مروان عزي ل"أخبار اليوم": "المصالحة حققت الكثير.. وحان وقت ترقيتها" عاد في الأيام الأخيرة إلى الواجهة الحديث والجدل بشأن إمكانية ترقية المصالحة الوطنية إلى عفو شامل، وسط تخمينات وتكهنات، وكذا معلومات تشير إلى (مفاوضات) هنا وهناك بين بعض مشايخ الحزب المحظور، الجبهة الإسلامية للإنقاذ المحلّة، من جهة، وممثلي بعض المترشحين لرئاسيات 17 أفريل من جهة أخرى، وقد عززت فرضية ترقية المصالحة إلى عفو شامل ولو تحت تسمية أو صيغة أخرى بعض التصريحات الرسمية وغير الرسمية. (أنا من المؤمنين بأن الجزائر بحاجة إلى استكمال مسيرة المصالحة الوطنية).. هذا ما صرّح به عبد العزيز بلخادم وزير الدولة المستشار الشخصي لرئيس الجمهورية في حديث أجرته معه قناة العربية الفضائية، وهو تصريح يفتح المجال واسعا أمام قراءات تفيد بإمكانية ترقية المصالحة إلى عفو شامل في حال انتخاب عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية رابعة، وفي المقابل تشير قراءات أخرى إلى أن المصالحة الوطنية بلغت مداها وحدها الأقصى، خصوصا بعد أن أشار أحمد أويحيى، وزير الدولة ورئيس ديوان رئيس الجمهورية إلى أنه لا يمكن تقديم أكثر مما تم تقديمه من خلال مسعى المصالحة الوطنية الذي سمح بنزع فتيل مأساة وطنية خلفت عشرات الآلاف من القتلى والمصابين، وخسائر بملايير الدولارات. مروان عزي: "ترقية المصالحة بيد الرئيس" قال رئيس خلية المساعدة القضائية لتطبيق ميثاق السلم والمصالحة الوطنية السيد مروان عزي في تصريح خاص ل(أخبار اليوم)، أن المصالحة الوطنية قدمت ما كان عليها أن تقدمه فيما تحتويه من إجراءات، وبفضلها تمكن الشعب الجزائري من العيش في أمن واستقرار بشكل كبير وفي مناطق واسعة من البلاد. وأضاف مروان عزي أنه بفضل المصالحة هناك 3 آلاف من المسلحين سلموا أنفسهم، مُردفا أن البلاد وصلت إلى مرحلة يجب فيها ترقية وتفعيل هذه المصالحة، (وهذه الترقية لن تتم إلا عن طريق العمل بالمادة 47 من القانون والتي تنص على إمكانية رئيس الجمهورية اتخاذ أي تدبير يراه مناسبا، وذلك من أجل تفعيل وتعزيز المصالحة). وأردف عزي أنه من الممكن أن يكون هناك إجراءات في إطار هذه المادة وممكن أيضا أن يكون هناك إجراءات في إطار آخر على حد تعبيره، مُبديا تساؤله عن الإجراءات التي يستوجب الانشغالات وتطلعات فئات واسعة من الشعب الجزائري التي عاشت الفتنة والمأساة أم لا؟ هل هذا الانشغال يحقق طموحات الكثير من الفئات التي ترى نفسها قد استثنيت من هذه المصالحة أم لا؟، هذا هو السؤال الذي لابد من طرحه في هذا الوقت بالذات. وقال عزي في سياق حديثه: (نحن نؤكد أنه أمام الرهانات التي تعيشها الجزائر فمن الضروري أن نغلق الأبواب التي تأتي منها المشاكل، والمهم جدا أن نستكمل مشروع المصالحة الوطنية إلى أن نصل إلى طيّ كل الملفات المتعلقة بالمأساة الوطنية). وتمنى المتحدث اتخاذ إجراءات جديدة تعمل على ترقية وتعزيز المصالحة الوطنية، وتشمل وتدمج فئات أخرى تتكلم عنها المصالحة وهو الشيء الذي نطمح إليه"، مؤكدا من جانب آخر أن الجزائر ما زالت بحاجة ماسة إلى المصالحة الوطنية خاصة في هذه المرحلة الحاسمة على حد تعبيره، "لأن المكتسبات التي بدأنا فيها لا يمكن أبدا التراجع عنها). وفي رده حول فرضية عودة قادة ونشطاء الحزب المحظور للعمل السياسي بشرط دعم الرئيس عبد العزيز بوتفليقة ومرشح انتخابات 17 أفريل المقبلة، قال أن لكل مرشح له برنامجه الذي سيقدمه للمواطنين وهو حر في تقديم مقترحاته، وأضاف أن كل حركة وكل فعالية لها الحق في تقديم مساندتها للمرشح