الأمين الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني وعضو الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية ، عبد الحميد مهري رحمه الله ، والذي رغم أنه قد يختلف الغير معه لسبب أو آخر،يبقى الرجل مرجعا وطنيا وصانع تاريخ ومناضل من الطراز الأول ، ذلك أنه مهما كنا على خلاف سياسيا نظريا معه فرضا ،فإن ذلك لا يفسد للود قضية ، ولا يمكن أن تحجب الحقيقة مهما كانت مرة أو مخالفة للاعتقاد السائد لدى فئة أو مجموعة..؟ فالحق أحق أن يتبع أو على الأقل يجب أن لا يطمس أو يتم تجاوزه طول الزمن ، وإن كان مقبولا إلى حد ما أن يكون ذلك لفترة محدودة لظروف البلد أو لمكانة أفراده ..! ففي محاضرة كان قد ألقاها المرحوم عبد الحميد مهري طيب الله ثراه، بمنتدى جريدة المجاهد الناطقة باللغة الفرنسية ، بمناسبة الذكرى الحادية والخمسين لإنشاء الحكومة المؤقتة للشعب الجزائري ،ذهب حينها إلى أن الميلاد الحقيقي للدولة الجزائرية الحديثة هو 19 سبتمبر 1959 وليس اتفاقيات إيفيان ، يقصد بذلك 19مارس 1962 ، الذي اعتمد كعيد النصر،بعد توقيف إطلاق النار بين جيش التحرير الوطني والقوات العسكرية الفرنسية ،وهذا في اعتقادي الشخصي صحيح ومنطقي وهو كما قال يمكن اعتماده كيوم وطني ،وإن كانت الدولة الجزائرية بعثت رسميا يوم 5 جويلية 1962 والذي أصبح رسميا عيدا للاستقلال..؟ إن اتفاقيات إيفيان وما انجر عنها من بنود مكبلة للدولة الجزائرية الفتية ، وكان مقررا أن يستمر لعدة سنوات بعد استرجاع الاستقلال ، غير أن فطنة الرئيس الراحل الزعيم هواري بومدين رحمه الله ،والتي علق عليها بقوله:"إن الشيء الوحيد المقبول في هذه الاتفاقية والذي لا يقبل التأويل هو كلمة الاستقلال" ، ولحسن الحظ أن مجلس الثورة المنبثق من التصحيح الثوري الذي قاده الرئيس بومدين نفسه ، قد صحح الكثير من المغالطات والتجاوزات التي حدثت حينها في حق الدولة الجزائرية الفتية..؟ !