يستقبل المستشفى الجامعي بقسنطينة كلّ فصل صيف عددا معتبرا من ضحايا مياه الينابيع التي تعتبر ملجأ الكثير من سكان القرى والمناطق المعزولة، التّي لا تتوفّر على مياه الحنفيات أو التّي تعرف تذبذبا في التزود بهذه المادة الحيوية. وحسب بعض الأطباء ممّن تحدّثوا إلى "السّلام"، فإنّ الجزائريين عموما لا يعون خطورة مياه الينابيع التّي تحوي غالبا "العلق"، الذي يمكن أن يتسبّب بمقتل أحدهم لولا التّدخل الطّبي، بحيث يلجأ الكثيرون لمصلحة الاستعجالات بعد البدء في بصق الدّم دون سبب واضح أو مرض معين، ويتمّ الكشف بعدها عن العلق الذّي يلتصق بالحبال الصّوتية ويتغذى على دم الإنسان إلى أن ينتفخ ويستطيل، ويصبح حجمه كبيرا ومقزّزا لمن يقف على منظره. ويرجع الأطباء ذلك لكون مياه الينابيع تكون قريبة جدّا من النّباتات أو غيرها من العوامل التّي تجعلها تحوي العلق، الذي هو عبارة عن حيوانات مجهرية لا ترى بالعين المجرّدة لصغرها ويسهل بلعها مع الماء، لكنها بمجرد أن تتغذى حتى تكبر في مدّة قصيرة ويصل حجمها لحجم أصبع اليد. مسؤولية هذا الأمر أطراف عدّة فمن جهة شركات المياه المسؤولة عن تأمين مياه الشّرب للمواطنين تدفعهم أحيانا دفعا للاستنجاد بمياه الآبار والينابيع غير الصّحية، بقطعها المياه لفترات طويلة أو عدم إصلاح التّسربات والأعطال في وقت قصير. من جهة أخرى تلعب الذّهنيات دورها بحيث أنّ البعض يؤمن أنّها نظيفة تماما بل وصحية لكونها طبيعية، بينما لا يثق البعض الآخر بمياه الحنفيات التّي يتركونها للغسيل بسبب الصّور القاتمة عنها جراء اختلاطها أحيانا بالأتربة وحتّى مياه الصّرف. للإشارة فإنّ احتمال تسبّب العلق في غلق المجاري التّنفسية ومن ثمّ الموت وارد جدا، إذا لم يقصد المريض الطّبيب في الوقت المناسب أو ينقل قبل فوات الأوان، نظرا لأنّ الغالبية لا تحسّ بخطورة الأمر إلاّ بعد تفاقمه. والمثير في الموضوع أن العلق يعتبر دواء للعديد من الأمراض وهناك من يستخدمه في الحجامة وتستعمله مستشفيات هندية كعلاج فعّال، بينما لازال المواطنون بصفة عامة يشربونه مع مياه الينابيع غالبا بسبب مسؤولين لم يقوموا بمهامهم في تأمين المياه الشّروب.