الذي ترغب فيه والشروط التي ترغب بالمقابل فيها، مؤكدا أن هذه الممارسات هي الديمقراطية بعينها. وعن العفو الشامل قال مروان عزي إنه متروك لخيار الشعب لأنه المخوّل الوحيد وسيّد القرار في هذه النقطة بالذات والمسألة المصيرية، معتبرا أن هذا القرار ليس إجراء سهل بل يجب أن يكون له آليات وميكانيزمات خاصة به. بوعمامة: "من العقلانية تأجيل العفو الشامل لمرحلة أخرى" ذكر زهير بوعمامة المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية بجامعة عنابة، أن العفو الشامل (مشكلة سياسية بامتياز)، وأن المصالحة تتجسّد في الناس الذين ساروا في (ذلك الطريق)، (ومادام قبلت هذه الفئة العودة إلى أحضان المجتمع فهي مرحبٌ بها، وهذا خيار سياسي لإنهاء الأزمة وهذا الخيار ساهم جدا في إخراج البلد من الأزمة الطاحنة)، وأضاف المتحدث أن العفو الشامل معناه الانتقال من الإرهابيين إلى فئة أخرى وهي فئة السياسيّين، وهي الجهات المسؤولة سياسيا على الأزمة في الجزائر، وأضاف أن الأكثر عقلانية هو تأجيل هذا الأمر لمرحلة أخرى ربما تنتهي فيها كل الأزمات. وأردف زهير بوعمامة في تصريح هاتفي ل(أخبار اليوم)، أن العفو الشامل معناه السماح والكلام المبطّن الذي لا يقال فيه، وهو قضية السماح بعودة من كانوا سياسيين متسبّبين في الأزمة إلى ممارسة كل حقوقهم بما فيها عودة (الفيس) الجبهة الإسلامية للإنقاذ مثلا. واعتبر كلمة (العفو الشامل) ليس فقط معالجة مسألة الإرهابيين وترك الباب أمامهم، بل هي تخص ناس معينين، وهي تفهم سياسيا على أساس إعادة أو السماح لهؤلاء بممارسة حقوقهم السياسية والمدنية بما فيها الحق في النشاط الحزبي، والترشح على حد قوله. وأوضح المتحدث ذاته أن هذا الأمر يبدو فيه خلاف كبير جدا ولا يوجد توافق عليه في المرحلة الحالية، حيث (أن البعض يقول بأنه لازلنا لم نصل إليه كون أن هناك نفس الوجوه تعود وتنشط، وهناك من يقول أنه لا بد من وقت لتضميد الجراح، هم طُلقاء حُرين، ولكن سياسيا رجوعهم قادر أن يعيد البلاد إلى نقطة حرجة، ويفتح الأحقاد)، مضيفا (أنه نظرا للظروف التي تميز المشهد السياسي في البلد يبدوا لي أن هذه المرحلة لازالت بعيدة، ولن تكون قريبة). وقال المحلل السياسي أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في العهدات السابقة كان لديه هذا التصور (وكان يقول أن هناك احتمال)، وأبدى بوعمامة أن هذا الخيار لقي معارضة من قوى كثيرة، (وبهذا فضل أن لا يذهب إليه خشية من العودة مما تم لملمته على الأقل في المرحلة السابقة، كملفات ستفتح من جديد، مع احتمال إعادة فتح أبواب الأزمة، ويبدوا لي أن السلطة لن تمشي في هذا الجانب أو حتى الآخرين، ربما ترقية المصالحة أو إضافة أشياء جديدة، لكن الوصول إلى جوهر ما يطلبه الداعين للعفو الشامل أو السماح لهؤلاء بالعودة لممارسة النشاط السياسي). واستبعد زهير بوعمامة المحلل السياسي اعتماد العفو الشامل في المرحلة القادمة، وذلك نظرا للمعطيات المحيط بالمشهد السياسي، وقال أن الجهة الأخرى قادة الفيس المحظور لديهم خلافات كبيرة في من له الحق في تمثيلهم والتكلم باسم الحزب المنحل وفي إدعاء شرعية تاريخية، هناك إشكالات كبيرة جدا بخصوص من لهه شرعية الكلام باسم هؤلاء. مُرجعا الخطورة والكلفة في احتمال الكلفة السياسية العالية لهذا الخيار الآن على الأقل (والبلد مازال لم يلملم كل شيء أعتقد أن الخيار الأكثر عقلانية هو تأجيل هذا الأمر لمرحلة أخرى ربما تنتهي فيها كل الأزمة، لأنه لازالت هناك ملفات تتطلب قليل من الوقت لحلها كملف المفقودين وغيرها).