دشن بهاء الدين طليبة النائب البرلماني عن الجبهة الوطنية للديمقراطية عهدته النيابية بالاستيلاء على مكتب داخل مقر دائرة عنابة، تفرغ فيه لاستقبال مواطنين فجروا احتجاجات عارمة ضد إقصائهم من برنامج السكن الاجتماعي، وأعد قائمة مكونة من مائتي شخص وعدهم بإدراجهم ضمن المستفيدين، فيما باشرت مصالح أمنية مختصة التحقيق في شكاوى قدمها شهود عيان وقفوا عند حقيقة الوضع في موقع الحدث. نقل مواطنون غاضبون ل«السلام” أنهم احتجوا نهاية الأسبوع ضد “سياسة إقصاء وتهميش معتمدة من قبل الإدارة المحلية حرمتنا من الحصول على سكنات ضمن البرامج المعلن عنها”. وتابع متحدث باسم المحتجين “إنه في الوقت كنا ننتظر فيه مقابلة رئيس الدائرة لتبليغه انشغالاتنا بصفته مسؤولا تنفيذيا ورئيسا للجنة السكن الدائرية ، تفاجأنا بالنائب بهاء الدين طليبة يدون أسماء بعض المواطنين داخل مكتب في مقر الدائرة ويعدهم بتسوية القضية عبر إدراجهم في قائمة المستفيدين”. ووصف المتظاهرون الذين حاصروا نهاية الأسبوع مقر دائرة عنابة، هذا التصرف بالغريب لأن مهمة النائب ليست تدوين أسماء مستفيدين معينين من حصص سكنية، بقدر ما هي تفرغ لمعالجة مشاكل كافة مواطني الولاية ونقل لمشاغلهم إلى السلطات المركزية، مستنكرين قيام النائب المذكور بهذه الخطوة الغريبة داخل مقر هيئة إدارية رسمية يفترض أنها بعيدة كل البعد عن “التحزب”، على خلفية أن بهاء الدين طليبة ممثل حزب الجبهة الوطنية الديمقراطية وليس مسؤولا تنفيذيا. وفُهم رفض رئيس دائرة عنابة التحاور مع المحتجين ومقابلتهم على أنه “تواطؤ مفضوح مع النائب الثري المعروف في الأوساط الشعبية بعنابة، على أنه من الأثرياء الجدد الذين برزوا في الساحة المحلية مؤخرا وفي ظرف وجيز جدا”، وفيما رفض رئيس الدائرة الخوض في تفاصيل هذه القضية “الفضيحة” حين منع الصحافيين من دخول مقر الدائرة استنادا إلى تأكيدات أعوان الأمن الداخلي الذين شددوا على أنهم يطبقون تعليمات رئيس الدائرة، حاولت “السلام” الاتصال بوالي عنابة محمد الغازي مرارا وتكرارا لمعرفة موقفه من فضيحة “تحويل مقر هيئة رسمية إلى مداومة نيابية لفائدة حزب سياسي” لكن قائمين على خلية الإعلام بديوان الولاية تحججوا بأن مسؤول الجهاز التنفيذي منشغل باجتماعات ومواعيد رسمية ولن يكون بوسعه الرد على ما تطرحه الصحافة. تعليمة “مزورة” لوالي عنابة تأمر رؤساء الأمن والدوائر بدعم رجل الأعمال المترشح يطرح موقف الوالي محمد الغازي مع هذا النائب أكثر من علامات استفهام على خلفية أنه اتهمه في مؤتمر صحفي سابق، بالتورط في تزوير دمغته الرسمية وتوقيعه الشخصي في تعليمة موجهة إلى مختلف أسلاك الأمن الوطني، ومسؤولي وأعوان الإدارة المحلية بولاية عنابة بتاريخ 12 أفريل الماضي جاء فيها: ‘'يأمر فيها السيد والي الولاية جميع رؤساء الدوائر والأجهزة الأمنية عبر إقليم الولاية، بالسهر على تسهيل وإنجاح عمل المترشح لتشريعيات 10 ماي 2012، السيد طليبة بهاء الدين، مع توفير كافة الوسائل ووضعها تحت تصرفه في