الانتصار على "الجرمان" ومباراة العار بين ألمانياوالنمسا بعد أن تطرّقنا في الجزء الأوّل من تاريخ (الخضر) في المونديال إلى الدروب الوعرة التي قطعها لبلوغ مونديال إسبانيا سنتطرّق في هذا الجزء إلى مسيرة المنتخب الوطني في العرس العالمي بإسبانيا، وكيف تمكّن زملاء بلّومي من الفوز على ألمانيا والشيلي، ولماذا خسر (الخضر) مواجهة النمسا؟ وهي الخسارة التي كلّفت منتخبنا في نهاية المطاف الخروج المبكّر من الدور الأوّل، لكن بعد مباراة العام بين ألمانياوالنمسا. الجزائر في المجموعة الرّابعة بزعامة ألمانيا في منتصف شهر ديسمبر 1981 اتّجهت أنظار الجزائريين إلى العاصمة الإسبانية مدريد، حيث سحبت قرعة الأدوار النّهائية لكأس العالم 1982، والتي أوقعت منتخبنا الوطني في المجموعة الرّابعة التي وضع على رأسها المنتخب الألماني، فيما وضع المنتخب النمساوي في المستوى الثاني ومنتخب الشيلي في المستوى الثالث، أمّا منتخبنا الوطني وباعتباره يشارك لأوّل مرّة فوضع في المستوى الرّابع، لكن هذا لم ينقص من عزيمة شبّان الجزائر بقيادة صاحب الكرة الذهبية الإفريقية آنذاك وابن مدينة الأمير عبد القادر لخضر بلّومي لتحقيق نتائج فاقت كلّ التوقّعات. ثلاث مواجهات ودية أعادت الثقة للجزائريين من بين أهمّ اللّقاءات لتي لعبها منتخبنا الوطني بعد نهائيات كأس أمم إفريقيا لقاءان ضد كلّ من البيرو وإيرلندا الجنوبية وريال مدريد، وكلّها جرت بملعب 5 جويلية. فبعد تعادله في اللّقاء الأوّل أمام المنتخب الإيرلندي، فاز زملاء مرزقان في مواجهتهم الثانية على البيرو وفي الثالثة على ريال مدريد. اللّقاء الثالث كان أمام الفريق الملكي ريال مدريد بقيادة نجومه الكبار كاماتشو وخوانيتو والألماني ستيليكي، وانتهى اللّقاء بفوز منتخبنا بنتيجة (3/2) أمام أكثر من 80 ألف متفرّج في لقاء لن يمحى من ذاكرة كلّ من شاهده. وعلى ضوء مواجهة ريال مدريد التي أدخلت البهجة في قلوب الجزائريين كشف المدرّب الوطني آنذاك خالف محي الدين عن قائمة اللاّعبين الذين سيمثّلون الجزائر في مونديال إسبانيا. قائمة اللاّعبين ال 22 ضمّت قائمة اللاّعبين الذين مثّلوا الجزائر في مونديال إسبانيا الأسماء التالية: حراسة المرمى: مهدي سرباح من شبيبة القبائل، رشيد عمارة من شبيبة القبائل، ياسين بن طلعة من نصر حسين داي. الدفاع: شعبان مرزقان ومحمود فندوز من نصر حسين داي، فوزي منصوري من لانس الفرنسي، نور الدين قريشي من ليل الفرنسي، صالح لرباس من شبيبة القبائل، مصطفى كويسي من شباب بلوزداد، عبد القادر حرّ من ديناميكية بناء الجزائر (هذا الفريق تمّ حلّه عام 1988). الوسط: كريم ماروك من نادي تور الفرنسي، لخضر بلّومي من مولودية وهران، مصطفى دحلب من باريس سان جرمان الفرنسي، علي فرفاني من شبيبة القبائل، علي بن شيخ من مولودية الجزائر، حسين ياحي من شباب بلوزداد. الهجوم: رابح ماجر من نصر حسين داي، صالح عصّاد من رائد القبّة، جمال تلمساني من نادي لافال الفرنسي، تاج بن سحاولة من مولودية وهران، جمال زيدان من نادري كورتري البلجيكي، ناصر بوربو من نادي براست الفرنسي. رابح