نفوذ المال عن تسيير الشؤون العامة”. كما “يجب أن تشمل الدراسة أيضا إيجاد الوسائل الكفيلة بتعزيز آليات الوقاية من الفساد ومكافحته، بما في ذلك إشراك المجتمع المدني في عمل التطهير العمومي هذا”، فضلا عن أنه يتعين أن يوسع التفكير إلى إعادة الاعتبار لمؤسسات الرقابة وتقويتها، بما يضفي على نشاطها أكثر فعالية في حماية المملكات والأموال العامة. المحور الثالث: تحديد العهدة الرئاسية بعهدة واحدة، قابلة للتجديد مرة واحدة و فصل السلطات ويتعلق المحور الثالث بتعزيز فصل السلطات وتوازنها، حيث شدد رئيس الجمهورية في هذا الإطار، على أن الأمر يتعلق، خاصة ب”ترقية العمل السياسي في وظيفته الأساسية المتمثلة في دفع وتنشيط الحياة السياسية في إطار احترام القواعد الديمقراطية المبنية على مبادئ التداول على السلطة وترقية التعددية السياسية. لذا ينبغي على وجه الخصوص ضمان أداء منسجم للسلطات عبر إعادة توزيعها داخل السلطة التنفيذية وإقامة سلطات مقابلة فعالة تهدف إلى تفادي أي انحراف استبدادي”. وأشار رئيس الجمهورية أنه من المهم بشكل خاص، أن يصبح تحديد العهدة الرئاسية بعهدة واحدة، قابلة للتجديد مرة واحدة، أمرا ثابتا لا يمكن المساس به. كما يتوجب كذلك إعادة الاعتبار لدور الأحزاب السياسية كفاعلين لا غنى عنهم في تنشيط الحياة السياسية للأمة”.