فئة اليتامى والأرامل لازالت من الفئات التي تعاني في المجتمع الجزائري وتحتاج إلى دعم قانوني وتشريعي عاجل لأجل إنقاذها من الظروف المحيطة بها، فبعد فاجعة فقدان الأب تبدأ معاناة الأرملة مع فلذات أكبادها ويسهل على البعض النهش في عظامهم وطردهم حتى من البيت العائلي ليكون مآلهم البناءات الفوضوية أو الشارع، مما يشعرهم أنهم عالة على الجميع وفئة مهمشة وضعيفة لازالت تعاني في صمت لولا بعض القلوب الرحيمة المتمثلة في (ناس الخير) وبعض الجمعيات التي أخذت على عاتقها إغاثة تلك الفئات المحرومة وكفكفة دموعها على رأسها جمعية كافل اليتيم الوطنية التي تقوم بمهام جبارة على مستوى فروعها بكامل الولايات. نسيمة خباجة أرملة، يتيم، هي عبارات شديدة الوقع على من يتجرع مرارة ذلك الإحساس الرهيب، ففقدان السند المعنوي الممثل في الأب هي من الأشياء التي لا يتقبلها الأطفال بسبب رهافة حسهم وبراءتهم مما يولد لديهم شعورا بالنقص وهو العبء الذي تتحمله أمهاتهم أو بمعنى آخر الأرامل كفئة هشة من المجتمع وجب رعايتها والتكفل بها كونهم يمثلون شريحة هامة من المجتمع الجزائري، ولا ننفي أن الكثير منهم يعانون في صمت بسبب المشاكل المتراكمة من بينها انعدام السكن وغياب المنحة وعيشهم في عوز وقهر وبؤس تهتز إليه الجبال. لكل تلك الأسباب ارتأت جمعية كافل اليتيم الوطنية بمختلف فروعها على رأسها فرع بئر توتة إلى جانب فروع تسالة المرجة، عين النعجة، بابا حسن، خرايسية، أولاد الشبل، إلى تنظيم رحلة ترفيهية لليتامى والأرامل من أجل كفكفة دموعهم وزرع مشاعر الفرحة والأمل في قلوبهم وبالفعل كانوا مبتهجين للخرجة التي سطرت على شرفهم إلى مخيم وشاطئ سيدي فرج وضمت الرحلة أكثر من 300 طفل يتيم و100 أرملة. يتامى وأرامل يحلمون بغد أفضل رافقت أخبار اليوم اليتامى والأرامل في رحلتهم المنظمة من طرف جمعية كافل اليتيم الوطنية بمختلف فروعها عبر بلديات العاصمة، إذ كانت ملامح الفرحة بادية على ملامحهم ونسوا في تلك اللحظات الظروف الحالكة التي يتخبطون فيها، فهناك عائلات من دون منحة تحفظ ماء وجهها، وهناك أرامل من غير سكن إلى غيرها من المشاكل الأخرى والتي ارتأت جمعية كافل اليتيم أن تخرجهم من قوقعة تلك المشاكل مع فلذات أكبادهن، وكانت الوجهة إلى شاطىء سيد فرج وغاباته الرائعة بحيث استمتع الأطفال بالركوب في الأحصنة واستفادوا من جولة إلى البحر على متن القوارب في الفترة الصباحية، وتم تنظيم حفلة مسائية من تنشيط البهلوان بلبل الذي استمتع الأطفال بخفة روحه المرحة. انتهزنا الفرصة واقتربنا من بعض السيدات الأرامل لسرد حكاياتهن المأساوية وصراعهن مع الزمن لأجل تربية الأبناء والحفاظ على اتزان الأسرة وتماسكها، السيدة نصيرة أرملة تبلغ من العمر 40 سنة وهي أم لثمانية أبناء أعمارهم ما بين 4 إلى 19 سنة توفى زوجها بسكتة قلبية، فوفاته لم تكن منتظرة، إلا أن الأجل كان أقوى وهي تقطن ببيت فوضوي بالخرايسية وتحلم بسكن بعد أن جعلت لنفسها حرفة تتمثل في تحضير الذرة (الماييز) بالبيت بعد أن استفادت من آلة لتحميص الذرة من طرف جمعية كافل اليتيم من فرع بئر توتة التي قدمت لأعضائها الشكر الجزيل، وهي تعمل بكل حزم لأجل جلب لقمة العيش كما أنها تحوم بالمحلات وتعرض بضاعتها عليهم، وقالت إنها تحلم بسكن تحتضن بين جدرانه أبناءها الثمانية لتكمل مسيرة الحياة معهم. السيدة فطيمة أرملة أخرى تبلغ من العمر 59 سنة أم لتوأمين يبلغ الولد من العمر 17 سنة والطفلة 14 سنة توفي زوجها بعد صراعه مع مرض السرطان ولم يترك لهم منحة، إذ كان عاملا حرا وهي المعضلة التي تتخبط فيها هي وأبناؤها ما دفع بابنيها إلى ترك مقاعد الدراسة والتوجه إلى العمل المبكر، وتحلم بمنحة تخفف عنها الأعباء