فموح ومحمد قاسي سعيد على رأس المبعدين أحدثت القائمة التي كشف عنها خالف محي الدين في مثل هذه الأيّام من عام 1982 ردود أفعال قوية، خاصّة بعد استغنائه عن بعض الوجوه وفي مقدّمتهم اللاّعب المحترف وصانع أمجاد (الموك) رابح فموح الذي ساهم شأنه شأن كلّ من محمد قاسي سعيد وصالح محيوز في تأهيل (الخضر) إلى المونديال. وردّا لجميل هؤلاء اللاّعبين تمّ نقلهم إلى إسبانيا لحضور مباريات منتخبنا الوطني، وأضيف إلى هؤلاء كلّ من محمد شعيب وجمال منّاد. آخر تربّص ل "الخضر" كان بسرايدي قبل أن يطير منتخبنا الوطني إلى إسبانيا، أجرى زملاء بلّومي آخر تربّص تحضيري إعدادي بمركّب سرايدي بمدينة عنابة دام أسبوعا كاملا. وخلال تواجد الفريق الوطني بمدينتي (خيخون) و(أوفيدو) لعب ثلاث مباريات ودّية مع أندية محلّية كانت بمثابة (بروفات) تحسّبا للمباريات الرّسمية. 16 جوان 1982.. ملعب "خيخون" سجّل يا تاريخ.. الجزائر 2 - ألمانيا 1 في تمام الساعة الرّابعة وربع من عصر يوم 16 جوان من عام 1982، وبملعب (مولينون) بمدينة (خيخون) بإسبانيا، وأمام 20 ألف متفرّج أعطى الحكَم البيروفي لابو صفّار البداية لأوّل لقاء لمنتخبنا الوطني مع ألمانيا، والذي لعبه الفريقان بالتشكيلة التالية: الجزائر: سرباح، مرزقان، منصوري، قريشي، فندوز، فرفاني، ماجر عوّضه لرباس، دحلب، زيدان عوّضه التاج بن سحاولة، بلّومي وعصّاد. المدرّب خالف محي الدين. ألمانيا: شوماخر، كالتز، بريغل، فورستر، ستيليكي، مغات، ليتبارسكي، برايتنار، دريملر، روباش ورومينيغي. المدرّب جوب دورفال. جاءت أحداث الشوط الأوّل تكتيكية بالدرجة الأولى، حيث سيطر المنتخب الألماني على مجريات المباراة، لكن مرّ الشوط الأوّل خاليا من الأهداف وتوقّع الكثيرون أن تهتزّ شباك سرباح أكثر من مرّة خلال الشوط الثاني، لكن هذا لم يحدث. جاءت الدقيقة التاسعة من أحداث الشوط الثاني بالمفاجأة، حيث سجّل اللاّعب رابح ماجر الهدف الأوّل لصالح منتخبنا الوطني، واضعا إيّاه في المقدّمة. مرّر اللاّعب جميل زيدان الكرة للاّعب بلّومي تمريرة سحرية جعلته في وضعية الانفراد بحارس مرمى المنتخب الألماني العملاق شوماخر الذي تصدّى بقدمه لتسديدة بلّومي على المرمى، لترتدّ الكرة إلى رابح ماجر الذي لم يتردّد وسدّد في الشباك الألمانية. وقد أدّى الهدف المفاجئ إلى زيادة الضغط الألماني على الفريق الجزائري في محاولات مستمرّة للتعادل، وهو الذي حدث في منتصف هذا الشوط وقّعه اللاّعب رومينيغي. دقيقة واحدة بعد هدف رومينيغي كانت كافية لتعدل كفّة الجزائر بواسطة لخضر بلّومي، وليصبح بذلك هذا الأخير أحد أهمّ الشخصيات الكروية في تاريخ الكرة الجزائرية وحتى العالمية. 