كافة تجمعاته وخرجاته الميدانية'”. وتابعت التعليمة التي “تتطاول على مؤسسات الدولة وتزج بها في متاهات السياسة” أن “السيد الوالي يأمر جميع المصالح التابعة للولاية بتطبيق هذه التعليمة فور صدورها، وإخطار كافة الجهات المعنية، الإدارية والأمنية، التي تتعامل معها مصالح الولاية، مع إيفائنا بتقارير يومية”. وقال محمد الغازي الذي سارع لعقد مؤتمر صحفي لاحتواء الفضيحة “إني تقدمت بشكوى إلى النيابة العامة لمجلس قضاء عنابة للتحقيق في هذه القضية التي تعد مساسا خطيرا بمؤسسات الدولة وضربا لهيبتها ومصداقيتها”. وكانت “السلام” قد أثارت ملف “الوثيقة المزورة” في الندوة الصحفية التي نشطها المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل بقسنطينة فرد قائلا” التقيت والي عنابة واستفسرته حول الموضوع، فأكد لي براءته من استصدار وثيقة تدعم مترشحا بعينه” وتابع هامل أن “القضية موجودة على مستوى العدالة بعد إنهاء كافة الإجراءات الأمنية اللازمة” محيلا الصحفيين على “تلقي مزيد من التفاصيل من طرف رئيس أمن ولاية عنابة”. أحزاب تندد ب«تسييس” الإدارة وتدعو إلى التحقيق في الممارسات المنافية من جهتها، انتقدت أطراف سياسية ما قام به النائب بهاء طليبة ووصفته ب«السلوك الخطير الذي يمس بهيبة الدولة ويضع مصداقية مؤسساتها الرسمية على المحك”، لاسيما أن الأمر يأتي عشية التحضير للانتخابات المحلية وهو موقف تناغم أيضا مع رأي نائب حزب العمال إسماعيل قوادرية الذي شدد في تصريح ل«السلام” أنه “يجب الفهم الجيد لمهمة النواب الذين يفترض ممارستهم لوظيفتهم داخل الغرفة السفلى وفي مداومات برلمانية للوفاء بالتزاماتهم مع ناخبيهم لا ممارسة السياسة داخل مقرات حكومية”. من جهتها نددت ما يسمى بمبادرة مكافحة الفساد ب«هذه السلوكات التي تخدش حياء الممارسة السياسية” وطالبت السلطات العمومية بكشف تفاصيل ونتائج التحقيق في التعليمة التي زعم الوالي أنها مزورة. النائب بهاء “يفتخر” بوقوفه إلى جانب المستضعفين أفاد مصدر مقرب من النائب البرلماني بهاء الدين طليبة أنه “يفتخر بكون ممثل الجبهة الوطنية الديمقراطية كان الوحيد الذي تنقل إلى مقر دائرة عنابة ليتحاور مع المحتجين، ضد إقصائهم من قوائم الاستفادة من السكن الاجتماعي” وتمنى المصدر “أن يحذو بقية نواب الولاية حذو السيد بهاء الدين طليبة حتى يوفوا بالتزاماتهم ووعودهم الانتخابية” وشدد المتحدث “أن أي اتهام توجهه بعض الأطراف ضد حزب الجبهة الوطنية الديمقراطية يعني أن تحركاتنا تزعجهم مثلما أزعجتهم الوساطة التي قام بها السيد النائب بين طرفي الأزمة في نقابة أرسيلور ميتال قبل أيام لإنهاء التوتر في مركب الحجار”. حرب “الفايسبوك” تُنغِص حياة “بهاء” قال الناشط توفيق وزاع منسق ما يسمى ائتلاف شباب تطهير عنابة “إن الأسباب الحقيقية التي دفعتني رفقة مجموعة من المثقفين إلى قيادة حملة ضد ترشح السيد بهاء الدين طليبة وغيره من الذين تحوم حولهم شبهة الفساد المالي، باسم سكان ولاية عنابة هي أنه وجه غريب على