لاحظ الكل التدفق الكبير للأفارقة النازحين من دول إفريقية تعرف انزلاقات أمنية، بحيث مارسوا التسول عبر العديد من شوارع العاصمة وظهرت عائلات بأكملها تمارس التسول وتطلب الصدقة من العابرين، ولم يتوان الجزائريون كعادتهم على مدهم يد العون ومساعدتهم من باب الإحسان ومراعاة الجوانب الإنسانية فهم على الرغم من المخاطر التي يحملونها على غرار عدوى بعض الأمراض إلا أن ذلك لم يلغ بذرة الخير المزروعة في نفوس الكثير من الجزائريين مما أظهر نوعا من التنافس بين المتسولين الأفارقة والمتسولين الجزائريين بغية الظفر بصدقة عبر الشوارع من المتصدقين. اختلفت نوعية الصدقة فمن الملابس إلى السندويتشات إلى القطع وحتى الأوراق النقدية بسبب الشفقة على هؤلاء، فالعائلات الإفريقية التي تتشرد عبر شوارع العاصمة جذبت استعطاف الكل الذين بادروا كلهم إلى مساعدة هؤلاء خاصة وأن شريحة منهم هم من الأطفال الأبرياء الذين لا حول ولا قوة لهم وظهروا حفاة عراة عبر شوارع العاصمة. غير أن الكثير من المواطنين لم يتوانوا على المبادرة والسعي لفعل الخير وإنقاذ هؤلاء عن طريق التصدق عليهم بما جادت به أياديهم، بحيث تنوعت الصدقات ورأوا أن المهم هو المشاركة في فعل الخير ولو كان ذلك باقتناء سندويتشات تفك جوعهم عبر الأرصفة لاسيما وأن حالتهم وحالة أطفالهم هي جد مزرية وامتهن الكثيرون التسول عبر الشوارع. اقتربنا من بعض المواطنين فأجمعوا أن الدوافع الإنسانية هي من جعلتهم يتصدقون عليهم، كما أن مناظرهم البائسة عبر الشوارع جلبت استعطاف الكل إليهم وراحوا يتصدقون عليهم بمختلف الأشياء منهم إحدى السيدات التي قالت إن منظرهم يؤسفها كثيرا لاسيما الأطفال الذين يتذوقون الأمرين عبر شوارع العاصمة، الأمر الذي جعلها دائمة التصدق عليهم بحيث تجلب لهم الملابس من البيت وحتى بعض الأواني التي لا تستعملها كما تقتني لهم سندويتشات من مرة إلى أخرى ليسدوا بها رمق جوعهم ومأساة المكوث عبر الأرصفة. أما السيد عادل فقال إن معاملة الجزائريين لهؤلاء جعلتهم يتجاوبون معهم ولا يشعرون بأي خوف، حتى أن البعض يداعب أطفالهم ويمسح على رؤوسهم فهم بالفعل فئة تستحق العناية من الكبار، كما أن حالتهم تستدعي الوقوف إلى جانبهم والمساهمة في مدهم بعض الصدقات مهما كان نوعها فاجتماع مختلف الصدقات من المحسنين سيسد حاجياتهم. وأضاف أنه لاحظ في الكثير من المرات الصدقات المتنوعة التي تتهاطل عليهم من طرف العابرين. وردة طالبة قالت إنها في مرة ضمنت لعائلة بأكملها واجب الفطور بعد أن اشتركت مع زميلاتها، بحيث تأثرن كثيرا لحالتهم عبر الشوارع، كما أن ظروف بلدانهم دفعتهم إلى الفرار منها باحثين عن الأمن والسلام ومن الواجب أن نحسن ضيافتهم في الجزائر لاسيما وأن الجزائريين مضيافون كثيرا. وبذلك جسدت تلك المظاهر مشاهد وصور تكافل وتضامن حية تبين الصفات الحميدة للجزائريين مع الكل في أوقات الشدة.