كانت كتب القراءة وإلى وقت قريب تعنون النصوص الموجهة لأطفال المدارس الابتدائية وعلى سبيل المثال لا الحصر"أبي في السوق" و "أمي في المطبخ" حيث كان الرجل أو صاحب البيت كما يقال هو من يشرف على عملية التسوق وهو من يشتري ما تحتاجه العائلة من لوازم،وأحيانا حتى تلك التي تخص زوجته وبناته من ملابس و وأحذية عطور..؟ غير أن اليوم انقلبت الأمور وحدث العكس،بحيث نكاد أن نقول " أمي في السوق " و"أبي في المطبخ"،وهذا ما يلاحظه كل عابر سبيل أو قاصد أحد الأسواق سواء كانت في المدن أو القرى،فهي تعج عجيجا وقد ملئت عن آخرها بالعنصر النسوي على اختلاف أعمارهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية..؟ هذه الأسواق التي جلب لها من أصناف البضائع والسلع ما يمكن أن نطلق عليه "سلعة تايوان" ذات الاستعمال الاستهلاكي ولمرة واحدة فقط،وأغلبها مصدره الصين،تجد الإقبال المنقطع النضير عليها خاصة من الكثير من النسوة اللائي ألفن المنتوج المنخفض الثمن و المتواضع الجودة ..! ولكن الأمر لا يقتصر على النساء والأطفال وعلى بعض الرجال،وإنما نجد أن الظاهرة عامة وأن سلوك الاستهلاك قد توسع لدى العائلة الجزائرية المحافظة في أغلبها،وأصبح كل أفراد ها مرتبطا بالسوق بشكل أو آخر،حتى يخيل إليك أن كل أفراد الشعب الجزائري قد نزلوا إلى الأسواق حتى لم يتخلف منهم أحدا،من عملية التسوق،وخاصة في المناسبات الدينية أو الوطنية..؟ وما شابه هذه المناسبات،عودة الأطفال في عطلة المدرسية،فكل هذه فرصة للاكتظاظ والتهافت على شراء كل شيء يصادف ربة البيت أو رب البيت،وهنا تطرح علامة استفهام فيما يتعلق بالمواد الاستهلاكية خاصة الخضر والفواكه التي عرفت ارتفاعا جنونيا لا يقدر عليها ذوي الدخل المنخفض وحتى المتوسط..! وهنا السؤال الذي يطرح نفسه من أين لمعظم طبقات المجتمع الأموال التي سيصرفها على شراء هذه المواد اليومية الضرورية والمستلزمات الدراسية،إلى جانب تكاليف الدروس الخصوصية التي أثقلت كاهل الآباء كثيرا..؟!