مازال قرار منع الوزير الأسبق للتربية علي بن محمد من إلقاء محاضرة ذات طابع تاريخي بثانوية في معسكر يثير الجدل ويسيل الحبر بشأن الدوافع والغايات من هذا القرار الغريب جدّا، وحسب ما ذكره المعني بالأمر في تصريح خاص ل (أخبار اليوم) فإن الأمر مثير للعديد من التساؤلات على شاكلة: ما الذي حدث ليكون التأجيل الذي هو في حقيقته إلغاء صريح؟ ولماذا يترك مدير التربية -لو كان الأمر منوطا فعلا بإرادته- حتى ما قبل يومين من الموعد وهما خميس وجمعة ليقرّر الإلغاء في ثوب التأجيل؟ عبّر علي بن محمد وزير التربية الوطنية الأسبق عن تفاجئه من منعه من إلقاء محاضرة في إحدى ثانويات ولاية معسكر بمناسبة الاحتفال بعيد الطالب المصادف ل 19 ماي من كلّ سنة، حيث كان مبرمجا لإلقاء محاضرة حول كيفية تعليم اللّغة العربية للجزائريين أثناء الاستعمار الفرنسي. وفي تصريح مكتوب خصّ به (أخبار اليوم) أكّد الوزير السابق علي بن محمد أمس أنه لا يمكن أن يصدر قرار إلغاء المحاضرة من قِبل مدير التربية، مضيفا أن هذا القرار لا يمكن أن يصدر إلا من قِبل سلطة عُليا كوزارة التربية ومن قِبل أعلى مسؤول بها -على حدّ تعبيره- كونها الجهة المخوّلة بإصدار قرار مثل هذا. وأوضح بن محمد الذي تولّى منصب وزير قطاع التربية بين 1990 و1992، أنه تلقّى دعوة منذ ثلاثة أشهر لإلقاء محاضرة في إحدى ثانويات ولاية معسكر بعنوان (كيفية تعليم اللّغة العربية للجزائريين أثناء الاستعمار الفرنسي)، غير أنه وفي آخر لحظة، أي الأربعاء الماضي، تمّ الاتّصال به لإخباره بأن مديرية التربية بولاية معسكر تلقّت تعليمات من الوصاية تأمر بإلغاء اللّقاء دون ذكر الأسباب. وأبدى الوزير السابق استغرابه وتعجّبه لمثل هذا القرار، طارحا تساؤلات كون أن (هذه المحاضرة مبرمجة منذ ثلاثة أشهر كاملة ومكان إلقائها هو الثانوية المعنية نفسها ومدير التربية على علم بذلك، وهو مدعو لحضورها والوزارة قبل التعديل الوزاري لابد أنها كانت على علم بهذا الأمر، فما الذي حدث ليكون التأجيل الذي هو في حقيقته إلغاء صريح؟ رغم حرص بن محمد على تجنّب ذكرها بالاسم، إلاّ أن أصابع اتّهام كثير من المتتبّعين تتوجّه نحو وزيرة التربية الجديدة نورية بن غبريط التي قد تكون المسؤولة الوحيدة عن إلغاء محاضرة علي بن محمد بدليل أن وزير التربية الوطنية السابق عبد اللطيف بابا أحمد كان على دراية بالمحاضرة وأبدى موافقته على إلقائها، لتتغيّر الأمور في آخر لحظة بعد تولّي بن غبريط مسؤولية الإشراف على وزارة التربية. وفي سياق ذي صلة، قال وزير التربية الأسبق علي بن محمد في تصريح لموقع (الحدث الجزائري) إن مسؤولي وزارة التربية لا يريدون أن يسمعوا صوتا غير أصواتهم، متحسّرا من الطريقة التي تمّ بها إلغاء محاضرة كان سيلقيها. وأشار بن محمد إلى أن (القضية ليست أمنية ولو كانت كذلك لتدخّلت مصالح الولاية وليس مديرية التربية)، مشدّدا على أن موضوع المحاضرة تاريخي ولم تكن له أيّ نيّة للإساءة إلى أيّ جهة، وختم بالقول: (هل يرضى المثقّفون والأكاديميون بمثل هذا التصرّف ونحن نتحدّث عن مشاورات لتعديل الدستور وعن توسيع الحريات؟). ودون أن يوجّه اتّهاما مباشرا إلى وزيرة القطاع نورية بن غبريط بالوقوف وراء منعه من إلقاء المحاضرة، قال بن محمد: (إن لم تكن هي من أعطت الأوامر فعليها أن تصدر موقفا واضحا وتعتذر).