طوابير لا تنتهي أمام السفارات الغربية في الجزائر هل التهافت على"الفيزا" ظاهرة صحية أم مرضية؟، من هم المتزاحمون على التأشيرات؟، لماذا يرضى بعض الجزائريين ب "تطياح القدر" في الطوابير المصطفة أمام أبواب السفارات؟ * * * هل"العار" الذي يلاحق"المطبّعين" أمام السفارات، يتحمله هؤلاء"الضحايا"، أم للحكومة جانب من الوزر والمسؤولية؟، لماذا تقبض هذه الأخيرة الملايير باسم حقوق دراسة الملف دون أن تمنح الطالب"الفيزا" ودون أن تعوّضه خسارته؟، ما معنى"فرار"180 ألف جزائري سنويا إلى فرنسا وبلدان أوروبية عبر منفذ "شنغن"؟، كيف يسافر رجال المال والأعمال من وإلى الجزائر؟، هل تصادفهم مشاكل أم أن التأشيرة مضمونة؟، من يتحمل مسؤولية تفريخ تأشيرات مزورة ومزيفة وبيعها بالملايين؟، هل تعرف ظاهرة "الهروب القانوني" من الجزائر عن طرق "الفيزا" تناميا أم تراجعا؟، هل تحوّلت "الحراڤة" إلى منافس عنيد للهاربين عن طريق التأشيرة؟، ما هو المطلوب لتحجيم خسائر مغادرة التراب الوطني بنية الهجرة بلا رجعة؟، هل المسافرون بالفيزا، يعودون أم لا يرجعون؟، ما هي نسبة الأولى وأرقام الثانية؟، ما هو الفرق بين التأشيرة الجزائرية وتأشيرة البلدان الأخرى التي يتعامل بعضها مع الجزائريين وفق منطق "الأندجينا" والخمّاسين؟، ما هي حصيلة الإتفاقيات المبرمة بين الجزائر وشركائها في مجال تنقل الأشخاص؟، هل التأشيرات والسفريات المنظمة تخضع للكرامة الإنسانية والإحترام المتبادل والقوانين المنظمة، أم هي خاضعة لمنطق المصلحة ولمن يدفع و"يحلب" أكثر؟، ماهي الأسباب الحقيقة لارتفاع"موضة" الهجرة؟، هل صحيح أن الوضع المعيشي في البلدان المستقطبة أحسن من الجزائر، أم أن الهاربين والحالمين سرعان ما يلعنون هذه الهجرة بعد اصطدامهم بواقع مرّ ينقلهم إلى النار بدل الجنة؟. * * حالمون و"طماعون" ضحايا الاحتيال وجدوا أنفسهم في الزنزانة عوض أوروبا * تأشيرات "شنغن" للبيع من 5 إلى50 مليون فقط! * محكمة الحراش وسيدي امحمد تعالجان مئات قضايا التأشيرات المزورة * الحلم الأوروبي.. مشروع العمر..الهدة أو الهربة.. كلها مسميات لهدف واحد يشترك فيه الملايين من الشباب الجزائري وإن تعددت أساليبهم وطرقهم في تحقيق الغاية المنشودة.. فمنهم من يركب قارب الموت رافعا شعارا "ياكولني الحوت وما يكولني الدود" بينما يفضّل البعض الآخر خيارا أقل خطورة ومجازفة تحت شعار"كيس ويز وفيزا لانجليز"..إنه خيار صفقة التأشيرة المزوّرة ومغامرة 50 مليون سنتيم التي تنتهي إما بالسجن بتهمة التزوير واستعمال المزور أو بلوغ الضفة الأخرى من المتوسط بتأشيرة سليمة أو حتى مزورة باحترافية. * قصصهم يرددها الصغار قبل الكبار في أحياء وأزقة العاصمة كما تعج محكمة الحراش الأقرب إلى مطار هواري بومدين ومحكمة سيدي أمحمد بشارع عبان رمضان الأقرب لميناء الجزائر العاصمة بقضاياهم التي تتراوح أحكامها في الغالب بين السنة والسنتين حبسا..