الت سلطات شبه جزيرة القرم الأوكرانية إن أكثر من 95 بالمائة من سكّان الإقليم اختاروا الانضمام إلى روسيا والانفصال عن أوكرانيا، وذلك في استفتاء مثير للجدل نظم أوّل أمس الأحد، وقالت الولايات المتّحدة إنها ترفض الاعتراف بنتائجه. أعلنت لجنة برلمان القرم المشرفة على تنظيم الاستفتاء في شبه الجزيرة أن نتائج الفرز النّهائي للأصوات أكّدت أن 77ر96 بالمائة من المشاركين في التصويت أيّدوا انضمام القرم إلى روسيا. وقالت اللّجنة أمس إن نسبة المشاركة في التصويت بالاستفتاء على وضع جمهورية القرم بلغت 82 بالمائة، أمّا مدينة سيفاستوبل الواقعة جنوب شرق شبه جزيرة القرم ولها صفة إدارية خاصّة فقد بلغت نسبة حضور الناخبين فيها 5ر89 بالمائة، حسب اللّجنة التنسيقية لإدارة المدينة. وفي ذات السياق أعلن رئيس وزراء جمهورية القرم سيرغي أكسيونوف أن نحو 40 بالمائة من تتار القرم صوّتوا لصالح الانضمام إلى روسيا رغم دعوات قيادتهم إلى مقاطعة الاستفتاء، علما بأن تتار القرم يشكّلون 12 بالمائة من سكّان شبه الجزيرة. ونقلت وكالات الأنباء الرّوسية عن رئيس لجنة المراقبين الدوليين البولندي ماتيوش بيسكورسكي قوله إن استفتاء القرم يتطابق مع جميع القواعد الدولية والإجراءات الديمقراطية، مضيفا: (ما رأيته في القرم لا يختلف عن أيّ استفتاء في أيّ دولة أوروبية ديمقراطية). من جهته، أعلن رئيس وزراء القرم أن برلمان الجمهورية تقدّم بطلب رسمي بانضمام القرم إلى روسيا، وأن وفدا برلمانيا سيتوجّه من القرم إلى موسكو اليوم الثلاثاء لتنسيق الإجراءات القانونية اللاّحقة مع مجلسي الدوما (النواب) والاتحاد (الشيوخ) الرّوسيين. وفور إعلان النتائج قال رئيس وزراء القرم سيرغي أكسيونوف مخاطبا المحتفلين الذين احتشدوا في ساحة لينين في العاصمة سيمفيروبول: (نحن عائدون إلى ديارنا)، وأضاف: (القرم ذاهبة إلى روسيا)، ثمّ جرى عزف النشيد الوطني الرّوسي، وقد أنشده مغنّون ارتدوا لباس بحّارة الأسطول الرّوسي في البحر الأسود. وخرج آلاف المؤيّدين للانفصال مساء أوّل أمس في مدينتي سمفيروبول وسيفاستوبول للاحتفال بنتيجة الاستفتاء. وردّا على ذلك الاستفتاء ألمح الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى فرض عقوبات جديدة على موسكو، مؤكّدا لنظيره الرّوسي فلاديمير بوتين في اتّصال هاتفي أن الولايات المتّحدة وحلفاءها لن يعترفوا (أبدا) بهذا الاستفتاء. وقال البيت الأبيض في بيان إنه في اتّصاله ببوتين شدّد الرئيس أوباما على أن استفتاء القرم (الذي ينتهك الدستور الأوكراني وجرى تحت إكراه بالتهديد من التدخّل العسكري الرّوسي لن يتمّ الاعتراف به أبدا من جانب الولايات المتّحدة والمجتمع الدولي). وأضاف أوباما أن (أعمال روسيا تنتهك سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها)، وأنه (بالتنسيق مع شركائنا الأوروبيين، نحن مستعدّون لفرض أثمان إضافية على روسيا بسبب أعمالها). وكان الكرملين أصدر بيانا حول هذه المحادثة أكّد فيه أن بوتين شدّد لنظيره الأمريكي على أن الاستفتاء الذي جرى في القرم (يتطابق تماما) مع القانون الدولي. كييف تطالب بحقّها من تركة الاتحاد السوفياتي في ردّ فعل الحكومة المركزية في أوكرانيا كلّف رئيس الحكومة الأوكرانية الانتقالية إرسيني ياتسينيوك وزير خارجيته بإعداد صياغة قانونية لموقف أوكرانيا من مسألة تقسيم أملاك الاتحاد السوفياتي السابق. وذكرت وكالة أنباء (نوفوستي) الرّوسية أمس أن التكليف صدر، حيث طلب رئيس الحكومة الأوكرانية الانتقالية من وزير خارجيته أندري ديشيتسا صياغة الموقف القانوني لأوكرانيا من مسألة حماية المصالح القومية لها خلال تقسيم موارد وأملاك الاتحاد السوفياتي. ويزعم الجانب الأوكراني أن موسكو تعهّدت في عام 1992 بتحويل عدد من المباني التابعة لوزارة خارجية الاتحاد السوفياتي إلى ملكية أوكرانيا. وأضافت الوكالة أنه (لا يبدو الجانب الأوكراني مستعدا للتخلّي عن مطالبه في بعض العقارات المملوكة للاتحاد السوفياتي السابق في الخارج رغم أن أوكرانيا لم تساعد روسيا على سداد ديون الاتحاد السوفياتي). وتطالب أوكرانيا حاليا ب 37ر16 بالمائة من تركة الاتحاد السوفياتي التي تشتمل على ممتلكاته في الخارج ومخزونه من الماس. ومن جانبها، تعتبر روسيا أن هذا الموضوع أصبح في حكم المنتهي بموجب الاتّفاقية التي وقّعتها الحكومتان الرّوسية والأوكرانية في عام 1994، والتي وصفت روسيا بوريث الاتحاد السوفياتي فيما يخص سداد ديونه الخارجية وتملك موجوداته وأصوله بما فيها أملاكه في الخارج، إلاّ أن البرلمان الأوكراني قرّر في عام 1997 تأجيل المصادقة على الاتّفاقية إلى أجل غير مسمّى. يذكر أن بلدان الاتحاد السوفياتي باستثناء أوكرانيا كانت قد وقّعت مع روسيا في عام 1991 اتّفاقية تعرف ب (الخيار صفر) وتقضي بأن تنقل كافّة أصول الاتحاد السوفياتي في الخارج إلى روسيا مقابل أن تسدّد الأخيرة كافّة ديونه الخارجية.