مع ثبوت هلال شهر الصيام، يبدأ أهل الشام بتبادل التبريكات فيما بينهم، ومن العبارات المتداولة في هذه المناسبة، قولهم: " ينعاد عليكم بالصحة و الهناء"، " شهركم مبارك" و نحو ذلك من العبارات التي تقال باللهجة السورية، التي تعبر عن تمني الناس بعضهم البعض الخير و البقاء لرمضان القادم. العادة عند أهل الشام، أنه وبثبوت الهلال، تشهد المساجد عموما نشاطا ملحوظا، فتعقد دروس التفسير و الفقه و الحديث، بعد صلاة الظهر و العصر، إلى جانب المحاضرات و الندوات الدينية. إضافة إلى أن صلاة التراويح تشهد إقبالا كبيرا من قبل المصلين، ومن عاداتهم كذلك، إحياء الليلة السابعة و العشرين من رمضان، حيث يعتكف كثير من الناس في المساجد في تلك الليلة لإحيائها مع تناول طعام السحور في المساجد جماعة. أغلب الناس في بلاد الشام ، أنهم يفطرون على التمر و الماء و بعض أنواع العصير،ثم يتناولون طعام الإفطار مباشرة و قبل أداء صلاة المغرب، فهم أغلبهم يصلون في بيتهم صلاة المغرب بعد أن يكونوا قد تناولوا طعام الإفطار. فيما يتعلق بالمائدة الرمضانية السورية، فإن الناس يولون عناية خاصة بالمشروبات و المرطبات، فتضم مائدتهم شراب ( العرقوس) و هو من الأشربة المفضلة لدى الصائمين بالشام، خاصة أيام الصيف، أيضا شراب (قمر الدين) المصنوع من المشمش المجفف، و شراب ( التمر الهندي) المطلوب و المرغوب فيه كثيرا في الشهر الكريم، أما باقي الأطعمة، فتكون عبارة عن طعام الحساء ( الشوربة) إضافة إلى أكلة الفول و الحمص ( الفتة)، هذا بالإضافة إلى ( الرز بالفول)، (الملوخية)، ( الكبة) وغيرها من الأكلات الشامية المطلوبة طيلة الشهر الفضيل. إن الاستيقاظ لتناول طعام السحور، تكون من مهام رجل من أهل الحي أو غيره يدعى :(المسحراتي )، هذا الأخير يتولى إيقاظ الناس و تنبيههم من نومهم لتناول طعام السحور، حيث يبدأ جولته تلك ساعتين قبل أذان الفجر كي يتمكن من إيقاظ أكبر عدد ممكن من المتسحرين، يستعمل أثناء ذلك ( الطبلة) ويقرع عليها بعصاة صغيرة، و يردد أثناء ذلك عبارة " قوموا يا اللي ما بدوموا" . حلويات الشاميين، ذات عراقة و أصالة، من بين تلك التي تلقى إقبالا كبيرا خلال الشهر المبارك، نجد ( القطايف)و (الكنافة)، هذان النوعان من الحلوى من أهم الحلويات التي يكثر الطلب عليها في رمضان، و يتم تناولها بعد الرجوع من صلاة التراويح خلال اجتماعاتهم المسائية. في الأيام الأواخر من رمضان تستعد العائلات الشامية لتحضير حلوى العيد، ومن أنواع الحلوى المعهودة في هذه المناسبة ما يسمى ب "المعمول". عند إشراف الشهر الكريم على المغادرة و الفراق، يدخل قلوب الناس – و خاصة الكبار منهم- الحزن و الأسى، و كأن ضيفا كريما و عزيزا سوف يرحل عنهم و يتركهم، حتى أن بعض الناس يذرفون الدموع و يتحسرون على انتهاء هذا السهر المبارك، خاصة لدى سماعهم الأناشيد الدينية التي تعبر عن لحظات الفراق و الوداع التي تبثها الإذاعة السورية في وقت السحور، ومن تلك الأناشيد التي تقال في هذه المناسبة، نشيدة مطلعها: (فودعوه ثم قولوا له: يا شهر قد آنستنا...) وتقال هذه النشيدة يومي 28 و 29 من الشهر الكريم.