إنها قصص شباب يبيعون كل ما يمكن بيعه، يمتهنون الأشغال الشاقة ليلا نهارا من أجل تأمين المبلغ المطلوب لإتمام صفقة التأشيرة المزورة أو حتى تأشيرة سليمة ولكن مقابل مبالغ خيالية بالنسبة لشباب بطال يلجأ في بعض الأحيان للسرقة والمتاجرة في الممنوع للظفر بتأشيرة. * * الكل متورط.. من "وليد الحومة" إلى الموظف بالقنصلية! * وكشف بعض الشباب الذي سبق له وأن تفاوض مع أحد أكبر سماسرة صفقات التأشيرة في العاصمة أن حلقة الصفقة يشترك فيها أكثر من خمسة وسطاء بدءا بالمفاوض الأول والذي يكون معروف لدى أوساط الشباب وهو ما يعرف بالواجهة ويتكفل باصطياد الحالمين بأوروبا ومن ثم يتصل بأحد الموظفين الجزائريين العاملين في القنصليات الأوروبية بالجزائر إلا أن ليس هذا الأخير إلا حلقة من الدائرة الكبرى، حيث يتورط الموظفون الأجانب في القنصليات في العملية أيضا كما أن الحصة الأكبر من الغنيمة تعود إلى الموظفين الأجانب، حيث يأخذ موظف القنصلية ذو الجنسية الأوروبية ما لا يقل عن 40 مليون سنتيم ويفضل بعضهم الدفع بالأورو في حين يتقاسم الوسطاء الأربعة الجزائريين العشرة ملايين سنتيم المتبقية. * وقال الشباب الذين التقتهم "الشروق" في ردهم عن سؤال مدى نسبة نجاح التجربة والتأكد من عدم تزوير التأشيرة وشرعيتها خاصة وأن المبلغ المغامر به مبلغ ضخم إلى حد ما:"اليوم بملايينك ولن تجد من يوفر لك تأشيرة شنغل.. فالمراقبة شُددت على الموظفين بداخل القنصليات وأسهم التأشيرة ارتفعت لتتجاوز عتبة 60 مليون سنتيم.. ولا يهمك فهناك من يؤكد لنا سلامة التأشيرة من عدمها فبعض الشباب يعرفون التأشيرة المزورة من السليمة بمجرد رؤيتها" * وأضاف الشباب "التجربة تستحق المجازفة والمغامرة.. وعامل الثقة هو الذي يرفع مدى نسبة نجاح التجربة أو فشلها". * وأشار بعض الشباب إلى أن وسيط من أبناء الحي حسّن علاقته بموظفي قنصلية أوروبية بالجزائر من جانب وبمنظمات وجهات أوروبية من جانب آخر وأصبح يمثل مكتبا للإستشارة بالنسبة للشباب العاصمي إلا أنه مكتب دون مقر وغير مصرح به، حيث يحضر ملفات لإرسال بعض الشباب إلى أوروبا بالتنسيق مع منظمات وجمعيات أوروبية في إطار التبادل العلمي والثقافي مقابل مبالغ ضخمة إلا أن العملية مضمونة بنسبة 90 بالمائة". * * القانون لا يحمي المغفلين * "نبيل.ح" شاب في ال 22 من العمر حمّلته شهادة البكالوريا من المسيلة إلى العاصمة ليلتحق بالمعهد الوطني للإعلام الآلي إلا أن طموحه الجامح دفع به للتخطيط لمغادرة أرض الوطن وإتمام دراسته العليا بإحدى جامعات بلجيكا إلا أن التقائه بأحد العاملين عند مدخل قنصلية بلجيكا بالعاصمة خلال زيارته لمقرها قصد معرفة الإجراءات الواجب إتباعها للحصول على التأشيرة غيّر له مجرى حياته..دردشة صغيرة مع العامل ذو الجنسية الجزائرية الذي دعاه على فنجان قهوة بإحدى مقاهي العاصمة قصد إتمام جلسة الإقناع بعدم الجدوى من الحصول على التأشيرة بالطرق العادية حيث عرّض عليه أن يحضر له التأشيرة في ظرف أسبوع مقابل 30 مليون سنتيم..وفي ظرف أسبوع فقط تحصل الشاب "نبيل" على التأشيرة مقابل المبلغ المطلوب وسافر إلى بلجيكا دون أي مشكل وبعد أقل من سنة قضاها بالبلاد الأوروبية باحثا عن مقعد بيداغوجي في جامعاتها توفي والده ليجد نفسه مضطر للعودة وفي ميناء العاصمة اكتشف أعوان الجمارك أن التأشيرة مزورة قبل أن تحكم عليه محكمة سيدي أمحمد بسنة حبس مع وقف التنفيذ ولسان حال من حضر محاكمة الشاب الطموح "القانون لا يحمي المغفلين". * * من إيطاليا إلى الزنزانة * وبذات المحكمة مثّل المغترب الجزائري "كمال.