المتراكمة كأعباء الإيجار وفواتير الماء والكهرباء، كما أن المداخيل البسيطة لابنيها لا تفي بالغرض في غالب الأحيان. فهي فعلا معاناة مريرة فبعد اصطدام تلك العائلات بفاجعة فقدان الأب يصطدمون بأعباء الحياة الصعبة لاسيما العائلات التي حكمت عليها الظروف بغياب المنحة، وأجمعت الأرامل اللواتي تحدثن إليهن أنهن بالفعل يتحدين واقعا صعبا مع فلذات أكبادهن وهم يعيشون برحمة الله وصدقات المحسنين، كما ناشدوا أصحاب القرار النظر في وضعيتهم المزرية خصوصا وأنهم فئة مهمشة تستحق أن تحظى ببعض الالتفاتات. رابح عرباوي: لابد من إغاثة هؤلاء الضعفاء ذكر رابح عرباوي رئيس جمعية كافل اليتيم الوطنية في حديث خصه لأخبار اليوم أن الجمعية تنشط منذ 26 سنة وأبرزت وجودها على مستوى 40 ولاية، (بحيث اجتمعت الأيادي الخيرة لإغاثة أيادي الضعفاء في المجتمع وتحققت الغاية في العديد من الولايات لإغاثة تلك الفئات المحرومة وهذا الفعل الخيري ليس ملكنا لوحدنا - يقول - وهو ملك جميع المواطنين ونجم عن تعميم بذرة الخير في الكل، فالأمة لا ترفع رأسها إلا بالتضامن والتكافل وبالعلم ومحاربة الجهل و مختلف الآفات من مخدرات وإدمان، وكمجتمع مدني -يضيف - لابد من تقديم مثل تلك المبادرات والتضحية الفعلية في الميدان من أجل نيل الحسنة والأجر وبناء مجتمع صالح، فالمرأة لما تفقد زوجها شيء صعب جدا إذ يتزعزع كيانها وثقتها بنفسها ومن خلال التجربة الأرملة تحتاج إلى رعاية وثقة ونزع الخوف الذي يكتنفها بمجرد وفاة زوجها فهي تضعف حقيقة، وبالفعل هناك من تحدت الصعاب وواصلت المسيرة وساهمت الجمعية كثيرا في إرجاع ثقة النسوة الأرامل، ولا ننفي أن هناك من الأرامل من ضعفت ولم تستطع التحكم في الأمور وكانت النتيجة ضياع الأبناء وتأثير تلك الفواجع على المجتمع بأكمله، فاليتيم هو منقوص من الناحية النفسية ولذلك وجب رعايته والتكفل به من جميع النواحي والجمعية فاعلة في الميدان ومن أهدافها السامية التكفل بفئة الأيتام والقيام بالواجب على أكمل وجه). فعاليات المجتمع المدني: اليتامى مسؤولية الكل ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله لفظ اليتيم في أكثر من سورة (كَلاَّ بَل لاَّ تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ) سورة الفجر الآية 17(فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلاَ تَقْهَرْ) سورة الضحى الآية 9 وغيرها من السور القرآنية، مما يؤكد أن اليتامى هم أمانة في أعناق جميع من في الأرض لرفع القهر والغبن واليأس عنهم وعن أمهاتهم بعد وفاة معيليهم، وهو ما نادت به الأطراف الفاعلة والناشطة في كافة فروع جمعية كافل اليتيم على مستوى ولاية الجزائر. بن عصمان عبد الوهاب رئيس المكتب الولائي لجمعية كافل اليتيم للعاصمة قال إن المكتب يضم 10 فروع في انتظار استحداث فروع بالسحاولة وبوزريعة والدرارية قال إن الجمعية عكفت على جمع أكثر من 300 يتيم وما يقارب 100 أرملة في الرحلة و(نحن نبرمج ست أو سبع خرجات في الشهر واليوم كما ترون _ يقول- أخذنا اليتامى إلى البحر والحدائق، وقدم الشكر إلى فرع الكشافة أمل قاوش بالشراقة تحت قيادة القائد إيباري فريد فهم من برمجوا بعض الأنشطة لإفادة اليتامى والأرامل، فالمعيشة باتت صعبة وأعباء كبيرة تسقط على الأرملة ونطلب من السلطات التشريعية والقضائية تخصيص محاور لتلك الفئات كون أن الرعاية لاتزال ناقصة ولابد من نظرة جديدة لتغطية حاجياتهم حتى لا تكون الأرملة في حاجة إلى الغير ولابد من نظرة مستقبلية ونظرة احترام وتقدير للأرامل في مختلف ولايات الوطن. ناني محمد أمين رئيس اللجنة الطبية الولائية لجمعية كافل اليتيم ومشرف على فرع بئر توتة ذكر أن هناك الكثير من الأعضاء الناشطين