صداعٌ مزمنٌ ينذرُ به الصراع الدائرُ في سوريَا دولَ أوروبَا، التي لمْ ينحصر الماضون منها إلى جبهات القتال بين أبناء الجالية، ليمتدَّ إلى مواطنيها، منهم قاصرون لم يبلغوا بعد سن الرشد، مثلمَا هو الحالُ بالنسبة إلى فرنسا، التي صارَ عددٌ من مواطنيها القاصرين في سوريا، بين صفوف (الجماعات الجهاديَّة)، دون أنْ يدريَ الآباء بسفرهم. وجود قاصرِين بين من سافرُوا إلى سوريا للقتال في صفوف تنظيماتٍ إسلاميَّة متطرفة، أذكَى النقاش في فرنسا، حول رخصة مغادرة التراب" الفرنسي، التِي جرَى حذفها في 2012، بمقتضى منشور وزاري. فيما تنقسمُ دول الخارج بالنسبة إلى المواطن الفرنسي، إلى قسمين؛ دول لا يمكنُ دخولها دون التوفر على جواز سفر، فيما هناك دول لا يحتاجُ المواطن الفرنسي سوى بطاقة تعريفه الوطنيَّة ليدخلها. أمَّا بالنسبة إلى الفرنسي القاصر، فلا يحتاج حين يسافرُ إلى الدول التي تشترط جواز سفر أو تأشيرة، "رخصة مغادرة التراب"، إذ يلزمه جواز السفر فقطْ دون. أمَّا في حال سفره إلى دول لا تشترطُ سوى بطاقة التعريف الوطنيَّة، فقدْ كانت "رخصة مغادرة التراب" ضرورية، مثل بعض دول الاتحاد الاتحادي، كالنرويج وسويسرا، وغالبيَّة دول البلقان، سيما لدى دخول قاصرين ينحدرون في أصولهم المغرب أو تونس أو مصر أو تركيا. وفي مسعًى إلى إيصاد الباب الفرنسي أمام تسلل مقاتلين متطرفين إلى سوريا، كان وزير داخلية فرنسا، برنار كانزينوفْ، قد قدم في الثالث والعشرين من أبريل المنصرم، تصورًا لمخطط يتصدَّى الخطاب الراديكالِي وتفريخ الخلايا الإرهابيَّة، ومن بين الإمكانيَّات التي يمكنُ أنْ يحملهَا، منعُ القاصرين من مغادرة التراب الفرنسي دون إذن من آبائهم. ويرجحُ مراقبُون اتجاهَ فرنسا نحو إقرار نظامٍ يمنع الأشخاص المشتبه في ضلوعهم بالإرهاب من مغادرة التراب الفرنسي، كمَا من الوارد أنْ يتمكنَ الآباء من إخطار السلطات العموميَّة بأنهمْ غير موافقين على سفر أبنائهم القاصرين إلى الخارج، وهُو ما سيجعلُ أيَّ قاصرٍ يهمُّ بمغادرة الحدود ممنوعًا من السفر خارج البلاد. بيدَ أنَّ السؤال الأبرز حسب الكثيرين هو ما إذَا كانت رخصة مغادرة التراب ستعودُ بصيغتها القديمة، بعدما جرى حذفها، وهو ما نفاهُ وزير الداخليَّة الفرنسي، في لقاء صحفي، أكثر من ذلك، يتساءلُ آخرون حولَ الجدوَى التي كانت ستؤمنها "رخصة مغادرة التراب" لوْ لم يتمَّ حذفها"، لأنها لمْ تكن لتحول دون السفر إلى البلدان التي تشترط تأشيرة للدخول، ما دام الولوج إلى سوريا يتمُّ عبر بلدان حدوديَّة كلبنان وإسرائيل والأردن والعراق وتركيا. مما يعنِي أنَّها ما كانتْ ستحلُّ الإشكال. وبشأن تركيا التِي تتقاسمُ حدودُا بآلاف الكيلومترات مع سوريا، وظلتْ منفذًا رئيسيًّا لل"جهاديين"، طيلة الأعوام الثلاثة الماضية، فإنَّ المواطن الفرنسي لا يحتاجُ جواز سفرٍ، في الوقت الحالي، ليدخل إليها إذا كان يتوفرُ على بطاقة تعريف، مما يعنِي أنَّ القاصر الفرنسي بإمكانه أنْ يذهب إلى تركيا، بدون رخصة مغادرة التراب. وفيما تنصحُ وزارة الخارجيَّة الفرنسيَّة المسافرين القاصرِين الذِين يمضُون في رحلاتٍ لوحدهم دون آبائهم، بأنْ يحملُوا بطاقة التعريف، ورخصةً موقعة. وهو ما يمكن معه القول إزاءه إنه لو ظلت الرخصة قائمة، لما كانَ بإمكان القاصرِين الفرنسيين أنْ يقصدُوا تركيا ببطاقة تعريف دون جواز سوريا، بغرض الدخول منها إلى سوريَا.