ب" الذي عاش في إيطاليا لأكثر من 10 سنوات، حيث لم يكن يتوقع أن عودته للجزائر هو الآخر ستكلفه غاليا ليزور الزنزانة بدل العودة إلى إيطاليا بعد إلقاء القبض عليه بميناء الجزائر وهو يهم بمغادرة التراب الوطني نحو مرسيليا، وعلى إثر تفتيشه تبين أن رخصة الإقامة الإيطالية التي بحوزته وكذا التأشيرة مزورة ليودع على إثرها الحبس الاحتياطي من أجل المحاكمة عن تهمة التزوير واستعمال المزور ولدى مثول هذا الأخير نهاية الأسبوع الفارط أمام محكمة الجنح بسيدي أمحمد أكد للقاضية أنه لجأ إلى محامي إيطالي لكي يتكفل له بالإجراءات القانونية للحصول على الإقامة الإيطالية واستبدال تأشيرته المزورة التي غادر بها الجزائر بأخرى سليمة مقابل مبلغ مالي تحفظ عن ذكر قيمته إلا أن المحامي خريج المافيا الإيطالية احتال عليه وأهداه وثيقتين مزورتين عوض الواحدة. * * قنصليات ترفض إعطاء تأشيرات لضباط سامين في الجيش "لأسباب غير محددة" * لا خروج من الوطن للضباط والجنود إلا برخصة تحدد الوجهة والأسباب * لا يستفيد أفراد الجيش من أي امتيازات في الحصول على التأشيرة ويتحصلون فقط على تسهيلات في المهمات الرسمية الى الخارج، وواجه العديد من المستخدمين العسكريين رفضا من السفارات منحهم تأشيرات كأي مواطنين عاديين دون تبرير مواقفها، كما يلزم كل مستخدمي الجيش مهما كانت رتبهم بضرورة الحصول على رخصة الخروج مع تحديد الوجهة في حال مهمة سفر للاستجمام. * وتأتي هذه الإجراءات تنفيذا لتعليمة أصدرها عبد المالك ڤنايزية الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني قبل حوالي سنة، تشير الى أن مستخدمي الجيش يلتزمون بنفس الإجراءات المطبقة على كافة المواطنين، وأفاد مصدر عسكري مسؤول ل"الشروق اليومي"، أن المستخدمين العسكريين يملكون جوازات سفر عادية جدا كأي مواطنين جزائريين، يتم فقط استصدراها على مستوى النواحي العسكرية التي يعمل بها المعني لإعداد شهادة إقامة مرتبطة بمقر عمله. * ويلزم المعني عند التنقل الى الخارج لقضاء العطلة الى إبلاغ الجهات الوصية بالوجهة والمدة للحصول على ما يسمى رخصة الخروج حتى لو كان يحوز على تأشيرة "شنغن" لكن من الضروري إبلاغ الوصاية بالبلد الوجهة"، ويواجه بعض المستخدمين كأي مواطنين عاديين رفضا لمنحهم التأشيرة وتكون أحيانا بطريقة ذكية من طرف القنصليات التي تمنح المعني تأشيرة ورفض طلب زوجته أو أبنائه عند رغبته في السفر مع عائلته. * وفي حال تنقل أفراد الجيش في مهمة الى الخارج، فإن الوصاية هي التي تتكفل بإجراءات الحصول على التأشيرة مع إيداع أمر بمهمة في الملف ولا تكون الإجراءات سهلة بل عادية، وتتمثل وجهات أغلب المستخدمين العسكريين الى الخارج حسبما توفر ل"الشروق" من معلومات في مصر، تونس، تركيا واسبانيا غالبا، وتكون خلال العطلة الصيفية أو نهاية العام. * * أوربا