21 جوان 1982 بملعب "أوفيدو" الجزائر 0 - النمسا 2.. ثمن الغرور خمسة أيّام بعد الفوز التاريخي على المنتخب الألماني بهدفين لواحد التقى منتخبنا الوطني نظيره النمساوي في ملعب (تارتيرو) بمدينة (أوفيدو) أمام جمهور قدّر عدده ب 17 ألف متفرّج وتحت قيادة الحكَم الاسترالي بوسكوفيتش، في مباراة دخلها المنتخبان بالتشكيلة التالية: الجزائر: سرباح، مرزقان، منصوري، قريشي، فندوز، فرفاني، ماجر، دحلب عوّضه تلمساني، زيدان، بلّومي عوّضه التاج بن سحاولة وعصّاد. المدرّب خالف محي الدين. النمسا: كونسيليا، كراوس، أوبرماير، جيورجي، بيزي، هاتنبارغر، شاشنار، بروهاسكا، كرانكل، هيترماير وبومايستر. المدرّب شميدت. على غرار لقاء ألمانيا أنهى الفريق الوطني الشوط الأوّل من لقاء النمسا بالتعادل السلبي، لكن الشوط الثاني انقلبت فيه الأوضاع، حيث تلقّت شباك الحارس مهدي سرباح هدفين، الأوّل كان في الدقيقة العاشرة بواسطة شنايشير، فيما سجّل الهدف الثاني اللاّعب كرنكل بعد 12 دقيقة من الهدف الأوّل. وعلى ضوء هذا الترتيب ونتائج المنتخبات الأربعة في المباراتين الأوليتين كان الفريق الوطني مطالبا بالفوز على الشيلي ب (3/0) للتأهّل إلى الدور القادم، على أن تبقى التأشيرة الثانية محلّ صراع بين ألمانياوالنمسا. 24 جوان 1982 بملعب "أوفيدو" الجزائر 3 - الشيلي 2.. فرحة لم تعمّر طويلا اللّقاء الثالث خاضه منتخبنا الوطني أمام نظيره الشيلي يوم 24 جوان بملعب (أوقيدو). كان يكفي -كما سبق الذكر- أشبال الثنائي خالف محي الدين ورشيد مخلوفي الفوز بثلاثة أهداف دون ردّ للتأهّل إلى الدور الموالي مهما تكن نتيجة لقاء ألمانيابالنمسا التي لعبت في اليوم الموالي. دخل المنتخب الجزائري هذه المواجهة بالتشكيلة التالية: سرباح، مرزقان، لرباس، قريشي، فندوز، منصوري، بوربو، فرفاني، بن سحاولة، عصّاد وماجر، وقد تمّ تعويض منصوي ب (دحلب) وبوربو ب (حسين ياحي). أدار اللّقاء الحكَم مانداز من غواتيمالا، وفور انطلاقته شنّ الفريق الوطني ضغطا رهيبا على دفاع منتخب الشيلي جسّده اللاّعب عصّاد بهدف جميل في الدقيقة السابعة، وهو الهدف الذي ضاعف من ضغط اللاّعبين الجزائريين ومكّن مسجّل الهدف الأوّل صالح عصاد من إضافة هدف ثانٍ في الدقيقة ال 31، ما رفع أكثر من معنويات زملاء بن سحاولة، حيث أضاف هذا الأخير هدفا ثالثا كان بمثابة مفتاح التأهّل إلى الدور الثاني لو بقيت النتيجة على حالها خلال الشوط الثاني، لكن الغرور وأشياء أخرى وقعت بين اللاّعبين الاحتياطيين كانت كافية للمنتخب الشيلي لكي يعود من بعيد خلال هذا الشوط ويسجّل هدفين، الأوّل في الدقيقة ال 59 والثاني بواسطة ليتلاير في الدقيقة ال 73. وقد نجا المنتخب الوطني فيما تبقّى من عمر هذا السوط من أهداف أخرى لولا براعة الحارس مهدي سرباح الذي أنقذ مرماه من عدّة أهداف حقيقية. الهدفان اللذان سجّلهما منتخب الشيلي وضعا المنتخب الوطني في وضعية لا يحسد عليها للتأهّل إلى الدور الثاني، كون اللّقاء الذي لعب في اليوم الموالي من لقاء الجزائر بالشيلي جرى بين النمساوألمانيا. ألمانيا 1 - النمسا 0.. مباراة العار كان يكفي المنتخب الألماني الفوز بهدف لصفر لمرافقة جاره ومنافسه النمسا إلى الدور الثاني على حساب منتخبنا الوطني، وهو الذي حدث في لقاء وصف بمواجهة العار، حيث انتهت المواجهة لمصلحة ألمانيا بهدف دون ردّ. فوز أحدث ردّ أفعال قوية، ما اضطرّ الاتحاد الدولي إلى تغيير نمط مباريات الجولة الأخيرة من المونديال ببرمجتها في توقيت واحد تجنّبا للكولسة.