كلما حلت علينا مناسبة وطنية يطرح البعض من المثقفين والمهتمين ما كتب عن الثورة الجزائرية من أشعار وقصص وروايات باللغة الفرنسية، مقارنة ما كتب باللغة العربية، حيث يفتخر اهل لغة "موليير" و "ديكارت" أنهم أكتر نضجا وتأثيرا وعمقا وأنهم أيضا أقرب من أولئك أصحاب المعلقات تفهما للواقع وما يصاحبه من صراعات بين العدو والطبقات الشعبية ، وهذا كله كما يدعي هؤلاء أن الفرنسية لغة علم وحضارة في حين ان العربية لغة منابر وخطابة وشعر ..؟ ومن ذلك فإن الذين نفذوا وقادوا ثورة نوفمبر الخالدة كانوا من حاملي الثقافة الفرنسية والتمدن الفرنسي وليس ممن يطلق عليهم في عرفنا الشعبي من المعربين وخريجي الكتاتيب الحاملين للواء العربية وراية الإسلام ..! وهذا في الحقيقة تجني على أهل اللغة العربية التي ظلمت من قبل المحتل الفرنسي واحتقرت أيضا من قبل أبناءها، وذلك نتيجة عدة عوامل منها ضعف الشخصية لدى الولوعين بكل ما هو فرنسي وقلة التكوين والجهل بكنوز الحضارة العربية الإسلامية، الشيء الذي مكن الاستعمار الفرنسي وعن طريق أذنابه من بسط لغته وثقافته ، في حين ليس هناك ما يشجع على الآداب والثقافة العربية خاصة وأن فرنسا أبقت لنا تركة ملغمة تسمى غنيمة الحرب اللغة الفرنسية" التي أصبحت ليس فقط ضرة وإنما أصيلة خاصة لدى من تعلم وتدرب في المدارس الفرنسية أو فرنكو – جزائرية ..؟ نقول هذا بمرارة في وقت ترتفع فيه أصواتا جزائرية تمتدح كل ما فرنسي، حيث يرى الأديب والروائي الجزائري أمين الزاوي بأن الأدب المغاربي المكتوب بالفرنسية لا يزال مستمرا و " يحقق الكثير من الحضور على الصعيد العالمي، وهذا صحيح من الناحية الشكلية، ولكن من الناحية الموضوعية يبقى الأدب الجزائري المكتوب باللغة الفرنسية ادبا جزائريا روحا تشم فيه رائحة وحب الوطن ، وهو نفس الاتجاه الذي ذهب إليه المؤرخ رابح لونيسي، لكن مهما يكن لا يرقى ذلك إلى ما كتب بالعربية من شعر واناشيد ومقالات وحتى خطب وتراثا ..؟!