حلم الجزائريين الأبدي وبروز دول آسيوية كماليزيا وتايلندا * 180 ألف جزائري "يهربون" سنويا عبر تأشيرات "شنغن"! * بالرغم من بروز وجهات جديدة للجزائريين المسافرين نحو الخارج، إلا أن الوجهة الأكثر استقطابا تبقى بدون منازع، البلدان الأوربية وفرنسا على وجه التحديد، ويؤكد هذا عدد التأشيرات التي ما انفك يتحصل عليها الجزائريون من القنصليات الفرنسية بالجزائر. * ويبرر هذه الوجهة المطلوبة بقوة من المسافرين الجزائريين، الأرقام السنوية الصادرة عن المصالح الفرنسية المعنية بمنح التأشيرة، فقد أعلن غزافيي دريانكورت سفير فرنسابالجزائر أن عدد التأشيرات التي تمنح سنويا على مستوى القنصليات الثلاث بالجزائر يقدر ب 180 ألف تأشيرة، ما يجعلها في مقدمة جميع دول العالم على هذا المستوى. * وأهم ما يمكن استخلاصه من هذا الرقم الضخم، هو أنه يشمل جميع أنواع التأشيرات، من الطويلة الأمد إلى القصيرة الأمد، وكذا تلك الموجهة للطلبة من أجل استكمال الدراسة والبحث، والتي بلغت حسب الدبلوماسي الفرنسي، أربعة آلاف و400 تأشيرة، وهو رقم يفوق ذلك الموجه لمختلف الدول المغاربية. * وتقف وراء هذه الظاهرة عدة عوامل، تأتي في مقدمتها تلك المتعلقة بالجوانب التاريخية، ففرنسا هي من استعمر الجزائر لما يقارب قرنا ونصف قرن من الزمن، وكذا الاعتبارات الاجتماعية لكون عدد الجزائريين المقيمين بهذه الدولة يقارب المليونين، يضاف إلى ذلك العامل الاقتصادي، دون نسيان عامل اللغة، وهو ما جعل هذه الدولة بوابة الشباب الجزائري الباحث عن مستقبل أفضل، نحو بقية البلدان الأوربية، على غرار ألمانيا، وهولندا. أما إنجلترا فلا زالت تعتبر جنة "الحراڤة" بالرغم من التدابير الجديدة الصارمة، التي تبناها البرلمان البريطاني ضد الأجانب. * غير أن التدابير المتشددة التي لجأت إليها مصالح محاربة الهجرة غير الشرعية على مستوى الحكومة الفرنسية، دفعت الآلاف من الشباب إلى البحث عن وجهات أخرى، مثل إسبانيا وإيطاليا، اللتان فتحتا الباب أمام المهاجرين غير الشرعيين، من خلال تسوية وضعيات إقامتهم، في محاولة منهما لتوفير يد عاملة في القطاع الزراعي، بعدما غادرتهما اليد العاملة المحلية، التي هاجرت إلى بلدان أوربية أكثر غنى مثل ألمانيا وبريطانيا العظمى. * وأمام اشتداد المضايقات على المهاجرين الجزائريين وتضاؤل الحظوظ في الحصول على التأشيرات، فضل الكثير طرق أبواب الدول التي لا تعتمد التأشيرة كشرط للسفر إليها، وهنا انطبعت ظاهرة الهجرة بالجانب التجاري، وتجلى ذلك من خلال السفريات نحو سوريا وتركيا، اللتان اشتهرتا بكونهما وجهتا ما صار يعرف ب "تجار الشنطة"، إضافة إلى دولة ماليزيا التي شكلت ولازالت تشكل وجهة الفئة المتعلمة، بسبب عدم فرضها نظام التأشيرة فضلا عن التسهيلات الممنوحة للطلبة والأساتذة، فضلا عن دول آسيوية أخرى، مثل تايلندا وسنغافورا. * وشكلت أحداث سبتمبر 2001، التي تعرضت لها مدينتي نيويورك وواشنطن محورا حاسما في تحديد وجهات المهاجرين الجزائريين، بسبب الإجراءات القاسية التي تبنتها بعض الدول الغربية ضد المهاجرين العرب والمسلمين، مثل