عن أبي هريرة أن رسول الله قال: (الصيام جنة، فلا يرفث، ولا يجهل، وإن امرؤ قاتله أو شاتمة فليقل: إني صائم مرتين، والذي نفسي بيده! لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه وشرابه من أجلي، والصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها) ومن هذه الصفات نجد: - الامتناع عن الطعام والشراب والجماع وسائر المفطرات؛ من طلوع الفجر الصادق إلى غروب الشمس. - لا يرفث؛ أي لا يتكلم كلاماً فاحشاً، فلا يذكر مقدمات الجماع ولا غير ذلك مما فيه فحش كالكذب، والغيبة، والنميمة. - لا يجهل؛ أي لا يفعل شيء من أفعال أهل الجهل، كالصياح والسفه ونحو ذلك. - لا يجادل، ورد في رواية سعيد بن منصور من طريق سهيل بن أبي صالح عن أبيه: (فلا يرفث ولا يجادل). - يتذكر صومه بقوله: (إني صائم) عند المشاتمة والمقاتلة، والسباب المماراة. - السكوت وعدم الرد عند ذلك. قال الحافظ ابن حجر: لأبي قرة من طريق سهيل عن أبيه: (وإن شتمه إنسان فلا يكلمه)... ولسعيد بن منصور من طريق سهيل: (فإن سابه أحد وماراه) أي جادله. - لا يشتم من شتمه، ولا يسب من سبه: لحديث عائشة: (وأن امرؤ جهل عليه فلا يشتمه ولا يسبه). رواه النسائي. يصومِّون جوارحهم عن المحرمات، كما صوموا بطونهم عن الطعام والشراب، - يصومون أذهانهم وقلوبهم عن كل ما يغضب الله عز وجل؛ من شرك في الإلوهية أو الربوبية أو الأسماء والصفات؛ فلا يعتقدون في حلقة أو تميمة، أو ودعة أو خرزة أو حجاب ... وما شابه ذلك أنه ينفع أو يضر، ولا يعتقدون في خالق مدبر، رازق محي مميت،... غيرِ الله عز وجل، ولا يعتقدون أن أحداً يشابه الله عز وجل في صفة من صفاته، أو في اسم من أسمائه سبحانه وتعالى. - فهم كلّهم لله رب العالمين بأجسامهم وأرواحهم وجوارحهم، وحياتهم ومماتهم وعباداتهم، كما قال الله عز وجل: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين}. - يغتنمون الفرص كلما سنحت، فلا يضيعون شهراً كرمضان؛ فيَدَعُونه يذهب كبقية الشهور، بل إن كانوا يعبدون الله حقَّ العبادة كل الشهور؛ فإنهم في رمضان يضاعفون طاعاتهم، ويزيدون اجتهاداتهم في العبادات، وخاصة قبل انتهاء الشهر الكريم، حيث يقتدون برسول الله في أنه إذا دخل العشر الأواخر من رمضان؛ قام الليل، وشد المئزر، وأيقظ أهله - يعلمون أن هذا الشهرَ شهرُ القرآن لا ينسون هذا، فيتلون كتاب الله عز وجل في صلاة القيام أو في غير صلاة. - يقيمون هذا الشهر جماعة أو فرادى؛ رجاء أن يكونوا ممن قال فيهم الرسول: (من قام رمضان إيمانا واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه). رواه البخاري. - تراهم في هذا الشهر يزيدون من إنفاقهم في سبيل الله عز وجل، فمن صفة النبي أنه كان (أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان جبريل يلقاه كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي القرآن، فإذا لقيه جبريل كان أجود بالخير من الريح المرسلة) - وهم المعتكفون على العبادة طاعة لله جل وعلا، ويخصون العشر الأواخر بالقيام والتهجد، والتلاوة والدعاء والاستغفار. - وهم الصابرون، فقد تعلموا الصبر من شهر الصبر: (إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب)، فمن حفظ جوارحه، وحافظ عليها حتى توفاه الله؛ فإنه يفطر بعد صيامه هذا على ما أعده الله لمن أطاعه من النعيم، وأول ما يلاقيه من ذلك ما يجري للمؤمنين عند الانتقال من هذه الدار إلى الدار الآخرة، حيث يأتيه في آخر لحظاته في الدنيا ملائكة؛ كأنَّ على وجوههم الشمس معهم كفن من الجنة، وحنوط من الجنة، يتقدمهم ملك الموت فيقول: يا أيتها النفس الطيبة! اخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من فِي السقاء.