المنطقة وأمواله مشكوك فيها، فلا يشرف السكان المحليين أن يمثلهم أشخاص غير نزهاء” وتابع وزاع “لقد كلفني هذا النشاط رفقة زملائي قيادة حملة ضدي تسيء إلينا وتقدح فينا وتشوه سمعتنا، ما دفعنا إلى تحريك دعوى قضائية ضد المرشح بهاء الدين طليبة ومديرية حملته الانتخابية”. وسألت “السلام” المتحدث حول موقف أنصاره من فوز مرشح “الأفندي” بمقعد برلماني بعد نيله ثقة الناخبين فأجاب “للأسف لقد قدمنا التعازي لبعضنا البعض، حتى وإن كنا مدركين أن شرفاء عنابة لم يصوتوا لفائدة هذا النائب، ولكنه أغدق على ضعاف النفوس بالأموال واشترى أصوات الغلابى والمغبونين”. وذهب وزاع أبعد من هذا لما كشف أن المحامية نبيلة شبلي بيازة التي ترشحت باسم الحركة الشعبية الجزائرية قد استنكرت “اغتصاب” حقها في الحصول على المقعد النيابي الذي حصل عليها ممثل (الأفندي)، ما جعل المعنية تقدم طعونا لدى المجلس الدستوري أنصفها بمنحها مقعدا حصل عليه مرشح جبهة التحرير الوطني جمال عبد الناصر مانع. ودخلت مديرية الحملة الانتخابية لبهاء الدين طليبة على الخط، وشنت بالمقابل حملة غير مسبوقة ضد “أعداء النجاح الذي يمثله بهاء الدين طليبة الشاب النزيه والشريف الذي يفتخر بتاريخه النضالي ومستواه الأكاديمي وسمعة مؤسسته الاقتصادية”، واتهم معدو الصفحة “الفايسبوكية” التي تحولت فيما بعد إلى منبر دعائي، الخصوم بأنهم مجرد “خفافيش لا يصلحون لأي شيء ومعروفون بسمعتهم السيئة وعلاقاتهم المشبوهة في الوسط المحلي لذا لا يحق لهم إعطاءنا الدروس”.
تهديدات بوضياف تنسف “صفقات” طليبة ومنادي فتح “الفوز الملغم” لبهاء الدين طليبة بمقعد نيابي شهية النازل الجديد إلى غرفة محمد العربي ولد خليفة، لإطلاق حملة غير مسبوقة روجت بقوة لشرائه كامل أسهم الشركة الرياضية لفريق اتحاد مدينة عنابة وفق “اتفاق بالتراضي” مع الرئيس المخلوع عيسى منادي يقضي ب«تكفل الرئيس الجديد بتحمل كافة الأعباء والديون المتراكمة على خزينة الفريق المحلي”، وهي التصريحات التي أخرجت المتعامل الاقتصادي بوضياف عن صمته ودفعت به إلى الاتصال بمديرية الشباب والرياضة ووالي عنابة والتهديد ب«فضح المستور والصفقات غير القانونية التي يسعى لإبرامها بزناسية يحسبون أن الفريق الكروي ملك لهم”، وهي إشارة واضحة إلى حديث الشارع الرياضي بعنابة عن اتصالات فعلية جرت بين عيسى منادي وبهاء الدين طليبة الذي كان يتأهب لاستلام مفاتيح الشركة الرياضية فور انتهاء أزمة نقابة أرسيلور ميتال، ما جعل النائب الجديد يتخندق في صف “الحاج” عيسى منادي لمّا تنقل شخصيا إلى مركب الحجار لدعم “النائب المضرب عن الطعام” ووعده بطرح القضية على وزير الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة وترقية الاستثمار عبد الله بن مرادي. وواضح أن بوضياف حذر “الديجياس” من مغبة التواطؤ مع سماسرة “صفقات مشبوهة”، داعيا “السلطات العمومية إلى وقف التلاعبات التي تخترق قوانين الجمهورية”. وهي المساعي التي نسفت صفقة النائب الجديد طليبة الذي خسر المعركة.