أستراليا وكندا، اللتان أقرتا إجراءات قانونية تجيز سجن المهاجر غير الشرعي لمدة زمنية غير محددة، إلى أن يتنازل ويطلب هو بنفسه العودة إلى بلاد. * * إجراءات مشددة تحدد شروط دخول وإقامة الأجانب بالجزائر * عقوبات ردعية ضد الشركات التي تشغل أجانب بطريقة سرية * أقرت الجزائر سنة 2007، قانونا يتعلق بشروط دخول الأجانب إلى الجزائر وإقامتهم وتنقلهم، وبررت الحكومة مراجعة قانون إقامة الأجانب الصادر سنة 1966، بالظروف التي فرضها الوضع الأمني الذي تعيشه البلاد وتدفق موجات المهاجرين الأفارقة باتجاه البلاد. * وقالت الحكومة، إن التحديات الجديدة المتعلقة بتنامي الجريمة المنظمة وتطور ظاهرة الإرهاب تستدعي إيجاد الآليات القانونية للتحكم في تنقل الأجانب خاصة عبر الحدود الجزائرية وشروط الإقامة في البلاد، وأضافت أن القانون الجديد يراعي مقتضيات الانفتاح الاقتصادي التي تشترط وجود تسهيلات لتنقل الأشخاص ودخول الأجانب والإقامة بصورة قانونية، وضمان حرياتهم وأمن ممتلكاتهم. * وكانت تقارير لسلطات الأمن أكدت تورط عدد من الأجانب وخاصة رعايا من الدول الأفريقية في شبكات الجريمة وتجارة المخدرات وتزوير الوثائق والأوراق النقدية إضافة إلى التورط في النشاط الإرهابي في الجزائر. * وقال أنصار القانون الجديد، إن الإجراء سيسهل الدخول القانوني للأجانب وحركتهم في البلاد، كما سيساعد على محاربة التهريب والإرهاب، وكان الانتقاد الوحيد الذي وجه للقانون هو تضمنه لإمكانية تأسيس مراكز احتجاز. وقال وزير الداخلية يزيد زرهوني، إن الإجراء سيساعد ضباط الأمن ومراقبة الهوية ومكافحة الإرهاب والنشاط الإجرامي بفعالية أكبر، مضيفا أن قانون 1966 تجاوزه الزمن بسبب الأحداث التي عاشتها الجزائر خلال العقدين الماضيين إلى جانب التطورات في القانون الدولي، مما يحتم على بلدان العال ومنها الجزائر أن تتعامل مع الجريمة المنظمة في القطاع الاقتصادي وتبييض الأموال وتمويل الإرهاب، وتهريب المخدرات والأسلحة في أثناء كفاحها ضد الإرهاب، ولا تختلف أي دولة في هذا الشأن على الصعيد الدولي، وخاصة في الاتحاد الأوروبي الذي سارع إلى تكييف تشريعاته بشكل يعزز مراقبة الهجرة وتنظيمها وتطبيق إجراءات ردعية وانتقائية مشددة جدا. * وينص قانون الهجرة الجديد على عقوبات ردعية إضافية ضد شبكات التهريب والمنظمات التي تنقل المهاجرين غير القانونيين والشركات الاقتصادية التي توظف الأجانب بطريقة غير قانونية، أما بالنسبة للأجانب الراغبين في تسوية إقامتهم القانونية في الجزائر، فسيحصلون على رخص إقامة صالحة لسنتين قابلة للتجديد، أما بالنسبة للموظفين أو أصحاب عقود العمل، بإمكانهم حسب وضعهم الحصول على رخص إقامة بشرط وجود عقد عمل صادر عن شركة جزائرية أو شركة أجنبية خاضعة للقانون الجزائري، مع إمكانية إصدار رخصة إقامة لعشر سنوات للمواطنين الأجانب المقيمين في الجزائر إقامة شرعية ومتصلة لمدة سبع سنوات أو أكثر. * وبخصوص تأشيرات العمل، تشترط الجزائر وجود عقد عمل ممنوح من المصالح الجزائرية المختصة قانونا، ويكون العقد مرفقا بالتسريح المؤقت بالعمل في