أجمع قادة الأحزاب أمس، على اعتبار الفيلم الأخير المسيء للرسول صلى الله عليه وسلم، هجمة غربية صهيونية هدفها استفزاز المسلمين وجرهم إلى احتجاجات عشوائية عنفوانية داخلية من شأنها نشر الفوضى والدمار وإفشاء الفتنة. وفي تصريحات خاصة ب«السلام”، قال قاسى عيسي المتحدث باسم جبهة التحرير أن هذه المبادرة استفزاز غربي واضح للمسلمين هدفه جرهم إلى مشاكل وفوضى داخلية قد تفرزها الاحتجاجات والمظاهرات المنددة بهذا الاعتداء المشين إلى أفضل خلق الله وقدوة المسلمين”، داعيا بالمناسبة الجزائريين وباقي الشعوب العربية إلى ضرورة التعامل مع هذا الاستفزاز بذكاء وروية وتفادي التهور الذي خلف لحد الآن عددا لا يستهان به من القتلى الذين قضوا نتيجة المواجهات الشعبية مع قوات الأمن، على غرار ما حصل في كل من مصر وليبيا وكذلك اليمن وسوريا، بعدما أبدى توقعه بتصعيد للأوضاع في عدد من البلدان العربية المسلمة الأخرى بما فيها الجزائر. كما أكد المتحدث هذا الاعتداء الغربي على أعظم رموز الأمة الإسلامية غير ظرفي أو محدود ولن يقتصر على فيلم أو رسومات، وقال إنه “تيار ممنهج يعمل وفق استراتيجيات هدفها تدمير المسلمين ونشر الفرقة والفوضى في أوساطهم”، وفي السياق ذاته قال قاسى عيسي “إن الحل الوحيد لمواجهة هذه الاعتداءات والانتهاكات المتكررة لمعالم الدين الإسلامي وحرمانه، هو بتحرك سياسي ثقافي اقتصادي على غرار المقاطعة الاقتصادية والثقافية لمثل هذه المنتجات ولكل ما توجهه هذه البلدان، ومن يساندها من إنتاج وتصدير نحو العرب والمسلمين لضرب مصالحها الحيوية المادية”. وفي نفس الاتجاه صبت مواقف حملاوي عكوشي الأمين العام لحركة الإصلاح الذي اعتبر هذا الفيلم هجمة غربية صهيونية قديمة النشأة بدأها المستشرقون الذين أرادوا ضرب الإسلام والمسلمين-على حد تعبير المتحدث- الذي قال “إن الإسلام عامة والرسول صلى الله عليه وسلم خاصة خط أحمر لا يخول لأي كان تجاوزه أو المساس بقدسيته”، مشيرا إلى أن مثل هذه المبادرات لن تستطيع زعزعة قوة تمسك المسلمين بدينهم وحبهم لرموزه. كما أكد عكوشي أن هذه المبادرة دليل على عدم احترام الغرب لديانات الآخرين، مشيرا إلى أن الأجيال القادمة كفيلة بتدفيعهم الثمن غاليا إزاء ما يقومون به اتجاه دينهم، وقال “إن تحركاتنا وردود أفعالنا كرجال سياسة قد تكون مدروسة وهادئة لكن ردود فعل الشعب، إذا ثار يصعب كبح جماحها وتطويقها، هذا واقترح المتحدث كحل للتصدي لهذه الاعتداءات التي لن تتوقف عند هذا الحد -على حد تعبيره- ضرورة قطع العلاقات منها بجميع أشكالها وخاصة الاقتصادية مع مختلف الدول المساهمة في إنتاج هذا الفيلم وحتى الداعمة لأفكاره المشوهة لأحداث الإسلام وشخصياته. من جهته، دعا جمال بن عبد السلام رئيس حزب جبهة الجزائرالجديدة إلى فتح المجال أمام المسيرات والتظاهرات والتجمعات السلمية للتنديد بالفيلم المسيء للنبي محمد صلى الله عليه و سلم. وقال بن عبد السلام عقب افتتاحه أمس لأشغال الدورة العادية للمجلس الوطني بمقر الحزب بالعاصمة أن أعضاء المجلس سيتدارسون هذا الأمر وسيبتون في الموقف النهائي الذي سيعلن عنه غدا الأحد في ندوة صحفية”، موضحا أن الوضع الراهن “لا يسمح لنا بالخوض في هذه الانتخابات خاصة في ظل انعدام الثقة من جانبنا في هذه السلطة”، مستدلا في ذلك بما أسماه ب “أم المهازل الانتخابية” في تاريخ الجزائر في إشارة منه إلى تشريعيات ماي الأخيرة. كما استنكرت حركة النهضة في بيان لها مضمون الفيلم وقالت إنه تحرك غربي هدفه إشعال النار في بيت المنطقة العربية لمنع الربيع العربي من تحقيق أهدافه، معتبرة المبادرة إهانة ومساس لمشاعر المسلمين وتأجيجا لروح العدوان بينهم وبين الشعوب الأخرى، كما أورد البيان أن هذه الخطوة جاءت لتعفين الأوضاع في إطارأجندة أمريكية وغربية خدمة للكيان الصهيوني على حساب الشعوب العربية التي تتوق إلى الحرية والتنمية والعدالة الاجتماعية، هذا بعد حملة الربيع العربي التي تعيشها المنطقة العربية والإسلامية. كما تضمن البيان دعوة ومناشدة الحركة الشعوب العربية والإسلامية للتظاهر السلمي بالطرق الحضارية بعيدا عن العنف الذي ليس هو في خدمة الأمة العربية، خصوصا مع التحولات التي تعيشها المنطقة العربية وعدم الانجرار وراء ذلك، هذا كما طالبت حركة النهضة في السياق ذاته الحكومة الجزائرية باستدعاء السفير الأمريكي للتعبير عن احتجاج الجزائر دولة وشعبا حول هذا الفعل المسيء للنبي الأعظم. إلى ذلك، أفاد عمار بلاني الناطق الرسمي لوزارة الخارجية أن الجزائر تعرب عن أسفها الشديد حيال “لا مسؤولية” أصحاب فيلم “براءة المسلمين”، وأوضح بلاني: “المساس بالرموز الدينية المقدسة أيا كانت لا يمكنه إلا إثارة الشجب والاستياء إذ أن هذه الاستفزازات تهدف إلى تأجيج الحقد والتوترات وإعاقة الجهود المبذولة على المستوى الدولي في إطار حوار الحضارات و الديانات”.