والمتطوعين لفعل الخير في جمعية كافل اليتيم التي تحمل أهدافا وأبعادا سامية، ويسعى الكل إلى توصيل الأمانة مهما كان نوعها للأرامل واليتامى كما ننظم جولات ورحلات عل حسب الإمكانيات المتاحة لمرات في الشهر من أجل رفع معنويات المرأة الأرملة والطفل اليتيم، فهم فئة تحتاج إلى مد يد العون بعد فقدان الأب والجمعية تسعى إلى التكفل بالجانبين المادي والمعنوي ووجب التركيز على الدعم المعنوي للرفع من معنويات الأرامل وإعادة ثقتهن . حسين بن سميدة نائب رئيس جمعية كافل اليتيم بجسر قسنطينة مكلف بالشؤون الاجتماعية لليتامى والأرامل وفي حديث له عبر بالقول (نحن نعمل في إطار منظم بعد استحداث فرع عين النعجة مند سنة تقريبا، وهناك 51 عائلة و136 طفل يتيم على مستوى البلدية والإحصاء مفتوح وقمنا بمبادرات منذ ماي 2013 ووزعنا قفة رمضان ل 180 عائلة محرومة، وبمناسبة الدخول المدرسي وزعنا 80 محفظة وجمعنا الزكاة ووزعناها على العائلات، وآخر عمل قمنا به هو تنظيم حملة كسوة اليتيم في الشتاء وفتحنا مواقع على الأنترنت لجمع تبرعات المحسنين ووصلنا إلى جمع 50 مليون سنتيم واقتنينا ملابس رفيعة ووزعناها على اليتامى، واليوم نحن في مخيم سيدي فرج وكلنا فرح بالمبادرة الحميدة لأننا مسحنا دموع اليتيم والساعي على المرأة الأرملة واليتيم كالمجاهد في سبيل الله ووجب الوقوف بجانب اليتامى وإعطائهم السند. أما الأستاذ لعربة ساعد مدرب دولي في التنمية البشرية واستشاري في علم النفس ورئيس اللجنة الاجتماعية لفرع كافل اليتيم فذكر أن تنظيم الحفلات لليتامى هو علاج جماعي لأن بعد فقدان الأب هناك اهتزاز وجمود وركود وصدمات نفسية تصيب الطفل اليتيم، ومن خلال الحفلات يحتك بالآخرين من اليتامى فاليتيم بعد فقدان الأب نجده قد فقد السند المعنوي وفقد كلمة أبي ولما يكون مع الجماعة يعاد له الأمل والقوة من أجل المواصلة ولإدخال الفرحة والابتسامة على قلوبهم وهي من أهداف الجمعية التي تسعى إلى العمل الخيري وغرس ثقافة الخير في الكل، فابتلاء اليتم من الممكن أن يصاب به أي شخص لذلك وجب زرع ثقافة الخير ومساندة اليتامى. فكاهيون يشاركون اليتامى فرحتهم مثلما أثبت الفنان الجزائري حضوره القوي في مختلف الصعاب فهو السبّاق أيضا للمشاركة في تلك المبادرات الخيرية، بحيث ابتهجت العائلات لحضور فنانين كبار وفكاهيين من أمثال الفنانة القديرة فريدة كريم والمنشط والممثل مراد زيروني وكذا محبوبة الجماهير الفنانة الكوميدية عتيقة طوبال، بحيث تبادلت الأمهات والأبناء الصور مع خالتي بوعلام وكذلك مع عتيقة ومراد زيروني في جو مفعم بالفرحة والحنان ولم يتوان الأطفال على تقبيل هؤلاء الفنانين ومعانقتهم في صور زعزعت مشاعر الكل وبرهنت أنهم حقيقة فئة تحتاج إلى إغداقها بالكثير من الحنان، وهو ما عبرت به الفنانة فريدة كريم أو كما يعرفها الكل بخالتي بوعلام، إذ قالت أن حضورها مع هؤلاء زادها شرفا كونهم فئة تستحق كل الرعاية والاهتمام والحنان، والفنان الجزائري يبرز مشاركته دوما في مثل هذه المبادرات الحميدة مهما كانت ظروفه. وهو ما عبر به أيضا الفنان والمنشط المعروف مراد زيروني الذي قال إنه ترك كل شيء وترك التزامه بتصوير آخر لقطات من فيلم جديد وسارع الخطوات إلى اليتامى والأرامل لمشاركتهم فرحتهم وتحسيسهم أن الكل يساندونهم في كل وقت. عتيقة طوبال هي الأخرى كانت حاضرة بضحكتها وعفويتها وبساطتها وابتهج الكل لحضورها وكانت هي الأخرى في قمة السعادة وعبرت بالقول أنها يتيمة وتحس بمعاناة هؤلاء لذلك وجب عدم التأخر عن مساندتهم. وفرح الكل بحضور هؤلاء الفنانين وكانوا مفاجأة الجمعية لهؤلاء اليتامى والأرامل وسعي كل مناضليها بكل ما أوتوا من قوة على إسعادهم وزرع بذرة الأمل فيهم.