الجزائر أو رخصة عمل ممنوح من الجهات القانونية المختصة، ويتضمن العقد التزام من الجهة المشغلة بالتكفل بالعامل الأجنبي وترحيله إلى بلده بمجرد نهاية عقد العمل. * * رجال مال وأعمال يواجهون صعوبات في الحصول على "الفيزا" * اعترف وزير السياحة والبيئة وتهيئة الإقليم شريف رحماني، بالصعوبات التي تواجه الوفود السياحية التي تريد زيارة الجزائر لأغراض سياحية، وقال رحماني، إن مصالحه تعمل بالتنسيق مع المصالح القنصلية وسفارات الجزائر في الدول الأوروبية على تسهيل حصول السياح على تأشيرات الدخول إلى الجزائر في أقصر فترة ممكنة، في إطار الجهود الرامية لإنجاح الإستراتيجية السياحية للحكومة. * وعادة ما يبرر الرفض بإجراءات المعاملة بالمثل التي تطبقها الدول في منح تأشيرات الدخول إلى أراضيها، ولكن إلقاء نظرة بسيطة لعدد الشركات التي تنقل نشاطاتها إلى تونس والمغرب سنويا وحتى عدد السياح الذين يزورون هذه الدول ومداخليهما من السياحة كمؤشرات أساسية يمكن من خلال ذلك الوقوف على حجم العجز والقصور الذي تعانيه الممثليات الدبلوماسية الجزائرية في الخارج والدور الذي تلعبه في ترقية الوجهة الجزائرية في المجال الاقتصادي بالمقارنة مع تونس والمغرب على سبيل المثال لا الحصر. * ومن الغريب أنه في الوقت الذي تمنح الوجهات السياحية تسهيلات كبيرة لجلب أكبر عدد ممكن من السياح وبالتالي مداخيل محترمة بالعملة الصعبة، حتى أن بعض دول الجوار تقوم بمنح التأشيرة في مطاراتها، تيسيرا لدخول السياح، لا تزال الممثليات الدبلوماسية الجزائرية تشترط وجود شهادة إيواء مصادق عليها في البلدية للحصول على التأشيرة. * وكشف تقرير سنة 2009 لمكتب الأعمال الأمريكي "أ. تي. كايرني" الذي يرصد قطاع ترحيل الخدمات (offshoring) سنويا في العالم، أن الدول الإفريقية الأكثر جدبا للاستثمارات الأجنبية المباشرة في مجال الخدمات هي تونس والمغرب ومصر والسينغال وغانا وجنوب إفريقيا وحتى جزل موريس، بفضل التسهيلات التي تمنحها حكومات هذه الدول والدور الذي تلعبه ممثلياتها الدبلوماسية في الخارج، وخاصة الأقسام الاقتصادية والتجارية على مستوى تلك الممثليات، بالإضافة إلى التسويق الجيد دوليا للتدابير التحفيزية ولإعفاءات الضريبية، والإعفاء من الرسوم الاجتماعية، والإيجار المعتدل، وتبسيط الإجراءات الإدارية لتشجيع المجموعات الكبرى على إحداث فروع لها في هذه الدول وبالضبط في مجال خدمات الأوفشورينغ على طريقة الكثير من البلدان التي نجحت في جلب استثمارات أجنبية في قطاعات حساسة كانت حكرا على بلدان متطورة ومنها قطاع الطيران. * * الجزائر في المرتبة الثالثة عربيا ضمن قائمة الحالمين ب "الهربة" إلى بلاد العم سام * آلاف الجزائريين أدمنوا على المشاركة في قرعة لوتري للهجرة إلى أمريكا * *4211 جزائري فازوا بالبطاقة الخضراء خلال 2007، 2008 و2009 * تضاعف عدد الجزائريين الفائزين ببطاقة "غرين كارد" للهجرة إلى الولاياتالمتحدةالأمريكية بثلاثة أضعاف خلال سنوات 2007، 2008 و2009، حيث تحتل الجزائر المرتبة الثالثة عربيا في عدد الفائزين بالبطاقة الخضراء للهجرة إلى بلاد