ستعد العائلات الجزائرية هذه الأيام لاستقبال شهر رمضان الكريم الذي لم تعد تفصلنا عليه سوى بضعة أيام، ومع اقتراب الموعد ازدادت حمى المنافسة بين الجزائريين الذين أصبح الشغل الشاغل للكثيرين منهم توفير المواد الخاصة بالشهر الفضيل، سيما بعد التهاب الأسعار في الآونة الأخيرة. يلاحظ في الآونة الأخيرة تسابق العائلات الجزائرية استعدادا لاستقبال شهر رمضان الكريم، في الوقت الذي ينشغل فيه النصف الأخر لتحضير للأفراح و الأعراس تزامنا مع فصل الصيف، كما يحرص الكثيرين بعدم تفويت فرصة الاستمتاع بتلك الاستعدادات المرتبطة بالعادات و التقاليد. فلا الأعراس ولا الرحلات التي تتزامن وعطلة فصل الصيف قد أنست الجزائريين أو منعتهم عن تفويت متعتة التحضيرات التي تبقى بالنسبة للكثيرن مميزة بكل تفاصيلها. كل الجزائريين أصبحوا خبراء في أحوال الطقس ربما لم تكتس نشرات الأحوال الجوية يوما أهمية بالنسبة للجزائريين مثل ما تعنيه هذه الأيام، لا حديث للنساء أو الرجال كبارا كانوا أو صغار و أينما وليت وجهك أو كنت، فلا تسمع سوى الحديث عن درجات الحرارة التي أصبحت هاجسا للكثيرين، وأصبح الكل رابح ميسوم أو خبير في التنبؤ بأحوالها بعد بضعة من الآن، فالبعض يصبر نفسه ويقول بأنها إرادة الله ليمتحن صبرنا في هذا الشهر، وكذلك فرصة مناسبة سيما وأنها تتزامن مع العطلة الصيفية أي أنها لا تشكل عائقا بل بالعكس جاءت في وقتها، بينما يرى آخرون أن الصوم في فصل الشتاء الأفضل على الإطلاق ولو أنه فرض فلا يمكن لأحد أن يعترض عليه، فالصوم على حد تعبير الكثيرين لا يهم إن كان في الصيف أو الشتاء هو فرض وسيمر المهم أن يكون " بالصحة والهنا" على الجميع . .. التهاب الأسعار قبل أيام من رمضان حكاية أخرى تؤرق الجزائريين بالإضافة إلى ارتفاع درجة الحرارة الذي أصبحت حرارة الأسعار تقابلها، بحيث لم يعد بجديد على المواطن الجزائري التهاب الأسعار خصوصا في الأسبوع الأول من رمضان، و لهذا يلجأ الكثير من العائلات الجزائرية بإقتناء اللحوم و بعض الخضر الموسمية كالبرقوق لإعداد طبق اللحم الحلو، بالإضافة إلى مختلف المواد الغذائية اللازمة قبل أيام من حلول رمضان كالتوابل و الفريك و الديول....الخ. فالتسابق بين الجزائريين إلى استغلال فرصة الأيام قبل حلول الشهر الفضيل لم يعد غريبا على مجتمعنا خصوصا وأن الجميع يدرك جيدا الارتفاع الجنوني للأسعار، ما ساهم بشكل كبير في زيادة المخاوف عندهم. لا الأسعار ولا الحرارة تمنع الجزائريين من الاستمتاع بنكهة رمضان لعل التخوف الذي يبديه العديد من المواطنين الجزائريين من ارتفاع معدلات درجة الحرارة خلال شهر رمضان وكذلك ارتفاع الأسعار التي أصبحت سيناريو متوقع مع كل عام وفي كل موسم لم يمنع العائلات الجزائرية من الاستمتاع بنكهة الشهر الفضيل، سيما تلك المشاهد التي زينتها ربات البيوت من خلال تنظيف البيوت، بحيث تبدأ أغلب النسوة بتنظيف كل الغرف أو تغيير من ديكور المنزل، و كذلك من خلال عملية الطلاء و وضع بعض التغييرات من اجل إضفاء حلة جديدة مع إعطاء أكبر عناية للمطبخ باعتباره الركن المميز لها في الشهر الفضيل فهي تمضي معظم وقتها فيه، مع شراء مختلف المفروشات الخاصة كشراء أغطية لطاولة الأكل و شراشيف جديدة و ستائر بألوان زاهية و جميلة ، بالإضافة إلى ذلك الحرص على شراء أواني جديدة خاصة بالمطبخ و إكسسوارات لتعليق الأواني و صحون و ملاعق جديدة لشوربة، و صينيات بمختلف الأحجام ، ومع بدء العد التنازلي لرمضان تنتعش تجارة بيع كتب الطبخ، والتي نجدها متوفرة بكثرة هذه الأيام. محلات كتب الطبخ و الأواني وجهة الجزائريات الأولى تحضيرا للشهر الفضيل و لا يحتاج من الواحد الجهد الكثير على حجم الاستعدادات التي تقوم بها النسوة لاستقبال الشهر الفضيل، فجولة تفقدية في الأسواق الشعبية تكفي وتلخص انهماك العائلات تحضيرا لهذه المناسبة، و لعل تهافت النسوة على كتب الطبخ على اختلاف أنواعها المحلية والعربية والعالمية، الميزة الغالبة و الصورة المشتركة لجميع الأسواق الشعبية في مختلف مناطق الوطن. وكذا ارتفاع مؤشر الإقبال عليها من طرف النسوة اللائي تهافتن عليها بغية التنويع في الأطباق الرمضانية. كما أن الظروف المعيشة الصعبة و فقر غالبية الأسر الجزائرية، يشكل دافعا للكثيرين لإيجاد حل تلجأ من خلاله الكثير من ربات البيوت للاسترزاق في هذا الشهر الفضيل، و ذلك من خلال ممارسة مختلف نشاطاتهم التي تقترن أساسا بشهر الصيام خصوصا في كل ما يتعلق بالعجائن و الحلويات التقليدية كالمطلوع و القطايف و الديول و الصامصة..الخ، بحيث تجتهد الكثيرات من ربات البيوت في اقتناء مستلزمات هذا النشاط قبل حلول شهر رمضان الذي لم يعد يقتصر على العائلات الفقيرة بل امتدت إلى شرائح أخرى أصبحت تنافس هؤلاء النسوة.