رفعت محكمة العدل الدولية مساء يوم الخميس الماضي، أولى جلساتها لمحاكمة الكيان الصهيوني بتهمة ارتكاب جرائم إبادة جماعية في قطاع غزة، بناء على دعوى رفعتها جنوب افريقيا وأيدتها عشرات الدول، تزامنا مع استمرار المجازر في غزة لليوم ال 97 على التوالي. وقدمت جنوب افريقيا إلى المحكمة ملفا محكما من 84 صفحة، جمعت فيه أدلة على اغتيال الكيان الصهيوني لآلاف الفلسطينيين في غزة وخلق ظروف "مهيأة لإلحاق التدمير الجسدي بهم"، ما يعتبر جريمة "إبادة جماعية" ضدهم. وخلال الجلسات، استمعت المحكمة اليوم الخميس لمبررات جنوب افريقيا لرفع القضية، بينما سيكون رد الكيان الصهيوني غدا الجمعة. وبدأت جلسات المحكمة بمرافعة استهلالية قدمها وكيل دولة جنوب افريقيا، وزير العدل رونالد لامولا، تلاها مرافعة ممثل جنوب افريقيا أمام المحكمة الدولية. وأوضح الوزير رونالد لامولا، أمام محكمة العدل، أن ما يحصل في غزة جراء العدوان الصهيوني "مخالف للاتفاقيات الدولية"، مطالبا بالعمل على "وقف حالة التدمير التي تتعرض لها فلسطين". ونوه لامولا إلى أن المجتمع الدولي يعتبر الكيان الصهيوني محتلا وأن هناك محاولات عدة لمنع العمليات العدوانية الصهيونية في قطاع غزة، مؤكدا على أن "ما يحصل لا مبرر له لا في القانون ولا في الانسانية" وأن إجراءات قوات الاحتلال "تجاوزت كل الحدود". بدوره، طالب وكيل جنوب افريقيا بوقف السياسات التمييزية التي يرتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، مستخدما "الحصانة" التي تمنح له، مرسخا نظام الفصل العنصري في الأراضي الفلسطينيةالمحتلة من خلال فرض الحصار على قطاع غزة والتصعيد من وتيرة العدوان فيه من خلال القتل والتهجير القسري، ما ينتهك اتفاقية الأممالمتحدة لمنع الإبادة الجماعية. وأكد الفريق القانوني لجنوب افريقيا أن الكيان الصهيوني مستمر في إنكار مسؤولياته عن الأزمة الإنسانية التي خلقها في القطاع، لافتا الى أن ما يواجهه الفلسطينيون في غزة يلزم المحكمة بفرض إجراءات لحمايتهم. وأضاف الفريق أن حجم الدمار والقيود التي يفرضها الاحتلال الصهيوني على دخول المساعدات والغذاء، "دليل على نواياه في التدمير الكلي لقطاع غزة"، مشيرا إلى أن عدم اتخاذ محكمة العدل الدولية إجراءات مؤقتة، سيدفع بالاحتلال للاستمرار في أفعاله. وعبرت الجامعة العربية ومنظمة التعاون الاسلامي وحوالي 200 بروفيسور وخبير في القانون الدولي، معظمهم من جامعات أمريكية عريقة، والعديد من الدول، عن تأييدهم للدعوى التي رفعتها جنوب افريقيا أمام المحكمة الدولية. وبالموازاة مع انعقاد أولى جلسات محاكمة الكيان الصهيوني، شهدت العاصمة الهولندية لاهاي، مسيرة أمام مقر محكمة العدل الدولية، شارك فيها المئات للمطالبة بوقف عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة. ورفع المشاركون في المسيرة، أعلام فلسطين ولافتات كتبت عليها عبارات داعمة لحقوق الشعب الفلسطيني ومنددة بالإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال بحقه، مطالبين بوقف إطلاق النار. لليوم ال97 على التوالي.. آلة القتل الصهيونية تنفذ عشرات المجازر الجديدة بغزة ورغم وقوفه أمام المحاكم الدولية، يواصل الاحتلال الصهيوني ضربه عرض الحائط لكل القوانين والمواثيق والمعاهدات الدولية، مستمرا لليوم ال 97 على التوالي في حرب الإبادة الجماعية التي يخوضها، حيث نفذ عشرات المجازر بحق الفلسطينيين في أنحاء متفرقة من قطاع غزة، جوا وبرا وبحرا. واستشهد عدد من المواطنين الفلسطينيين من بينهم صحفي وأربعة من طواقم الهلال الأحمر وجريحان كان الطاقم يقلهما لتلقي العلاج، وأصيب آخرون في قصف صهيوني استهدف منزلا ومركبة إسعاف في "دير البلح"، وسط القطاع، الذي شهد غارات عنيفة شمال مخيم "النصيرات". كما شن الطيران الحربي الصهيوني غارات على منزل في محيط مستشفى "شهداء الأقصى"، ما أدى إلى استشهاد عدد من الأشخاص بينهم صحفي وجرح آخرين بعضهم في حالة خطيرة. من جهته، سلط ستيفان دوجاريك، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي، الضوء على العوائق المتزايدة للشركاء في المجال الإنساني بشأن القيود المفروضة ولا سيما في المناطق الواقعة شمال وادي غزة. وأضاف المسؤول الأممي في ذات السياق أن قطاع غزة لا يزال يعاني من قصف مكثف، أسفر عن خسائر فادحة في الأرواح وتدمير البنية التحتية المدنية الحيوية. بدوره، حذر مكتب الأممالمتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن رفض الاحتلال الصهيوني المتكرر لفرق الإغاثة الأممية بتقديم المساعدة الإنسانية الضرورية داخل غزة، أدى فعليا إلى حرمان خمسة مستشفيات في الشمال من الحصول على الإمدادات والمعدات الطبية المنقذة للحياة. كما أفاد المكتب بتعرض أجزاء كبيرة من القطاع -وخاصة المناطق الوسطى والجنوبية في محافظتي دير البلح وخان يونس- لمزيد من القصف "المكثف"، جوا وبرا وبحرا، خلال ال 24 ساعة الماضية. وحذر الشركاء في المجال الإنساني بشكل متزايد من احتمال انهيار الخدمات الصحية في دير البلح وخان يونس، بسبب تكثيف القصف في هذه المناطق، ما تسبب في ارتفاع عدد الإصابات وانعدام الأمن ووجود حواجز كبيرة أمام إيصال المساعدات. كما كرروا تحذيراتهم بشأن تزايد خطر الإصابة بالأمراض في القطاع وخاصة في مدينة رفح، مع نزوح المزيد من المدنيين الفلسطينيين جراء العدوان الصهيوني، ففي منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) أن رفح كانت قبل عدوان الاحتلال، موطنا لحوالي 280 ألف فلسطيني، لكن عدد سكانها الآن يزيد عن مليون نسمة، مشيرة إلى أن "الشوارع المزدحمة تشهد انتشارا مقلقا للأمراض". وفي انتظار الحكم الذي سيصدر من محكمة العدل الدولية، تواصل آلة القتل الصهيونية مخططات الإبادة الجماعية، مخلفة أكثر من 23 ألف شهيد فلسطيني و59 ألف جريح، أغلبهم من النساء والأطفال، بالإضافة إلى أكثر من سبعة آلاف شخص في عداد المفقودين ودمارا شبه كلي في البنى التحتية وكارثة صحية وإنسانية غير مسبوقة.