العم سام والعيش والعمل هناك، بعد كل من مصر والمغرب في الفائزين في »ياناصيب« "غرين كارد "، حيث بلغ عدد الجزائريين الفائزين ببطاقة "غرين كارد" 912 شخص سنة 2007، ثم ارتفع هذا العدد إلى 2024 جزائري سنة 2008، أما سنة 2009 فقد تحصل 2205 جزائري على البطاقة الخضراء، وهو ما مجموعه 4211 جزائري فاز في "لوتري" خلال السنوات الثلاث، وهاجروا للإستقرار والعمل بصفة دائمة في الولاياتالمتحدة في إطار ما يسمى ببطاقة "غرين كارد الأمريكي" التي يشارك فيها آلاف الجزائريين سنويا لتحقيق حلم الهجرة إلى الولاياتالمتحدة والخلاص، هربا من شبح البطالة وبحثا عن الحلم الأمريكي، والظفر ببطاقة إقامة دائمة وعمل مستقر، بصفة قانونية لتحقيق حلمهم في الإلتحاق ببلاد العم سام والعيش والعمل هناك. * كل واحد من هؤلاء يخضع لاستجواب في السفارة الأمريكيةبالجزائر، مقابل 5 ملايين سنتيم من أجل إجراء المقابلة، وبعملية حسابية بسيطة نجد أن إجمالي الجزائريين الذين تم تهجيرهم سنوات 2007 و2008 و2009 في إطار بطاقة "غرين كارد" دفعوا ما مجموعه 21 مليار سنتيم للسفارة الأمريكية للخضوع للإستجواب أو المقابلة الشفهية، يضاف إلى ذلك تكاليف الترجمة التي تكلف الواحد منهم أكثر من 10 ملايين سنتيم لتحضير الملف، الذي يتطلب ترجمة حزمة من الوثائق إلى اللغة الإنجليزية لتقديمها للسفارة الأمريكيةبالجزائر، بما في ذلك بطاقة التعريف الوطنية، رخصة السياقة، جواز السفر، شهادة الميلاد، والشهادات الدراسية المتحصل عليها، وشهادات العمل، وشهادات الخبرة وشهادات خلو من الأمراض والخلو من السوابق العدلية، وعدة وثائق إدارية أخرى، يشترط عليهم ترجمتها كلها إلى الإنجليزية لدى مترجمين معتمدين من طرف الدولة، وتوقيعها بختم رسمي. * ويضاف إلى ذلك طلبات التأشيرة العادية التي تمنحها السفارة الأمريكية، حيث تلقت السفارة الأمريكيةبالجزائر6027 طلب تأشيرة من قبل الجزائريين سنة 2008، وافقت على 780 طلب تأشيرة منها، ورفضت كل الطلبات المتبقية وعددها 350 طلب مرفوض، كما سلّمت 1515 تأشيرة لرجال الأعمال، و2035 تأشيرة سياحية وزيارات لعائلات جزائرية مقيمة هناك، أما بالنسبة للطلبة فسلمت السفارة الأمريكية 325 تأشيرة. * ورغم أن المشاركين في القرعة لا يملكون أي وسيلة لمراقبة القرعة والتأكد من شفافيتها ولا يملكون أي رقابة على جهاز الكومبيوتر في مدينة كنتاكي الأمريكية، حيث تجري القرعة للتأكد ما إذا كان العملية تتم فعلا دون أي تدل لليد البشرية ودون أي تمييز أو عنصرية إلا أن الجزائريين يثقون ثقة كبيرة في هذه القرعة ويشاركون فيها سنويا، ويتكبدون عناء تحضير الوثائق، ودفع كل النفقات، رغم أن وزارة الخارجية الأمريكية أو دائرة الهجرة لا تقوم حتى بنشر قائمة بأسماء الفائزين، لا في الجرائد ولا في المواقع الإلكترونية، والسفارات أو القنصليات الأمريكية لا تقوم بتوزيع قوائم بالأسماء كما يظن البعض، وإنما تقوم الدائرة المختصة بإعلام الفائز برسالة بريدية رسمية ترسل إليه على عنوانه البريدي المذكور في طلبه، وليس الإلكتروني وتطلب منه ملء استمارة مرفقة بالرسالة