استمعت أمس قاضية محكمة القطب الجزائي المختص في قضايا الفساد، إلى تصريحات 26 متهما وأزيد من 50 شاهدا، في قضية تهريب البنزين بطريقة غير مشروعة من محطة خروبة بالعاصمة، حيث كشفت جلسة المحاكمة عن نشاط شبكة منظمة مكوّنة من أعوان أمن ورؤساء أفواج ومراقبين، كانوا يسهّلون خروج الشاحنات محملة بالوقود بفواتير مزوّرة، ولفائدة عدد من أصحاب المحطات الخاصة بأسعار منخفضة، وذلك تحت إشراف رئيس الأمن الداخلي السابق. حيث كان لكل واحد منهم دور محدّد من خلال التغاضي على الكمية المستخرجة، والفواتير المزورة وتسهيل دخول وخروج الشاحنات، وذلك لمدة سبعة أشهر، قبل إلقاء القبض عليهم خلال شهر فيفري الفارط من قبل مصالح الأمن بحسين داي، بتهم تكوين جمعية أشرار بغرض الإعداد لجنحة التزوير واستعمال المزور في محررات تجارية، وتبديد أموال عمومية وسوء استغلال الوظيفة. وجاءت تصريحات المتهمين الرئيسيين في قضية الحال، متناقضة تماما عما أدلوا به في محاضر الشرطة و أمام قاضي التحقيق، حيث حاول كل واحد التملص من المسؤولية، ويتعلق الأمر بكل من "س . رشيد" سائق شاحنة، وهو أول من ألقي عليه القبض وهو يقود الشاحنة ليلا إلى محطة خاصة تقع بحي الموز، حاملا فواتير مزورة ،قال إنه حصل عليها من المتهم "ش عبد الحق "، حيث كانت الشاحنة الموجهة إلى المحمدية إضافية وخارج نطاق العمل، فيما كان من المقرّر أن يعود إلى المحطة لنقل الشاحنة المقرّرة إلى ولاية البويرة، غير أن " ش عبد الحق " عون أمن، أنكر منح الفواتير المزورة، وقال إنه كان في إجازة خلال تاريخ الوقائع قبل أن يصدر في حقه أمر بالقبض. وتوجهت أصابع الإتهام من قبل أغلب الموقوفين إلى المدعو"ن .مختار" رئيس مجموعة الأمن الداخلي السابق، والذي أوقف عن العمل خلال السنة الفارطة، إلا أنه بقي على اتصال بمسؤولين رفض الإفصاح عن هويتهم وكان يعرض على العمال المشاركة في عملية التهريب، وهو ما جعله يفّرمن أعوان الشرطة على متن سيارته التي كانت تحوي على جهازي سكانير ووحدة مركزية، أختام وعدد من الوثائق الإدارية، منها فواتير مستنسخة وأخرى معدة للاستعمال، إضافة إلى وثيقة تحوي أسماء أعوان الأمن ومواعيد عملهم اليومية، فضلا على مبلغ 277 مليون سنيتم، ورغم أنه اعترف بالتزوير مقابل بعض الامتيازات وباقتراح من "ش.عبد الحق" ولكنه أكد أنه حضرّ لإرسال رسالة مجهولة لكشف الوقائع التي تحدث بالمحطة، ولكنه تراجع عن ذلك خوفا على مصير أعوان الأمن . " ب .جلول " رئيس فوج أعوان الأمن والمقدر عددهم ب 23 عونا، كان في فترة عمل تجريبية ومسؤول عن الأسلحة المستعملة في تأمين المحطة، وتجّلى دوره في العصابة في تسهيل عملية خروج الشاحنات من امخرج رقم 4 بعد أن يتلقى مكالمة من المدعو " م .الياس " مقابل مبلغ خمسة ألاف دينار عن كل عملية، غير أنه تراجع عن اعترافاته أمام المحكمة، في الوقت الذي صرّح " م إلياس" المكلف بقياس كمية البنزين المستخرجة أنه كان يلاحظ وجود فرق في الكمية المسجلة من العون الذي سبقه، ولكنه لم يقدّم تقريرا بذلك خاصة أن نسب الخطأ في القياس كانت معتبرة رئيس الفوج المسؤول عن عملية الشحن. رئيسا فرقة الشحن وعامل بمركز المراقبة بدورهم سمحوا بعملية الشحن رغم أن الفواتيرمزورة ولكنهما أنكرا علمهما بذلك، أما بقية المتهمين فتراوحت رتبهم بين أعوان أمن وقياس وشحن، أحيلوا على المحاكمة بناء على تصريحات المتهمين الرئيسيين، حيث أنكروا أن يكون لهم دخل فيما يجري داخل المحطة، وأنهم كانوا يمارسون نشاطهم بصورة عادية. وبناء على أوامر مسؤوليهم المباشرين، تجدر الإشارة أن محكمة القطب ستفتح ملفا جديدا خلال الشهر القادم يتعلق بتورط ثلاث متهمين آخرين في قضية تزوير صك بقيمة سبعة ملايير سنتيم، منح لمؤسسة نفطال لاستخراج كمية من البنزين ولكنه ثبت أنه مزوّر .