جلب مبكر للمواد الغذائية خوفا من التهاب الأسعار يلاحظ في الآونة الأخيرة تسابق العائلات الجزائرية للتحضير لشهر رمضان الكريم، حيث يحرص الكثيرون على عدم تفويت فرصة الاستمتاع بتلك الاستعدادات المرتبطة بالعادات والتقاليد، رغم ارتفاع درجة الحرارة التي أصبحت حرارة الأسعار تقابلها، بحيث لم يعد بجديد على المواطن الجزائري التهاب الأسعار خصوصا في الأسبوع الأول من رمضان، ولهذا تلجأ العديد من العائلات الجزائرية إلى اقتناء أواني جديدة خاصة بالمطبخ، بالإضافة إلى مختلف المواد الغذائية اللازمة قبل أيام من حلول رمضان كالتوابل والفريك والديول كمستلزمات غذائية أساسية. حسيبة موزاوي ومن خلال جولتنا الصحفية التي قادتنا إلى بعض أسواق العاصمة لنتعرف على الأشياء التي يتم اقتناؤها قبل قدوم شهر رمضان وهناك وفي سوق (الجرف) بباب الزوار قابلتنا السيدة أمينة التي كانت بصدد اقتناء ستائر خاصة بغرف الضيوف، وعن سبب اقتنائها للستائر أخبرتنا أنها جد متمسكة بعادات وتقاليد الضيافة الجزائرية التي كثيرا ما تكثر خلال الشهر الفضيل بالأخص السهرات الرمضانية، وعن ذات السبب حدثتنا السيدة مليكة التي قررت أن تعيد ديكور غرفة الضيوف ككل سنة لاستقبال الضيوف خلال السهرات الرمضانية في الشهر الكريم. جلب المواد الغذائية خوفا من التهاب أسعارها في مقابل ذلك توجد عدة عائلات تتسارع من أجل اقتناء ما تيسر لها من خضر ومواد غذائية أخرى كالحمص والتوابل والمصبرات خوفا من أن تلتهب أسعارها خلال الشهر الفضيل، وهذا ما حدثتنا به السيدة فاطمة التي أكدت أنها قد اشترت معظم المستلزمات حتى لا تضطر لمواجهة شبح لهيب الأسعار خلال شهر رمضان على حد تعبيرها. وذلك ما تتفق حوله السيدة سميرة التي أخبرتنا بأنها قامت باقتناء خمسين كيلو غراما من الدقيق وعشرين كيلوغراما من الفرينة، وحول توقعات المواطنين لأسعار المواد الغذائية فقد اتفق معظمهم على أن المؤشرات تدل على أنها ستكون جد مرتفعة خاصة في اليوم الأول من الشهر المعظم. إقبال كبير على الأواني الفخارية وبينما كنا نبحث عن مواطنة أخرى نتحدث إليها لفت نظرنا الاكتظاظ الكبير الذي كان بأحد المتاجر ما استدعانا للتوجه إلى هناك لنتحرى عن السبب، فإذا به متجر لبيع الأواني، حيث أخبرتنا السيدة عائشة بأنها قدمت من درقانة قاصدة هذا المحل بباب الزوار بهدف شراء الأواني الفخارية، وعن السبب الذي دفعها لاقتناء مثل هذا النوع قالت إن الطهي فيها له نكهته الخاصة التي لا يمكن أن تتوفر في أوانٍ أخرى. حضور لافت لكتب الطبخ ومع بدء العد التنازلي لرمضان تنتعش تجارة بيع كتب الطبخ، والتي نجدها متوفرة بكثرة هذه الأيام. فجولتنا الاستطلاعية قادتنا للمرور بمختلف المكتبات وبعض المحلات الموجودة في العاصمة وبعض الطاولات بذات السوق الشعبي بساحة الشهداء، فوجدنا حضورا لافتا لهذه الكتب بمختلف أنواعها المحلية والعربية والعالمية لجذب أكبر عدد من النساء. كما لاحظنا ارتفاع مؤشر الإقبال عليها من طرف النسوة اللائي تهافتن عليها بغية التنويع في الأطباق الرمضانية. تنظيف البيوت من بين التحضيرات الأساسية ومن بين التحضيرات الأخرى التي تقوم بها النسوة خطوة تنظيف البيت، بحيث تبدأ بتنظيف كل الغرف أو تغيير ديكور المنزل، وكذلك من خلال عملية الطلاء ووضع بعض التغييرات من أجل إضفاء حلة جديدة. وفي خضم جولتنا ارتايتا أن نحل ضيوفا عند بعض العائلات الجزائرية على غرار عائلة الخالة فتيحة بباب الزوار أخبرتنا أن تنظيف البيت هو بمثابة تطبيق للتقاليد الجزائرية العريقة التي ورثناها من أسلافنا والتي تتجلى في كون الشهر الكريم هو شهر للعبادات، شهر للتكفير عن الذنوب، كما أن هلاله يهل مرة واحدة في السنة لذلك وحسب تعبيرها علينا أن نستقبله في أحسن حلة ومظهر، حلة تليق بمقام الشهر الذي اختاره الله عز جل ليكون شهره. ولعل الأمر يتطابق مع السيدة فتيحة التي هي بدورها أخبرتنا بأنها قامت بدعوة بناتها المتزوجات لمساعدتها في تنظيف البيت استعدادا لاستقبال الشهر الفضيل مع إعطاء أكبر عناية للمطبخ باعتباره الركن المميز لها في الشهر الفضيل، فهي تمضي معظم وقتها فيه مع شراء مختلف المفروشات الخاصة كشراء أغطية لطاولة الأكل وشراشيف جديدة وستائر بألوان زاهية وجميلة، بالإضافة إلى ذلك الحرص على شراء أواني جديدة خاصة بالمطبخ وإكسسوارات لتعليق الأواني وصحون وملاعق جديدة للشوربة، وصينيات بمختلف الأحجام. وليس بعيدا عن بيت الخالة فتيحة انتقلنا إلى بيت الخالة حورية بحي موحوس أين أخبرتنا هي الأخرى بأنها قد نظفت البيت قبل يومين مع العلم أنها مصابة بداء السكري، وكما أنها تعاني من اضطرابات على مستوى القلب إلا أن ذلك لم يثنها عن التحضير لاستقبال شهر رمضان، وللإشارة أن منزلها هو آية في الجمال والترتيب والنظافة لدرجة تجعل الشخص الذي لا يعرفها غير قادر على التصديق بأنه منزل لسيدة كبيرة في السن تعاني من اضطرابات صحية. شهر رمضان فرصة للاسترزاق ومع غلاء المعيشة وفقر غالبية الأسر الجزائرية تلجأ الكثير من ربات البيوت إلى الاسترزاق في هذا الشهر الفضيل، وذلك من خلال ممارسة مختلف نشاطاتهم التي تقترن أساسا بشهر الصيام خصوصا في كل ما يتعلق بالعجائن والحلويات التقليدية كالمطلوع والقطايف والديول والصامصة..الخ، بحيث تجتهد الكثيرات من ربات البيوت في اقتناء مستلزمات هذا النشاط قبل حلول شهر رمضان الذي لم يعد يقتصر على العائلات الفقيرة بل امتدت الظاهرة إلى شرائح أخرى أصبحت تنافس الطبقات المعوزة.