وإعادتها إليهم بالبريد، وعند استلامها للإستمارة تقوم بتحويل معاملته للقنصلية الأمريكية في البلد الذي يقيم فيه وتقوم القنصلية بمراسلته وإرشاده إلى باقي الخطوات لاستكمال المعاملة بما في ذلك الرسوم المطلوبة وأي إجراءات أخرى . * * البحث عن "الحياة" بأسهل الطرق ولو موتا * تراجع طلبات "الفيزا" وطوابير على قوارب الموت * أفادت تقارير أمنية حديثة، بناء على تحقيقات اجتماعية مع الموقوفين المرشحين للهجرة السرية، أن عدد الطلبات على التأشيرة الى الخارج تراجعت بشكل لافت وسط هذه الفئة مقارنة بسنوات سابقة بعد تسجيل إحجام السفارات عن منح التأشيرة في أغلب الحالات بحجة أن "هؤلاء لن يعودوا مجددا الى بلادهم" ويبحثون عن وسائل قانونية للخروج من التراب الوطني بعد تشديد الرقابة عليهم، ويدفع أغلب هؤلاء اليوم أموالا تصل الى 20 مليون سنتيم للحصول على مكان في قارب "الموت" إضافة الى تكاليف الرحلة، كما أكدت التحقيقات الأمنية، أنه من بين هؤلاء "المرشحين" للإبحار السري سبق أن فشلوا في الهجرة في مرات عديدة وتم توقيفهم فرض البحر أو ضبطوا قبل الإبحار ومنهم من تم إبعادهم وطردهم من التراب الأجنبي لارتكابهم جنحا مثل السرقة والاعتداء أو بتهمة الإقامة غير الشرعية. وقال مسؤول أمني يشتغل على ملف الهجرة السرية في الجزائر، أن العديد من "الحراڤة" الموقوفين هم بدون مهنة، لكن بعضهم من ميسوري الحال ويمتهنون أعمالا حرة ويملكون محلات لممارسة نشاطات تجارية مثل الحلاقة وبيع الملابس والمتاجرة في السيارات ومنهم طلبة جامعيون وآخرون يملكون شهادات جامعية منها اختصاص في الطب العام والقانون والتكنولوجيا. ولا يغامر العديد من هؤلاء في إيداع طلب التأشيرة باتجاه إيطاليا أو اسبانيا باعتبارها وجهة أغلبهم، ويبررون ذلك بتجاوز العراقيل والإجراءات البيروقراطية واعتبر أغلبهم في التحقيقات أنهم لا يريدون تضييع الوقت في إيداع طلبات والانتظار ويفضلون دفع المستحقات للشبكات التي تنظم رحلات الموت، كما سجل مؤخرا توقيف العديد من القصر بعد اتخاذ اجراءات بعدم طرد هذه الفئة التي لا يسمح لها بمغادرة التراب الوطني دون رخصة من الوالدين. * ويتحاشى المتورطون في قضايا إجرامية أو مخالفات أو مطرودون سابقون إيداع طلبات التأشيرة لإدراكهم رفضها مسبقا في ظل تشديد الرقابة على الأجانب والمهاجرين لتتحول الوجهة الى شبكات تنظيم رحلات الموت ولو كانت غير مضمونة، لكن الجميع يجمعون على المغامرة "الجماعية" ويتركون القرار ل"المكتوب" ولو كان غرقا في سبيل البحث عن حياة أفضل في نظرهم. * وكان العديد من "الحراڤة" الموقوفين في سنوات سابقة من الفاشلين في الحصول على "الفيزا" وكان العقيد عبد السلام زغيدة رئيس قسم الشرطة القضائية بقيادة الدرك الوطني، قد أشار في وقت سابق الى أن 62 بالمائة من هؤلاء الحراڤة تم رفض طلبات حصولهم على "الفيزا" فلم يجدوا حلا إلا المغامرة، لكن تقارير أمنية حديثة تشير الى أن عدد الأشخاص الذين أودعوا طلبات الحصول على الفيزا من الحراڤة "محدود جدا"، ويميل أكثر الجزائريين الى "الهجرة سرا" دون إبلاغ أهاليهم الذين يعارضون.